في حكاويها عن الشخوص والأمكنة ، لم تفلح أمينة الفضل في رسم ملامح شخصيتها ، على الرغم من براعتها في توصيف الشخوص .. ولم تكتب ولو جزءا من حكايتها في هذه الحياة . المفكرة والقلم والكتاب هم أصدقاؤها منذ فترة باكرة إلا أن هذه الصحبة لم تتجه نحو الذات . إن حاولنا أن نكتب جزءاً من حكايتها ، فمفتحاها في شخصيتها الهادئة المتأملة ، فقبل أن تعرفك أمينة تتفرسك جيدا في محاولة سبر أغوار ومحاولة فك أسرار الشخصية التي أمامها وبعد هذا السكوت والتأمل تدخل معك أمينة في ونسة سودانية ضاحكة تشعر معها بالإلفة وعمق المعرفة ، أمينة الى هدوئها تميل الى ثرثرة غير مخلة ، وتبدو على التزام وتدين لا تخطئه العين . فالالتزام بالتقاليد والدين الى ما يشبه التزمت هو الإطار العام الذي خرجت منه الحكاوي الى دنيا العلن أو كما قالت : أكتب بجرأة ولكن أعمل حساباً للمجتمع والتقاليد، وبدون تفلت يمكن أن أقول أية معلومة بأدب وباحترام دون ان أخرج من إطاري . لان المجتمع من وجهة نظرها مهما كانت درجة احتفائه بما كتب تعلم يقيناً انه سيكون سببا في تقييمها وما تكتب ، فحتى الشخص العادي مهما كان تفاعله مع ما كتب سيكون ذلك دليله لا يكون انطباعاً عن صاحبته . بدأت أمينة الكتابة باكرا بكتابة الخواطر ، بعد عدة مشاركات أدبية متفرقة في المدارس الابتدائية والمتوسطة ، ومتفرقة كذلك ما بين المملكة وجدة والسودان الأمر الذي كان له مردود في الجوائز في عدة مسابقات .. هذا المجهود الكتابي لم يتطور الى كتابات مقفية أو شعرية أو كما قالت ضاحكة : حاولت اكتب شعراً لكن ما قدرت . ثم انتقلت من مرحلة الخواطر الى قراءة الشخصيات بل وأصبح لها ملفات في التدوين عن الشخصيات، هذا القراءة تمت تغذيتها كذلك بونسة مع (الحبوبات) ومن هم أكبر منها : تعجبني الأشياء الكلاسيكية وأحب ونسة الحبوبات و كنت كثيرة الأسئلة . ومما لا شك فيه أن هذا المخزون السماعي والشفهي أضاف الكثير الى تجربتها الممتدة في الحكي . إضافة الى ذلك، فقد كانت للغربة دور كبير في تنمية هذا الحكي وتطويره خصوصا بعد تجربة العيش في الداخلية لاحقا والبعد عن الأهل ، فالسكن الداخلي عزز من التصاقها بالكتاب والقلم والمفكرة فقد كانوا اصدقاءها في كل حالتها في حالة الفرح ، الحزن ، الغضب او حتى التوتر . وفي تلك الفترة تحديدا كانت الكتابات تأخذ شكل القيم فقد كانت عن الصدق ، الكذب ، الجمال اضافة الى حوارات مع الطبيعة ، مع وردة مع البحر . اضافة الى ذلك قالت ان تعلقها بالبحر كان شديدا حيث كانت تناجيه وتبثه همومها ومشاكلها ، يقول كثيرون النظر للبحر والمناجين له هم العشاق إلا انها قالت انها تحبه من غير دوافع العشق ، فحياة الريف كما قالت تعمل على تأطير حياة الفتاة باكرا لذلك كان ذلك حبا على مستوى الطبيعة . قالت انها احبت القمر لانه بعيد ومضئ ويكتم الأسرار وأحبت البحر لانه واسع وعميق وفي ذات الصفات كانت تنتظر رجلا : كنت أحلم برجل مثل البحر عميق وواسع وهادئ ?وان كانت الاخيرة في زوجها- .، استدركت لكن الزواج يكسر الطموح . لينا ، الحميراء وعلا زهرات أمينة الثلاث وفلذات كبدها حاضرات معها في نجاحاتها فهن لم يشكلن عوائق امام طموحها او يكسرن لها قلمها فحبها للقراءة والكتابة جعل من مشروع جمع الحكاوي في كتاب امرا سهلا فمجموعة الحكاوي النابعة من المجتمع عبر شخوصه الحية التي لم تضع الرمزية ملامحها ف(بنت الشايب) من البطلات صاحبات الوجود الحي هذا الى جانب انها تمثل قضية بالمجتمعات لا تتحمل الطرق الخجول فتضامن فيها امينة مع صاحبة القضية واستلت قلمها في وجه المجتمع ليرسم صورة المرأة مزدوجة الجنس وتعامل المجتمع معها : سألت مختصين حتى احسن توصيف الحالة فبنت الشايب وضعها مثير للشفقة وكانت نموذجا معنا ايام الدراسة ثم وجدتها مجددا في الحياة العامة على الرغم من عدم سهولة التعرف عليها ، ففي جانب الكتابة المجتمعية ترى امينة المرأة أعمق من الرجل وتستطيع توصيل المعلومة دون اسفاف او جرأة غير مبررة ، فمفردات بسيطة ومهذبة يستطيع الكاتب توصيل رسالته, وترى ان من يراهن على عكس مايدور سرا في الونسات الخاصة فهو يتكئ على عود مائل ولا يتقدم لانه من وجهة نظرها راهن على لا شيء، فحتى افلام المقاولات التي تجذب بعرض العلاقة بين الرجل والمرأة تنتهي سريعا : انا كاتبة ولا أوصف ما يدور بين الجدران ولم أره ولن اترك خيالي يذهب لاشياء أؤثم عليها لكني اقود الخيال الى نهاية قصة دون اسفاف او جرأة في الطرح . ، وحتى في ذلك تفرق امينة بين حياتها الخاصة وما تكتب ، فهي تكتب للجاهل والمتعلم والمثقف والعادي ولا ترى مبررا لان تقحم قارئها في حياتها الخاصة فتجارب الآخرين ومايؤلمها هو مادتها الجاذبة ، اما قصتها هي فلم يأت الوقت بعد كما قالت لتكتبها ولم تستبعد ان تكون متفرقات منها في بعض قصصها : شخصياتي كلها حقيقية واتمنى ان اكون جزءا من شخصياتي. تتجه امينة الى نسق جديد في الكتابة فحكاويها كانت خليطا بين الفصحى والعامية . وما بين يديها الآن يميل الى الفصحى. واشارت الى انها قصة عاطفية : الحب يعطي طاقة ايجابية فكلمة حلوة او كلمة مديح تعطي دفعة ايجابية لكتابة (معمولة بحب)، او طبخة جميلة بنفس حلو .، هي كذلك ليست من انصار الكتابة من اجل التواجد بقدر ما تميل الى التجويد : لا يوجد صحفي يترك الكتابة لان القلم سلاح الصحفي اكتب في صفحتي وفي بعض المواقع لان الصحافة هي من أخرجتني ككاتبة.