شهد تاريخ المواقع السودانية الالكترونية اختراقات كبيرة وخطيرة على مؤسسات حكومية وخاصة بدرجات متفاوتة لكنها متزامنة مع التطور السريع والهائل في مجال تقنية الاتصال والمعلومات الذي تتطور معه الجرائم بصورة متوازية وتستحدث جرائم المعلوماتية كانتهاك دوائر الامن والدفاع القومي والجرائم البنكية، إضافة للجرائم الشخصية المتعلقة بانتهاك الحرمات والتجسس والآداب وإشانة السمعة، نتاجا للانفتاح المعلوماتي وثورة التعليم التي تشهدها البلاد، ومن الجرائم الالكترونية العادية أيضاً نشطت الفترة الأخيرة عملية الاحتيال عبر الهاتف من خلال إرسال رسائل عشوائية. 2012 رقم قياسي بعد أن حذرت نيابة المعلوماتية متمثلة في مولانا عبد المنعم عبد الحافظ وكيل نيابة جرائم المعلوماتية، من انتشار الجريمة الالكترونية، وقال إن الجريمة الالكترونية تهدد الامن القومي والاقتصادي والاجتماعي لجهة أنها تختلف عن الجرائم الأخرى في الأسلوب، وتتعلق بانتهاك الخصوصية وانتحال الشخصية والابتزاز والاحتيال والسرقة والتهديد وإشانة السمعة والقذف، أضاف أن العام 2012 م سجل رقماً قياسياً في جرائم المعلوماتية، وأشار إلى أن المجتمع السوداني بات يعاني كثيراً من مرتكبي الجرائم الالكترونية، وأكد قدرة الأجهزة القانونية على ضبط جميع متهمي جرائم المعلوماتية. دائرة مختصة بالتحقيق دائرة تابعة للإدارة العامة للمباحث الجنائية تسمى دائرة جرائم المعلوماتية تختص بالتحري والتحقيق في هذه النوعية من الجرائم كما توجد نيابة مختصة بعد أن ظهرت على الساحة خلال الفترة الماضية رسائل واتصالات هاتفية مزعجة منها ما يتعلق بالابتزاز ومنها ما يجر إلى هاوية، بجانب عملها الوقائي الكبير المتمثل في جرائم المعلوماتية والإنتربول التي طالبت الجهات ذات الصلة بتشديد القوانين. التخريب بأيدي أجانب ورد بالصحف الأيام الماضية خبر مفاده ضبط أجانب يعملون على تخريب الاقتصاد القومي بسرقة أموال الاتصالات، وأن نيابة التحقيقات الجنائية وجرائم المعلوماتية تمكنت من ايقاف (10) أجانب من جنسيات مختلفة متهمين بالسرقة وتخريب الاقتصاد القومي، باستخدام أجهزة اتصالات ممنوعة تسمى (viop) تعمل على تحويل المكالمات الدولية إلى مكالمات محلية وتتسبَّب في إحداث خسائر فادحة تقدر ب (8) مليارات جنيه فقدتها الهيئة القومية للاتصالات وعدد من شركات الاتصالات الفترة الماضية، وتولى التحري في البلاغ فريق مختص يتبع لنيابة التحقيقات الجنائية وجرائم المعلوماتية برئاسة المستشار معاوية عيسى وإشراف المستشار عبد المنعم عبد الحافظ وكيل أول النيابة، ووجهت النيابة تهماً تحت المادة (13) من قانون جرائم المعلوماتية والمادة (174) من القانون الجنائي، كما تم وضع الأجهزة المضبوطة كمعروضات في البلاغ، وأشارت النيابة في تقارير خاصة إلى خطورة جرائم المعلوماتية واعتبرتها من أخطر جرائم العصر، وأكدت أنها تمكنت من تحقيق نتائج كبيرة في البحث الجنائي لجرائم المعلوماتية المستحدثة، وقالت إنه بعد إكمال الإجراءات ستقدم الجناة للمحاكمات. تشابه بين التقليدية والالكترونية تتشابه الجريمة الالكترونية مع التقليدية في أطراف الجريمة لجهة أن أطرافها مجرم صاحب دوافع وضحية ربما تكون شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً بينما يكمن الاختلاف الحقيقي بين نوعي الجريمة في أداة ومكان الجريمة، وفي الجريمة المعلوماتية تكون الأداة ذات تقنية عالية ولا يتطلب مكان الجريمة انتقال الجاني لمكان المجني عليه انتقالاً فيزيائياً حيث تتم أغلب الجرائم عن بعد باستخدام خطوط وشبكات الاتصال بين الجاني ومكان الجريمة .. ومما سبق فان التعريف الجامع الذي يمكن استخلاصه للجريمة المعلوماتية هو أنها الأنشطة والأفعال الاجرامية التي تصدر عن إرادة جنائية باستخدام الحاسوب وشبكاته وتقنية المعلومات لأجل الاعتداء على أموال أو أنفس أو عرض أو أي حق آخر يحميه القانون ويجعل الاعتداء عليه جريمة يقرر لها عقوبة أو تدبيراً احترازياً. يرى المهندس أحمد عثمان خالد، أن هنالك عدة اساليب وحيل يستخدمها المجرمون وتتطور بتطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا مثل صناعة ونشر الفيروسات التي تعد الجريمة الأكثر تأثيراً وانتشاراً وتعتمد على شبكة الانترنت التي أصبحت تدخل في أعمالنا وبيوتنا وحياتنا اليومية وتؤدي إلى حذف المعلومات أو تعديلها أو نقلها إلى أجهزة أخرى أو إحداث بلبلة وخسائرا ومادية كبيرة وتعطيل الأجهزة وعمل المؤسسات بكافة أنواعها، ومن أخطر الجرائم المعلوماتية هي التي تمس الأخلاق وتشويه السمعة بنشر معلومات تحصل عليها المجرم بطريقة غير مشروعة أو معلومات مغلوطة وتهدف إلى كسب مادي أو سياسي أو اجتماعي معين . يقول الخبير الالكتروني محمد الحسن، إن انتشار وتوسع اطار الجريمة الالكترونية في السودان أمر ليس مستبعداً في ظل التطورات والقفزات الالكترونية الهائلة التي تشهدها البلاد بالرغم من وجود قانون لجرائم المعلوماتية وعقوبات رادعة لمرتكبي الجريمة إلا أن الأمر يتطلب كثيراً من الجهد من قبل القائمين على أمر التكنولوجيا والتقنية في السودان، وأضاف : إن انتشار الجريمة الالكترونية يؤدي إلى خلل عام قد يهدد المجتمع كله في اقتصاده وسيادته وأمنه القومي بما يتطلب حماية المواقع المهمة والاستراتيجية من خلال استخدام التقنيات المتطورة ووسائل الكشف المبكر عن عمليات الاختراق والتطبيق العملي للقانون ربما يكشف كثيرا من الحالات في الواقع والتي لا يقابلها نص فعلي ومن المحتمل أن يحتاج القانون لإضافة لأن عمل الحاسوب والمعلومات متطور ولا بد من ظهور حالات جديدة وهذا وضع طبيعي لتطور المعلومات والتقنيات. الرؤية القانونية في الإطار العام للقانون أوضح الخبير القانوني أ. محمد بيرم، أن جرائم المعلوماتية تشمل مجموعة واسعة من الافعال غير القانونية حددها قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007 م في دخول المواقع وأنظمة المعلوماتية المملوكة للغير، والتنصت أو الالتقاط أو اعتراض الرسائل، وجريمة دخول المواقع عمداً بقصد الحصول على بيانات أو معلومات أمنية، إيقاف أو تعطيل أو اتلاف البرامج أو البيانات أو المعلومات أو الانتفاع دون وجه حق بخدمات الاتصال، والاخلال بالنظام العام وبالآداب من خلال انشاء ونشر المواقع الهدامة للمثل والاخلاق والقيم السودانية، و جريمة نشر المصنفات الفكرية والاتجار في الجنس البشري أو الترويج للمخدرات والمؤثرات العقلية وغسيل الاموال، وجرائم المعلومات من الصعب اكتشافها وتحتاج إلى خبرة فنية وتقنية وطرق خاصة في التحري وجمع البيانات. وأشار إلى ان القانون يحوي عقوبات صارمة تصل حد السجن والغرامة، ولكن بالمقابل نجد أن البلاغ عن الجرائم الالكترونية ضئيل جداً مقارنةً مع أعداد المستخدمين للتكنولوجيا والمعلوماتية في السودان. على كلٍ ، تعد جرائم المعلوماتية التي تبدو أكثر نشاطاً في الفترة الماضية تحتاج إلى وضع قوانين مناسبة وطرق ووسائل اكتشاف تناسب تطور آليات التقنية المستخدمة في الجريمة نفسها خاصة وأن الجرائم الإلكترونية من أخطر الجرائم لجهة مساسها بجوانب حساسة من حياة البشرية.