قبل ظهور الطاهر هواري ، كان المهندس عصام مسكين يقاتل وحيدا من أجل كلمة حق وسط حلقة النفاق التي تتسع دائرتها يوما بعد يوم مع ازدياد اعداد المنافقين ( والملقنجية)، تعرض عصام مسكين لحرب قذرة ، كان هدفها الاساسي اغتياله معنويا ، لأنه خالف التوجهات السائدة التي تعتمد على البصم بالعشرة على ما يجري حتى لو جاء مخالفا للقناعات والمباديء والقيم ، في زمن أصبحت فيه المناداة بهذه الأشياء مثارا للسخرية والتندر يسودون بها المساحات مدفوعة القيمة ، التي حولت المهنة إلى مسخرة . ملعب عصام مسكين كان انتقاد الأوضاع الإدارية التي أثرت بصورة مباشرة على كل ما يتعلق بالمريخ ، وظل الرجل يقاتل في هذا الملعب وحيدا مع بعض الدعم الخجول هنا وهناك ، وجوده كان يعطي المريخ شيئاً من الحياة في ظل الموات الجماعي الذي يعيشه ( نعم .. حاضر .. نعم ... حاضر .. كله تمام .. مافيش مشاكل .. الوضع مستقر .. الامور تسير على أفضل ما يكون .. في قروش مافي كلام ) وهجوم وضيع على كل من يفكر في قول كلمة (لا) ، محاولات يائسة رغم الإمكانيات والسيطرة على المساحات الإعلامية لإضفاء قدسية على عمل عام يصورون من يقوده وكأنه بلا أخطاء ، ويظهر اليأس والأرضية الفكرية الهشة التابعة الذليلة عندما يظهر صوت يعلو بكلمة (لا) ، يتسابقون بانحطاط لا تخطئه عين لتقديم فروض الولاء والطاعة ، في زمن تدفع فيه الفواتير غصبا ، وإلا فإنك لن تجد مكانك لأن (لعلاعاً) أكبر جاهز لملئه بكفاءة أكثر . بل إن بعض الادب السائد في هذه الأجواء مصطلحات مثل ( ما تدقس وتنوم) لأنك ممكن ما تلقى مكانك. . أحكموا سيطرتهم على المشهد فلم يعد للمعارض مكان فهو إما بعيداً بعد قناعة بصعوبة الاصلاح ، أو متفرجاً يقترب ويبتعد حسب الظروف ، ولكنه لا يقول (لا) إلا في المجالس الخاصة ، أخذ من أدب المرحلة النفاق يظهر في الإعلام بكلام منمق لا تفهم منه شيئا. وصلت السيطرة إلى كل وسائل الإعلام ، لا مجال لحديث إلا طيب وإن أخطأت جهة إعلامية بتجاوز الخطوط الحمراء تندم على اليوم الذي سمحت فيه بذلك ، ويحدثنا التاريخ عن أعداد من الصحفيين تعرضوا لانواع من التضييق والتشريد ، ومنهم من ترك لهم الجمل بما حمل وترك البلد ورحل ، وما يحدث في الصحافة من قياداتها يستحق التوثيق له بشجاعة لفضح كل الممارسات الحقيرة التي أقعدت بالمهنة وحولتها إلى سوق للنخاسة . وسط هذه الأجواء العكرة تقدم رجل من رحم النادي ، ، ابن من أبنائه ، آخر الرجال المحترمين ( الكابتن الطاهر هواري) ، استفزه الحال المايل ، وضياع الهيبة واختلاط الحابل بالنابل ، والتصنيفات التي وصلت حتى لاعبين أجانب (بدون ورق) ، فأصبح الوطني الحيطة القصيرة ، والاقرب هو السيد والخط الاحمر الذي لا يستطيع أن يقترب منه أحد إلا إذا غضب عليه السيد ،هنا تتحول فرقة حسب الله مسلوبة الارادة مهزومة القرار ، إلى (منفذ) حسب المزاج ( زعلان؟ نزعل بالنيابة عنك .... فرحان؟ نفرح بالنيابة عنك؟) . تقدم الطاهر هواري واعلن موقفا قويا وصاح بأعلى صوت (لا وألف لا) ، فاهتز المكان وارتجفت الأقلام ، وتحركت الآلة لتدوس صوته وتسكته ، فلا مجال لكلمة (لا) في هذا المكان ، هنا غير مسموح سوى بكلمة (نعم) أو حاااااضر ، وإلا فلتغادر، سامع يا طاهر ؟