الذكاء الإداري كان يتطلب من لجنة تسيير المريخ عدم التعليق على الخطوة التي اتخذها كابتن الطاهر هواري لاعب المريخ السابق بتقديم بلاغ لدى محكمة الجرائم الموجهة ضد الدولة، لأنّ التصريحات التي خرجت من اللاعب العجوز عصام الحضري تُعتبر تصريحات شخصية مسؤول عنها مسؤولية كاملة ومباشرة، ولا علاقة للجنة تسيير المريخ بها من قريب أو بعيد، خاصةً عندما تتطوّر هذه التصريحات إلى (بلاغ) ومحاكم، فلجنة تسيير المريخ بالقانون ليست طرفاً في هذه القضية، لأنها بين شاكٍ (الطاهر هواري)، ومتهم هو (عصام الحضري)، وأياً كانت طبيعة الشكوى فاللجنة ليست طرفاً فيها، إلا في حال تمّت الاستعانة بها أثناء القضية كشاهد (إتهام أو دفاع). وبالتالي فإنّ تصريح أمين عام اللجنة الذي قال فيه: (نرفض بشدة التعرض للحارس عصام الحضري وقادرون على حماية لاعبينا) لا مكان له من الإعراب فماذا سَيفعل في حال تحرّكت القضية وأصبحت واقعاً؟ الإجابة لن يفعل شيئاً، أما حكاية (قادرون على حماية لاعبينا) فهو حديثٌ للاستهلاك ليس إلاّ، يؤكد على الهرجلة التي تحكم عمل اللجنة. من المفارقات في هذه القضية أنّ الشاكي (الطاهر هواري) بنى قضيته على حق عام يمكن أن يقوم به أي مواطن، وهو الدور الذي يفترض أن تقوم به لجنة تسيير المريخ (المعينة) بالدفاع عن حق المريخ العام، ولكن لأن حسبة اللجنة اعتمدت على ما قاله اللاعب العجوز (الإساءة لعصام الحاج والدفاع عن جمال الوالي) اختارت اختزال المريخ في شخص جمال ولم تنظر للحق العام. في الغالب لا تتدخل الإدارات المحترفة في القضايا الخاصة بمسؤولية اللاعب أو المدرب الشخصية، وإنْ تدخلت لا تكون جزءا من القضية وتتحرّك خلف الكواليس ولا تضع نفسها في وجه المدفع بتبني القضية، وإصدار البيانات، وتحويلها من قضية شخصية خاصّة بلاعب إلى قضيتها الشخصية، وهذا لا يصدر إلا من إدارات مثل لجنة تسيير المريخ (المعينة) تعاني أشد المعاناة لتصل إلى (ألف باء) إدارة. وهناك أمثلةٌ كثيرةٌ تفصل بين المسؤولية الشخصية والعامة في كرة القدم، وأقرب مثال لذلك، ما حدث بين العم الحضري ومدربه في ذلك الوقت بالنادي الأهلي البرتغالي مانويل جوزيه عندما هاجم الأخير الحضري في العام 2009 ووصفه بعدم الولاء للنادي وأنه على استعداد لبيع أي شئ مقابل المال حتى أهله وأسرته، وترتب على هذا التصريح أن قام الحضري بفتح بلاغ في مواجهة مانويل جوزيه متهماً إياه بالسب والقذف، ما يهمنا في هذا الأمر الموقف إدارة النادي الأهلي التي لم تظهر في الصورة الإعلامية، ربما كان لها موقف داخلي مع المدرب واللاعب، بحكم اللائحة التي تحكم العلاقة داخل النادي، ولكنّ الإدارة نفسها لم تكن جزءا من الصراع الدائر بين الطرفين ولم تمنع الحضري من حقه الخاص في تقديم شكوى قانونية ضد مدربه بتهمة السب والقذف. وهنا الفرق بين الإدارة المحترفة ومن لا يعرفون (ألف باء) إدارة، وهناك مثالٌ آخر له علاقة بالسلوك الشخصي من لاعب أو مدرب ينتمي لنادٍ، ما حدث اخيراً لأفضل لاعب في العالم ليونيل ميسي والاتهام الموجه له هذه الأيام في اسبانيا بالتهرب من الضرائب المتهم فيه مع والده وهو وكيل أعماله والتي قد يتعرّض فيها للسجن عددا من السنوات، فالقانون قانون لا يعرف نجماً ولو كان أفضل لاعب في العالم، ولا يعرف البيانات والتصريحات المضحكة من على شاكلة (نرفض بشدة وقادرون على حماية لاعبينا)، لم تظهر إدارة برشلونة في الصورة ولم تصدر بيانات ولم تجعل منها قضية واستهدافا للنجم العالمي، وتركت القانون يأخذ مجراه. الإدارات الكبيرة والمحترفة تعرف متى تصمت ومتى تتحدث، والإدارات الصغيرة مثل لجنة تسيير نادي المريخ تتحدث طوال الوقت بدون معرفة، فتقع في الأخطاء المُضحكة.