لم أكن متفائلاً بنجاح زيارة الدكتور رياك مشار نائب رئيس دولة الجنوب الذي لا يثق فيه كثيراً.. ولا في معظم ابناء قبيلة «النوير» من القياديين.. في البدء كنت متفائلاً باعلان زيارة الدكتور رياك مشار للخرطوم.. ولكن هذا التفاؤل تراجع كثيراً.. عندما لفت نظري اهتمامه بالعلاقات والدعوات الاجتماعية.. والتي لا تقدم شيئاً سوى كرم أهل هذا البلد العظيم.. عدم تفاؤلي بعد وصوله الخرطوم تذكرت ان الدينكا بقيادة سلفاكير هم الذين يقودون دولة الجنوب، وهم الذين يتخذون القرارات المهمة، خاصة قرار الحرب والسلام وتعلمون أيها السادة ما حدث قبل أشهر بين سلفاكير ورياك مشار عندما اعلن مشار عن نيته في الترشيح لرئاسة الدولة .. وكاد سلفاكير ان يزج به في غياهب السجون أو التخلص منه بطريقته المعروفة في دولة الجنوب.. اصابنا د. رياك مشار بخيبة أمل كبيرة عندما فشل في اتخاذ قرارات تخفف التوتر بين السودان والجنوب عندما فشل في حل أية مشكلة من المشاكل التي خلقتها الحركة الشعبية ضد السودان إذ لا تزال حالة الحرب بين البلدين مستمرة . لقد فقد الشمال والجنوب الدكتور جون قرنق الذي رحل فجأة.. وعندما كان يحكم السيطرة على الحركة الشعبية وجيشها الشعبي لم نسمع أي صوت يخالف صوته أو يعلو عليه.. لقد استسلم حكام دولة الجنوب للاجنبي بل رهنوا ارادتهم له تماماً.. بل اصبحوا يقدمون له المصالح والقواعد.. ويقدم لهم السلاح والمال والدعم اللوجستي.. ان عدم الوفاء وعدم الالتزام بالعهود والمواقف صفة أساسية لدى حكام دولة الجنوب.. والأخيار منهم منعوهم من السلطة وحتى المواطنة، وهذا امر مؤسف للغاية.. وحتى يصبح التوتر بين البلدين قائماً، وتتواصل هجمات الحركة الشعبية وتستمر .. وحركات دارفور تواصل تخريبها في دارفور الجميلة.. ورغم ذلك نطالب الدولة بمد حبال الصبر على اولئك المتزمتين والطامعين في حكم السودان كله.. حتى نثبت للعالم أجمع اننا نملك ارادة سياسية وراغبون في تحقيق السلام مهما طال الزمن، والذي سيكون في غير صالح حكومة الجنوب، وفي نفس الوقت يجب ان نعد انفسنا جيشاً وشعباً للدفاع عن هذا الوطن العزيز الذي اعطى أهل الجنوب كل ما يريدون، بل أكثر مما يستحقون.. ولكن طبيعتهم عدم الوفاء ونحن ننتظر ونأمل ان يأتي يوم تغير فيه حكومة دولة الجنوب ويبتعد هؤلاء بعيداً عن السلطة وعن مركز القرار.. الآن دولة الجنوب تحكم شعبها بالحديد والنار، وبقوة السلاح وبارهاب الدولة، وما أفدح ارهاب الدولة ضد مواطنيها الشرفاء.. لقد خيب ظننا رياك مشار .. وجاء إلى الخرطوم وهو يتذكر خلافاته مع سلفاكير التي عفته من أي انجاز حقيقي بين السودان ودولة الجنوب، حتى يحسبه أهل الشمال بطلاً للسلام، وهذا ما لا يريده سلفاكير.. وسلفاكير نفسه لولا رحيل قرنق لما وصل إلى هذا الموقع لأن الصدفة وحدها خدمته.. وكان قرنق يريد ان يرسله في بعثة خارج دولة الجنوب لكن الأقدار وسلفاكير لعبا دوراً أساسياً كما ذكرت كثير من المصادر في انها لعبت دور أساسياً في غيابه عن المشهد السياسي.. ولو كانت المباحثات القادمة في جنوب السودان بين الاستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية مع د. رياك مشار .. فننصح السيد النائب الأول بعدم تلبية تلك الدعوة.. لان لا خير فيها في وجود سلفاكير ومجموعته.. والله الموفق وهو المستعان..