عندما شكوت لاصحاب الحلقة بالجامع بأن المياه وصلت هذا الصباح ملونة وبطعم الأرض، قال لي أكثرهم (انت محظوظ نحن مواسيرنا حلوقها جافة منذ أيام).. يحدث هذا في أحد من احياء العاصمة الذي يعد راقياً، فما بال الاطراف والمناطق الفقيرة !! ويحدث هذا أيضاً بالرغم من ان مياه النيل ما زالت ساكنة وامطار الخريف محبوسة في مزنها، وكان رعاة مياهنا يتعللون كل عام بأن فيضان النيل هو السبب في تغيير لون المياه، ويحاجون في الخريف بأن الامطار المتدفقة إلى النيل تكسب المياه طعم الأرض.. وإذا كان هذان السببين لم يحن الاحتجاج بهما بعد، فإننا موعودون في شهر حصاد الأعمال الصالحات شهر الريان الذي اطل علينا بانقطاع مكثف للماء من المنازل، وايضاً من المساجد، وقد اصاب المصلين الرهق العام الماضي عندما رأى أحد الائمة في مسجد فاروق يتيممون للصلاة فافتى ببطلان ذلك، مادام النيل الأزرق على مرمى حجر من الجامع، ويشاهد بالعين المجردة من مكان الصلاة، ومن المعروف ايضاً ان استهلاك الماء يتضاعف في رمضان وليس العكس كما يدعي ويعتقد بعض ولاة السلطة عندما يحدث قصور في امدادات المياه، خاصة وان الشهر الكريم يحل هذا العام في الصيف بعد ان تداخلت وتغيرت المناخات، وصحيح انه كان في الماضي يقل استخدام الماء للحمام لان كل العاملين في الدولة واصحاب السوق كانوا يتجهون في رمضان إلى النيل للاستحمام بعد ساعات العمل وإلى ان تقترب ساعة الأفطار، ولكن هذا اصبح مستحيلاً مع أزمة المواصلات حيث يهرول الناس إلى مواقف البصات من المكاتب مباشرة والمحظوظ من يصل إلى منزله قبل مغيب الشمس.. كنت سأورط القارئ معي عندما هممت قبل اسبوعين بتسطير هذه الزاوية وابشره بان مشاكل المياه لن تتكرر هذا العام خاصة في رمضان، لاني كنت اتردد على مكتب احد المسؤولين في مفصل مهم، ولم اجده ويأتي الرد بأنه في موقع مياه «شبكة» مياه الخرطوم، ولكن يبدو أنه كان في مكان آخر لا علاقة له بهذا الماء الملون مثل الشفق والمشبع بطعم الأرض ..