تقول الطرفة إنّ شخصين مخمورين _ حماكم الله_ غرقا في السكر في ليلة قمرية ،وعندما خرجا في طريقهما كلٌ إلى منزله ،فوجئا بالقمر بازغاً يفيض نوره ،فأخذا يتجادلان يقول أحدهما إن الذي يراه هو الشمس ،بينما يتمسك الآخر بأن الذي أمامه هو القمر ،فيحتدم بينهما النقاش ويتوصلا إلى أن يحتكما لأول قادم ليفتيهما ،وكان أول من قابلاه متعاطياً لمخدر مغيب الوعي ،فعندما سألاه كانت إجابته ( آسف ،والله أنا مش من البلد دي) ،هذه هي حالة السلطات المصرية التي تمخضت عنها حركة الثلاثين من يونيو ،مع أنها غير فاقدة للوعي لكنها تجيب عن الأحداث الجسام وكأنها ليست واعية ،فتنكر ما هو واضح ومعلوم بالضرورة وضوح الشمس في رابعة النهار لكنها تراوغ في الاعتراف بها وكأنها تقول ربما هي القمر ،فمذبحة الحرس الجمهوري أكبر فضيحة في عملية 30 يونيو المدعومة بالجيش والإعلام المجيش ،يُقتل أكثر من خمسين من المتظاهرين السلميين أثناء أدائهم صلاة الفجر ويصاب المئات ،فتنقل الجزيرة الحدث وعمليات الإنقاذ الطبي على الهواء مباشرة رغم التضييق الأمني ومنعها من البث ،فتضاف سوءة جديدة إلى سوءات السلطة الانقلابية ،تم اختيار التوقيت الصعب الذي لا يكون فيه أي اهتمام أو متابعة إعلامية عند الفجر بعد ليل سهرت فيه مصر على ثلاث جبهات مؤيدة لمرسي ومعارضة له في الميادين وفئة ثالثة تراقب من منازلها ،لكن التربص تم فضحه ،وردة الفعل الإعلامية الأولى التي تابعناها من السلطات المصرية حملت تناقضاً،فقد أعلن التلفزيون المصري أن مجموعة إرهابية حاولت اقتحام مقر الحرس الجمهوري ،ثم في الوقت ذاته صرح مصدر عسكري لوكالة (أي بي) الإخبارية أن ما حدث هو بسبب إطلاق مسلحين النار على المتظاهرين وقتل خمسة منهم ،ثم تأتي رواية أخرى في الإعلام شبه الرسمي أن الإخوان هم من يقتل بعضهم بعضاً لكي يثيروا شفقة العالم ،هذه الروايات المتناقضة تجعل السلطة وكأنها (مش من البلد ) ،فليس معقولاً ألا تعلم السلطة بما يجري وبمن يفعل ذلك ،وهي سلطة حاكمة ،ما يعني فشلا في فرض الأمن ،ليقيم المتظاهرون مؤتمراً صحفياً يوضحون فيه بالصورة وشهود العيان ملابسات الحادثة . حاشية : المشهد السياسي للانقلاب متعثر جداً فالخلافات على رئاسة الوزراء محتدمة ،والمجزرة التي أريد لها أن تفض الاعتصام حتى تعلن الحكومة الجديدة والميادين خالية لكسب التأييد الخارجي رسمياً ،لكنها عصفت بالشراكة فسحب حزب النور السلفي يده من دعم الانقلاب ،وطالب رئيس حزب مصر القوية المتحالف مع الانقلاب طالب الرئيس المؤقت عدلي منصور بالاستقالة بسبب المجزرة التي حمل أبو الفتوح مسئوليتها للسياسي ،إذاً فقد حلفاءه الداخليين وستفقده المجزرة السند الخارجي ، وجعل الجيش طرفاً ليس في السياسة لكن في الصراع ،مما يجعل مصر في مأزق كبير.