أزمة المياه التي تعاني منها أحياء عديدة في الخرطوم سببتها هيئة مياه الولاية بزيادة العكورة في المياه و التي تمت حسب الهيئة (( بصورة مفاجئة و غير مألوفة )) و لا أعلم وجه المفاجأة و الخروج على المألوفة في سريان مياه أطول أنهار الدنيا و أكثرها عرضة لمحطات الرقابة و المتابعة. و غير المحطات الأرضية تطورت سبل رقابة سريان المياه إلى وسائل حديثة و دقيقة ترصد حركة المياه بالثانية و الدقيقة و اليوم. العكورة في مياه النهر لا يمكن ان تحدث بغير الطمي الذي يأتي مع المياه و هذه تسببها الأمطار التي تهطل في الأحباس العليا للنهر و لم نسمع أن أمطار ( فجائيا و أكثر من المعدل ) هبطت هنالك بالقدر الذي يفاجئ أهل الخرطوم و أرصدتهم و وسائل الرقابة على المياه و تدفقها. مجلس إدارة هيئة المياه اجتمع الشهر المنصرم و تلقى تقارير عن الاستعدادات المبكرة للهيئة لهذا الخريف هذه الاستعدادات لا قيمة لها إذا لم تتصد (( للمفاجآت )) إذا كانت هنالك مفاجآت إن المؤسف أن يعاني سكان الخرطوم من أزمة مياه معلوم مسبباتها إذا كانت بسبب النهر الذي يفيض و يتدفق في أوقات معلومة من العام و تقديرات المياه فيه ممكن و متابعتها و معرفتها بدقة ميسرة. و الخرطوم ليست على الحدود مع اثيوبيا حتى تصلها كميات كبيرة من المياه تفاجئها و تحيرها. إن الأزمة الكبيرة ليست في العكورة و لا انقطاع المياه فقد تعود الناس على هذا للأسف الشديد و لكن الأزمة و الخطورة أن يفقد الناس الثقة في المعلومات التي تقدم لهم و في التبريرات غير المقنعة و هذا يؤدي لفقدان الثقة في إمكانية تقديم الحلول المقنعة و الشافية للأزمات المؤسسات المهمة في ولاية الخرطوم اضحت كثيرة الحديث و الوعود التي تتطاول على الناس تتكرر أزمة المواصلات في الخرطوم و تتمدد و تتطاول أزمة النظافة و تتمدد. تمدد الوعود يصيب المسؤولين في مقتل الفشل و الخطأ ليس عيبا بل العيب في العجز عن المخاطبة التي تتسم بالإقناع و الشفافية. سيكون مقنعا أن ينعقد مجلس إدارة المياه و يجري تحقيقا و محاسبة و يتوصل إلى نتائج تقنع الناس بالأسباب التي تقدم لهم و تمكن من الوصول إلى حلول ناجعة و سريعة. و أيضا لا يجوز في حق مؤسسة تعمل في خدمة الناس وتضع لهم وسيلة لمخاطبتها ثم لا يجدون من يرد عليهم و على اسئلتهم خاصة إذا قال المخاطب أن المحادثة (( مسجلة لأغراض الجودة )) و الجودة يا جودة الله تبدأ من الرد على المواطنين، يكفي الرد إذا لم تكف الأفعال.