عندما ضاقت الهند ذرعاً من تنامي جرائم الاغتصاب بدأت تفكر بصوت عالٍ في سبيل إنهاء هذه الجريمة القذرة.. كل جهة أخذت تدفع بمقترحات للتعامل مع الواقع المخيف.. المنظمات المدنية.. القوى الاجتماعية.. الأحزاب السياسية.. لم يمارس أحدٌ التواطؤ بالصمت حيال ما يضرب المجتمع من ممارسات أذهبت النوم من أعين الناس.. كل القوانين وضعت في السهلة وأصبحت عرضةً للتعديل الذي يحفظ الإنسان بعيداً عن متناول المرضى المغتصبين. الأسبوع الماضي ذكرت التقارير أنّ أحزاباً سياسية هندية تدرس سن قوانين أكثر صرامة ضد مرتكبي جريمة الاغتصاب، بينها عقوبة الخصي الكيميائي وإجراء مُحاكمات سريعة. كل هذا الحراك فجرته قضية اغتصاب جماعي وحشي لفتاة في نيودلهي أحدث صدمة وسط الهنود خاصةً وانه لم يكن الجريمة الأولى التي تهز أمن المجتمع.. الفتاة توفيت لاحقاً بالطبع حيث بدأ بعد ذلك التفكير في كيفية الحد من جرائم الاغتصاب. حزب المؤتمر الوطني، الذي يقود الائتلاف الحاكم ? في الهند - طبعاً بدأ دراسة مقترحات تشمل (الخصي الكيميائي) والسجن لمدة تصل إلى «30» سنة للمدانين في جرائم الاغتصاب.. الحزب الحاكم التقى كذلك مع حزب المعارضة الرئيسي بهاراتيا جاناتا (بي جيه بي) في الدعوة إلى إجراء إصلاحات قانونية تكفل محاكمات سريعة لمغتصبين. واقعنا في السودان ليس أحسن من الهند، بل أسوأ بكثير إذا علمنا أنّ بلاغات جرائم الاغتصاب التي شهدتها الخرطوم وصلت قرابة الأربعة آلاف بلاغ في العام المنصرم، مع أهمية الانتباه إلى أن هذه الجرائم تتطور في أساليب بشاعتها عاماً بعد عام. قبل فترة كان القراء يطالعون حكماً أصدرته محكمة الأسرة والطفل بأم درمان قضى بالإعدام شنقاً والسجن «10» سنوات ل «13» مداناً استدرجوا قاصراً تبلغ من العمر «13»عاماً وتناوبوا على اغتصابها بهمجية ووحشية أدت لإزالة بكارتها، الإعدام كان ل «7» بين المتهمين. قبل هذا اليوم كانت محكمة الاستئناف بولاية الجزيرة تعدل الاتهام والعقوبة في مواجهة متهمين اثنين أُدينا في قضية اغتصاب صبي يعمل بائعاً للفواكه بإيقاع عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت بدلاً عن السجن «10» سنوات التي أوقعتها عليهما المحكمة الابتدائية. من الواضح أن آليات القانون تطورت كثيراً عن السابق، فقانون الطفل للعام 2010م جاء مستصحباً لاتساع دائرة جرائم اغتصاب الأطفال بعد تعديله على نحو استوعب حاجة المجتمع لتشديد العقوبة على مرتكبي جرائم الأطفال، ونأمل أن تنعكس أحكام الإعدام التي صدرت في حق العديد من المتهمين في خفض معدلات الجريمة. ما يجب أن نقوله هو أنّ التعويل على الجلاد وحده لن يفيد في محاصرة ظاهرة من الواضح جداً أنها ازدادت الآن كماً وكيفاً رغم الرؤوس التي قطفها القانون، في جريمة (الشياطين ال 13)، تحول الاغتصاب إلى (جماعي) وهذا أمر ينطوي على خطورة ماثلة تستفز وعي المجتمع ومؤسساته الرسمية والسياسية والاجتماعية. الحاجة أكبر من القانون الذي ندعو لتشديده أكثر وأكثر.. فمرتكبو هذه الجريمة يفترض أن يُشنقون في الميادين العامة حتى يكونوا عبرةً وعظةً لكل من تسوّل له نفسه العبث بطفولة بريئة واللعب بأعراض الناس بوحشية وقذارة لا تمت للإنسانية بصلة.. نحتاج إلى مبادرات توعوية وبرامج تربوية تخاطب وعي الناس وتحصن المجتمع ضد مرض (الشياطين ال 13).