السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات حارتنا
نشر في الرأي العام يوم 20 - 07 - 2013

هذه حكايات تنفتح على كل الوطن، ربما تأتي من الماضي، أو ربما الآن. ولكنها في كل الأحوال هي رؤيا للمستقبل. يسردها ضمير غائب ولكنه حاضر يشهد على كل الأزمنة.. وهي في نفس الوقت تصوير للخاص والعام معاً.. هي خيال خلاق، يجمع بين المحلي والكوني وينبض براهنية عصرنا الحديث. إذاً هي قراءة للحياة، في نقطة التماس بين القومي والكوني.. لذا تصلح لأن تكون مفتاحاً لتفسير الراهن!
«المحرر»
الممثل محمد عبد الرحيم قرني
* أحياناً تتوهج قدرات الممثل ويبلغ القمة في اداء دور تمثيلي داخل عمل درامي بسبب ان النص الدرامي كله مكتوب بشكل متقن. واحياناً يكون نجاح الممثل بسبب الطاقم المشارك في كل العمل. فنجاح دور ممثل قد يشارك فيه عنصر آخر من عناصر العمل. ولكن هنالك قدرات تمثيلية هائلة أحياناً تقوم هي وحدها بحمل مسؤولية كل العمل، واحياناً يكون لها دور قد يصغر او يكبر في دفع العمل الى مرافئ النجاح. وفي ذات الوقت هناك ممثلون أصحاب قدرات ابداعية عالية، يعطون ادوارهم الوهج والالق الذي يخطف الابصار وهنا يبرز الفنان الممثل الرائع محمد عبد الرحيم قرني . وهو صاحب موهبة شديدة الوهج ... موهبته كبيرة تذكرني بالممثل الامريكي العبقري من طلائع السينما في هوليوود الذي كان يقوم بالادوار الصعبة وكان دوره يخطف الأنظار. . فكان اورسون يلز يقدم ادواراً مركبة وثرية بالانفعال الانساني المتوتر احياناً والهادئ احياناً .. كان اورسون ويلز يؤدي ادوار الشر بتفوق كما يؤدي ادوار الخير بذات القدر من العادية. ومن ثم فان اداء قرني يمكن ارجاعه لما يسمى (بمدرسة الممثل) كأن يؤدي الدور دون تمثيل وهو خلق نوعا من الطبيعية والعادية. وهي المدرسة التي أسسها المخرج (يليا كازان) .
الانفجار الروائي
* كان الناقد مجذوب عيدروس قد وصف هذا الكم الهائل من الروايات الادبية السودانية التي غزت اسواق الخرطوم، بانها انفجار روائي. وهي بحق ظاهرة ثقافية جديرة بالوقوف عندها. فكل هذا الكم الهائل لروائيين جدد، وأغلبهم يكتب لاول مرة. وأغلبهم لا يملك تجربة او تقنية على درجة من النضج والتميز. وهكذا تتدفق سيول الرواية عاماً بعد عام دونما ان تلفت إحداها انظار النقاد ودونما ان تضيف شيئاً. وتكتمل صورة الظاهرة هذه بان يختفي هذا الروائي عن الساحة الابداعية تماماً. ضف الى هذا الوضع اللا مجدي ان هناك من الكتاب الجدد والذين يفوزون في مسابقات روائية وقصصية ولكنهم يختفون بدورهم ويتوقفون عن الكتابة.. وتصبح المسألة غير مجدية بكاملها .. فعلينا اذاً بمتابعة جادة لهؤلاء الكتاب و لابداعاتهم و نقدها و الحرص عليهم.. إذ لا يكفي ان نكتشفهم ، بل علينا معالجة الصعوبات التي تواجههم. وهناك من يستطيع ان يقاوم وان يقف على قدميه بجهده وعزيمته فنكسب مبدعاً كما حدث مع بركة ساكن والصويم وآخرين أضافوا للابداع في السودان.
البطل في الحياة ... البطل في الفن
* هناك صورتان للبطل .. تصوران الانسان بصورتين ... كل منها تختلف عن الأخرى. فهناك صورة أسطورية.. تجسد فكرة البطولة وتضعها بعيداً في الخيال .. وبعيداً عن الواقع.. فهناك البطل السيوبرمان .. ذاك الانسان الخارق الذي يعطيه الخيال الفني قدرة هائلة على تخطي العقبات والحواجز .. وهو يقوم بفعل المعجزات ، كما تصوره المخيلة الأغريقية عند هوميروس ودانتي وسوفوكليس وارستوفان. فها هو أوديب يقاتل الحيوان الخرافي وها هو خايل يغزو جاكوستا وينتصر نصراً ساحقاً.
* في العصور القديمة، عندما كان الإنسان يجهل أسرار الطبيعة والحياة اعطاه الفن هذه القدرات الخارقة، كما لو كان لهذا البطل أيقونة تزوده بهذه الاماني والأشواق ليهزم الضعف الانساني الكامن في التركيب البشري.
* ثم جاءت أزمنة أخرى أخذت تصور البطولة الانسانية كما الانسان نفسه .. ومكون من القوة والضعف ومن الخير والشر. فجاءت صورة البطل في هذا الفن الواقعي أقرب للإنسان الحقيقي . وبعدت الدراما في المسرح عن هذه الصورة التي تجعل الإنسان إنساناً خارقاً .. وأصبحنا نرى أحدب نوتردام وابله دوستوفسكي واعمى طه حسين والبطل الذي هزمه البحر واسماك القرش في (العجوز والبحر)لهمنجواي والزين عند الطيب صالح.
القصة القصيرة الى أين ؟
* سألني أحدهم كيف يمكن كتابة أجمل القصص القصيرة؟ .. وأصابني السؤال بحيرة كبيرة. اذ ليست هناك طريقة كتابة واحدة. هناك ملايين الطرق التي كتبت بها ملايين القصص ، و هناك تجارب كثيرة لكتاب كثيرين من مختلف جهات العالم. وهناك وصايا ونصائح . وهناك مناهج كتابة حددتها طرائق و مدارس و اتجاهات النقد مضموناً و شكلاً و هناك بصمات خاصة بكل كاتب . بل هناك عوالم قصصية متعددة ومتنوعة ، وكل قاص يصنع طريقته الخاصة به .. وهي طريقة كونتها تجربته الحياتية الوجودية الخاصة، ومزاجه الادبي والجمالي الذي تكون عن طريق قراءاته. وهو عندما يكتب يواجه بهذا الفراغ الابيض حيث تنطرح عليه مشكلات الحياة والكتابة فيشق له طريقاً ليوصله لما يريد قوله. وهكذا يصنع كلٌ تجربته الخاصة. وهكذا تتعدد انواع الكتابة القصصية.!
منار صديق .. وتجديد الأداء
* من الاصوات الغنائية ذات القدرة والموهبة المصقولة صوت المطربة الجديدة ( منار صديق).. وذلك كما قدمها ( اغاني واغاني ) قبل سنتين . وكانت تغني اغنية ( هوى الروح ) للمطرب الذري ابراهيم عوض . وهي من الحان عبدالرحمن الريح الذي يأتي لحنه على مقامات صوت ابراهيم عوض خاصة على خاصية ( الصهل ) التي تميز صوت ابراهيم وتظهر في المقام اللحني في مكان ما .. كما يظهر الشرخ على سطح زجاجي . هي الوقفة المفاجئة في مسار تدفق الصوت . وهذا ملمح مهم من ملامح اداء ابراهيم الصوتي . ولكن صوت منار لا يقلد هذا الملمح . بل أن صوت منار ينساب متدفقا دون تلك الوقفة مع التحكم في التحام النغم وانسيابه وتدفقه في سيولة دون ذاك الانقطاع المفاجئ .
كتابات السودانيين بالمهجر
* كتابات الكتاب السودانيين المقيمين بالمهجر ، تدور كلها في تلك الازمنة التي مضت . فهي نوستالجيا. نوع من الحنين الى ذلك الماضي الجميل الذي يسترجعه الكاتب كبديل لزمانه الحاضر في المهجر . وذلك ما بدأه الطيب صالح في السرد الروائي الذي جاء في رائعته ( موسم الهجرة الى الشمال ) وهو ما فعلته الكاتبه ليلي ابو العلا في روايتها المأذنة وكذلك جاءت روايات جمال محجوب في اسبانيا و روايات طارق الطيب ( الجمل والاشارة الحمراء) التي تدور احداثها في النمسا . وفي الخليج العربي محسن خالد وروايته (تومولوليت ) التي تستحضر كل السودان . والحسن البكري وروايته ( طقس حار ) هي السودان الصحراء والسافنا الفقيرة . اما الدكتور النور حمد فمشغول بمهارب المبدعين . ومحمد المكي في امريكا يعيد النظر في ( نظرية ) ( الغابة والصحراء ) .
* وهي كلها كتابات تضيف الى المشهد الثقافي ابعاداً ، وتطرح الكثير من القضايا الفكرية والجمالية والابداعية .
عبد الحميد يوسف .. والالتزام الفني
* موهبة عبد الحميد يوسف موهبة ضخمة في عصرها ذاك . اذ استطاعت ان تقدم أغنية متقدمة على هذا العصر و تعتبر حتى اليوم هي الاجمل لحناً ضمن عشر اغنيات سودانية منذ الخمسينيات حتى الآن ، وهو صاحب صوت جميل وقوي. وقد نجح عبد الحميد فنياً وتفوق على الجميع من مجايليه ولكنه رغم هذا النجاح الضخم الا انه ترك كل شئ واعتزل وهو في قمة مجده الفني. وقد برر بعض النقاد اعتزاله لمحاربة كبار المطربين له بسبب المنافسة. ولكن أقرب تفسير لهذا الاعتزال ان عبد الحميد كان يتوق لان يحقق حريته كذات دونما قيود وأن ينطلق في الحياة دونما ان يكون محبوساً في إطار ما. لاسيما وأنه كان مقاولاً هندسياً يربح الكثير من المال. فهو ليس مضطراً لأن يشتغل بالطرب ليكسب قوته.
مشروعات لم تزهر
* هنالك الآن مشاريع ثقافية تحاول ان تقدم خدمات داخل مدينة الخرطوم .. منها منتدى الخرطوم العائلي ومنها أروقة .. ومركز راشد دياب ، وهنالك في امدرمان مركز عبد الكريم ميرغني ومنتدى ام درمان الثقافي هذا الى جانب المراكز الثقافية الاجنبية . كل هذه المراكز ليس لها مشروع شامل ومحدد ما عدا المراكز الثقافية الاجنبية التي تسعى الى التبادل الثقافي بينها و بين السودان و نشر ثقافتها داخل السودان ونقل بعضاً من ثقافات السودان الى بلادها.. اما المراكز الوطنية فمشروعاتها لم تزهر بعد لانها محصورة في نظام ضيق هو الترفيه الثقافي الموجه للأسر وللمواطنين عامة ، وهو عمل لا يخلو من فائدة ، ولكنه لا يصل الى مرحلة الضرورة المطلوبة الآن .
الحضارة أنثى
* قال الطيب صالح ، ذات مرة : (إن الحضارة أنثى). فهي على المستوى الحيوي والبايولوجي تصقل أطرافها واعضاءها كلما تقدم بها الزمن وكلما رقت ولانت الظروف الطبيعية المحيطة بها. وقد أرتقى الانسان وتبدل وتغير شكله الخارجي والداخلي بايولوجياً بذات القدر الذي تطورت فيه قدراته الادراكية والحسية . وقد تلاشت بعض اعضائه لعدم استخدامها .. وضمرت اللوزتين عندما ترك اكل اللحم الني ... وصغرت الذراعان والساعدان لانه أخذ يستعملهما لجذب الاشياء الأقرب، وتخلى عن المشي على الاربع.
* كلما تقدم الانسان في تطوره الحضاري صار انعم وارق شكلاً. ولعل انثاه هي النموذج للتطور الحضاري البايولوجي الحيوي. فهي الكائن الارق والانعم والاكثر صقلاً.. لأن الانثى هي الانتاج البايولوجي في تطوره الاقصى وكلما تقدمت الحضارة الانسانية كلما كانت الحيوات أصغر وادق وانعم وأشد جمالاً ورقة.
النقاد والمنابر
* النقاد الادبيون في السودان يمثلون تيارات مدارس متعددة . وكل منهم له ادواته ومنهجه وذائقته الخاصة . والابداع الادبي في السودان يتنوع وتتعدد رؤاة الجمالية والفكرية لتعدد وتنوع منابعه . وهذا ما يعطي هذا النقد قدرته على الحوار بين ثقافات السودان المتنوعة والثقافات العالمية الاخرى.
ولكن هناك تيارات نقدية مهمة ، وتصل في اهميتها لحد الضرورة في حراك الثقافة القومية ، وهي تلك التيارات التي تعنى بالظواهر السوداناوية لانها تهتم بارتباط الثقافة بالحراك الاجتماعي والسياسي داخل الراهن الحضاري السوداني ، هذا الى جانب ذلك التيار المهم الآخر الذي يهتم بحوار الثقافة القومية مع ثقافات العالم المعاصر دونما استلاب.
ألف ليلة وليلة
* الف ليلة وليلة هي تلك الحكايات التي جاءت بالهندية، ثم نقلت الى الفارسية ثم الى العربية. فكان كل عصر ينقل اليها خياله الفياض والعبقري. وهي تروي على لسان سارد واحد هو شهرزاد التي تزوجت الملك شهريار الذي كان يقتل في كل ليلة عروسه التي تزوجها في الليلة الاولى. ويقول الكاتب الارجنتيني (لويس بورخيس) إن هذا السحر الطاغي الذي تمثله هذه القصص يأتي من ذاك الغموض الذي يغلف الشرق في نظر الانسان الاوروبي- كما ان كلمة (ليلة) التي اضيفت لليالي الالف قد اعطت الاستمرار لهذا الغموض وهذا السحر المتدفق . ويقول نقاد الادب الامريكي اللاتيني : ان الواقعية السحرية التي طبعت هذا الادب جاءت من تأثره بكتاب الف ليلة و ليلة خاصة كتابات البرازيلي اوستورياس و الادب السريالي الاوروبي الذي تزعمه الفرنسيان لوتريمان واندريا بريتون.
* الخريطة الجديدة للشرق الأوسط
لم تعد تلك الخريطة القديمة للشرق الاوسط، والتي رسمت عقب الحرب الكونية الثانية بالخريطة المثالية بالنسبة للحكومة الامريكية الآن وعلى عهد باراك اوباما . فقد تغيرت الأحوال في الدنيا كثيراً وتحولت اطماع امريكا واطماعها البراغماتية في السيطرة على العالم بعد أن توارى الاتحاد السوفيتي عن المشهد. وكانت اولى هذه التغييرات في الصورة هي الربيع العربي الذي غيّر أنظمة عديدة عربية. ان كان ذلك بتأثيرات غربية وأمريكية مباشرة او غير مباشرة. وكان الملمح العام لهدف هذا التغيير انشغال الاوضاع العربية بصراعاتها الداخلية، ودفع هذا الصراع الى نهايات محددة ومرسومة مسبقاً. وها هي سوريا تصفي فرقها واحزابها بنفسها كما يصنع شركاؤها ايران وحزب الله امام المحرقة. وهناك نيران العراق وهنا تمرد البحرين .. كلها عناصر لوضع مواجهة بين السنة والشيعة واضعاف الاسلام السياسي واضعاف تركيا بتمردها على اردوغان ودفع مصر في الخفاء لانقسام حقيقي باسم الديمقراطية. ومما لا شك فيه ان كل هذه التناقضات وضعت في مناخ يساعد على انتاج اوضاع جديدة على ضوئها ترسم الخريطة الجديدة.
أفول عصر البرجوازية الصغيرة
* علماء الاجتماع والسياسة قاموا بتقسيم المجتمع الى طبقات ثلاث، سادت المجتمعات قديماً. وهي الطبقة العليا التي تمتلك زمام الامور اقتصادياً وسياسياً وفنياً. ثم الطبقة الوسطى التي تملك المحرك للحياة بكاملها داخل المجتمع لما لها من طموح وقدرة على تجاوز وضعها والتفوق في الانضمام الى الطبقة الاعلى . ثم الطبقة الدنيا وهي البلوتاريا وهي الطبقة العاملة .
* وفي المجتمعات الحديثة أخذت هذه الطبقة في التلاشي اذ استطاعت الزحف والوصول الى الطبقة الوسطى. فاتسع نطاق الطبقة الوسطى ، و أخذت الطبقتان الأخريان في الضمور و التلاشي ، كما اكتسبت الطبقة الوسطى صفات جديدة اكسبها اياها هذا التوسع.. و بناء على هذه التغييرات ضعفت سلطة الطبقة العليا وسلطة الطبقة العاملة وقامت الطبقة الوسطى بفرض نفوذها على كل النشاط الاجتماعي اقتصادياً وسياسياً وثقافياً. حتى انها أصبحت هي الطبقة التي تحدد الذوق الجمالي العالمي لما لها من سطوة ثقافية تملك وسائل الاتصال والاعلان والمال. وتحت هذا التأثير فرضت على العالم كله ذوقها الجمالي و ثقافتها و اصبحت أكثر سيطرة على العالم المعاصر ، و هكذا طبعت ثقافة العصر الحديث بثقافة هذه الطبقة. وهو ما يسمى بالواقعية الثقافية بدلا عن الواقعية الماركسية . وهذا التغيير في المصطلحات أملته ضرورة التحولات الاجتماعية و التاريخية. هذا تحليل لواقعنا المعاصر . وليس تقريراً عنه !!
كلمات
العقل سجن الجسد
* الجسد سجن الروح
* الوعي هو الضوء الذي يضئ الذاكرة .
* الكلام هو ما يكشف ذواتنا امام العالم .
تجاور حقول الابداع
* تتجاور حقول الابداع .. رغم تعدد وتنوع اجناسها . اذ أن هناك خيطاً يربط بينها كلها في منظومة واحدة. فهي كلها ظاهرة واحدة كبيرة متعددة التجليات . اذ أنها تعبير عن الحالة الحضارية التي يمر بها المجتمع. فهي كلها نشاط انساني اجتماعي وثقافي واقتصادي وجمالي يعكس الحياة المعيشة في المجتمع. ومن ثم تتعدد الاسباب التي تجعلها كلها او بعضها في حال أزدهار او حال موات وضعف .. وأحياناً نجد جنساً ابداعياً هو الاكثر تطوراً من الاجناس الاخرى. ولهذا تتراوح مستويات هذه الاجناس علواً وانخفاضاً بين جنس و آخر . وقد يساعد تطور جنس ابداعي على جنس ابداعي يشاركه الحوار كأن يتقدم فن الغناء بتطور فن الموسيقى وهكذا . واحياناً يكون التطور شاملاً لكل الفنون ، الآن الفترة التاريخية التي تضم هذه الاجناس الابداعية فترة نهضة حضارية شاملة.
أسئلة بلا أجابات
* أين المجلة الثقافية الشاملة المحكمة التي تنقل الثقافة السودانية المعاصرة الى المحيطين الدولي والعالمي ؟ .. أين مجلة الخرطوم ومجلة الثقافة السودانية ؟
* لماذا لا تقدم المنتديات الثقافية سوى المادة الثقافية الترفيهيه ؟ .. ألانها مرغوبة ؟.. ام لانها سهلة ولا تكلف كبير عناء ؟ و ماذا عن الورش الابداعية التي تقوم بتدريب الشباب وتأهيلهم في الفنون والآداب والصناعات اليدوية والآلية ؟
* وأين هي من التنمية الاجتماعية الثقافية ؟
لمن يكتب الشعراء القصيدة العامية ؟
لمن يتوجه شاعر القصيدة العامية ... للنخب؟ ام للعامة ؟ كان شاعر هذه القصيدة .. في الفترات الماضية .. يتوجه بها الى العامة. اذ ان القصيدة وقتذاك كانت تأخذ على عاتقها محمولات الثقافة الشعبية . اما شاعرها الان فهو يتوجه الى قاعدة اعرض واكثر اتساعاً، ولهذا هي تتوجه للعامة كما تتوجه للنخب، والشئ الذي جعل خطابها يجمع بين الشعبي والنخبوي. وهنا تلاقت الخطابات الثقافية لكل طبقات المجتمع كخطاب قومي شامل. وهنا بالضبط أخذت القصيدة العامية تستفيد من كل منجزات القصيدة العربية كما هي في مسارها المعاصر.. فاخذت شكلاً و مضموناً معاصرين وأصبحت أقرب الى قصيدة التفعيلة احياناً واحياناً اخرى هي اقرب الى قصيدة النثر من حيث الاعتناء باختراع الصور والتكثيف اللغوي والايجاز ، وهي شديدة الايحاء بكل المعاني الممكنة ، مما يجعل لها فضاء من التأويل والتفسير متعدد المستويات، فيكسوها هذا نوعاً من الغموض الذي يضع لها حدوداً بعيدة للمعاني النهائية الممكنة. وهذا هو التحول الجاد الاساسي في كتابة الشعر العامي والفصيح، وهو ما يسمى بالشعرية الادبية والنموذج الأمثل هنا .. هو قصيدة محجوب شريف (جميلة ومستحيلة).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.