كانت كل الأوراق متشابه عدا ورقتان لم يدر الطفل حينها ما السبب ، حصل على تقدير مقبول في كل من الرياضيات والإنجليزي ومتبقى المواد تعدت تقدير جيد ، لم يكن يتوقع ذلك التقدير بالرغم من انه ذاكر جيدا في كافة المواد ، أخفى الورقتين عن أمه التي يعلم أنها ستبرحه ضرباً إن علمت بالنتيجة فهي لازالت تسهر حتى تخرجه من دوامة عدم الفهم ، لم تعلم الأم أن ابنها لم يخبرها بالدروس الخصوصية التي يفرضها الأستاذ بعد الدوام اليومي لأسباب الفقر الذي تقع فيه أسرته والتي لايحب الطفل إحراج والدته ووضعها في هذا الموقف كانت مجرد حصص مالية يفلح الأستاذ في إخراجها من الطلاب بحجة عدم النجاح إن لم يسجل الطلاب في الدرس الخاص بتبريرات قد تكون منطقية وهي وضع إمتحانات سابقة وحلها وعرض نماذج للإمتحانات والشرح المكثف لكل مادة على حدة ، ذهبت الأم لتجد أن أغلب الطلاب بتقديرات جيدة ماعدا طفلها وأطفال آخرون بسبب نفس الظروف تفاجأت الأم ودخلت في صراع مع الأستاذ ليخرج الأستاذ مع مدير المدرسة بقرار يقضي بطرد الطالب بحجة عزوفه عن تغطية تكاليف الرسوم والتأخر في المواد الأساسية كعقاب يرجع فيه الأستاذ كرامته التي سلبتها منه أم الطفل بحجتها القوية . للمشهد أكثر من قصة تضع واقع المشكلات الطلابية كأساس يرجع فيه المتابعون حال التردي الذي يشهده قطاع التعليم عموما ، بالرغم من النفي الذي تقدمه وزارات التعليم والقائمين عن الأمر عن مثل تلك الظواهر ، التي باتت أكثر من حقيقية ، ضعف الرقابة وضعف المرتبات وتصاعد وتيرة الأسعار يجعل الأستاذ في موقف أشبه بالحرج, فالمهنة أصبحت لاتقوى على تحقيق الكفاية الطبيعية ، لذلك من البديهي أن يتفنن البعض في طريقة إكتساب الأموال بطرق شبه ملتفة يصبح فيها الطلاب الضحايا الحقيقيين ، كما أن البعد الحقيقي للظاهر يتعدى التصور الاختياري ، لذلك نجد الإلزام على المشاركة والحضور للدروس الطلابية يتنافى مع واقع الحاجة وعدم مقدرة الطلاب على الإيفاء بمتطلبات الأستاذ . واقع الأسر لايسمح بالتجاوب مع تلك العروض ، بل يذهب البعض فيها لمنع الطلاب من الدراسة بحجة تكاليف المدرسة وعدم مقدرة الأسرة على الأيفاء بمصروفاتهم ، كما أن مجانية التعليم مجرد مقولة نسمعها عند البعض ولانجدها واقعا مطبقا في المدارس على حد تعبير (م) ربة منزل، وترى ان مايقوم به بعض الأستاذة يتنافى مع الأخلاق ويتعدى مرحلة الإلتزام الوظيفي كما أن وجود الدروس بالإضافة للدوام مجرد أرهاق للطالب الذي تتعدى ساعات وجوده بالمدرسة أكثر من تسع ساعات وهذا يجعل الطالب لايقدر على مواجهة فروضه اليومية بل يصبح في حالة من التعب التي من خلالها يصبح الطالب لا يتقبل أي إضافات أو مراجعة منزلية بحجة (اليوم كلو قرايه) . الظاهرة انتشرت مؤخراً كبداية لسد الفجوات أثناء توقف الدراسة بسبب تأثير السيول لكن هذا لايعني أنها مقبولة كظاهرة دائمة بل نحن في الوزارة نحارب تلك الظاهرة على حسب حديث الناطق الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم الاستاذ إمام عبد الباقي (للرأي العام) ، كما يرى بأن الظاهرة إن كانت توافقية بموافقة مجلس الآباء ومدير المدرسة فهذا لا يؤثر لكن إن كانت بداية لتدخل ذوي النفوس المريضة فهذا يتنافى مع سياسة الوزارة الرامية لمحاربة تلك الظاهرة ، كما شدد على انها الحشو الأكاديمي يؤثر على نفسية الطالب وتجعله عرضة للإكتئاب ، كما ناشد مديري المدارس بالعمل بماهو مفروض وليس بما يتنافي مع قانون الوزارة . تختلف الأساليب وتتعدد طرق الإغراءات لكن يصبح الاحتيال هو المعنى الحقيقي لتلك الخطوة اللا أخلاقية ، للوضع ظروفه لكن هذا لايجعل الطلبة عرضة للاستفزاز فالحقوق واجب يفرضه القسم المغلظ الذي يتقدم به كل أستاذ لحماية شرف التعليم وتبعاته ، لذلك من البديهي أن يصبح التدريس مهنة كل من لامهنة له ، لما فيها من حوافز مادية تترجمها الدروس الإجبارية، فالكل قد يلجأ لتلك الخطوات بدعم من المديرين وأصحاب النفوذ حتى يجدوا الخلفية التي يبنوا عليها أطماعهم، فالتعليم تعدى معنى المهنية في بعض المدارس واصبح تجارة رائجة يتكسب من وراءها رجال الأعمال ، أو حقل تجاري بلا مجهود حقيقي ، كما ان الطلاب أصبحوا مجرد أدوات للحفظ والتفريغ غابت فيه كل مهارات التعليم والتأهيل المرجوة .