بدأ الشريكان يترجلان من خيولهما العالية، على ما تشير الانباء والتصريحات، هنا وهناك، وهذا افضل لهما، وقبلا للوطن. لاسابيع ادخل الشريكان الامل في تنفيذ اتفاق السلام الشامل ب «سلام» في جحر ضب، تسلل خلالها الناس الى ناحية التفكير المتشائم حيال مستقبل البلاد... الى رسم السيناريوهات المرعبة. وهل من مجال آخر تركه الشريكان للناس سوى تلك السيناريوهات؟! بشكل مفاجئ قرر الشريكان -حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية- الابتعاد عن التصعيد بينهما،اعلنا يوم الاحد عن اتفاق بينهما على الوقف الكامل لحالة التوتر والمواجهات بينهما، والعمل على ابتدار حوار بناء وصريح يهدف لخلق اجماع وطني حول قضايا الوطن المصيرية.وقرر اجتماع اللجنة السياسية بين الشريكين بالقصر الجمهوري برئاسة كل من على عثمان محمد طه نائب الرئيس، والدكتور رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب ونائب رئيس الحركة الشعبية، قرر مواصلة اللقاءات الثنائية لقناعة الطرفين بضرورة مواصلة الحوار الإيجابي والمستمر للوصول الى حلول سريعة. ولقي الاتفاق الاستحسان من قبل الطرفين، ووقع لهما في «الجرح»، وجاء بمثابة «سلم الهبوط» من على صهوات الخيول العالية، حيث أكد الدكتور نافع على نافع مساعد الرئيس نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني لشؤون الحزب للصحافيين أن الاجتماع أمن على قناعة الطرفين باستمرار الحوار الإيجابي والمثمر للوصول الى حلول للمسائل المعلقة، حتى وإن ظلت بعض التباينات، واضاف:«ليس من المصلحة نقل هذه التباينات لأجهزة الإعلام. وذهب باقان أموم الامين العام للحركة الشعبية في ذات الاتجاه، حين نادى بخلق أجواء إيجابية حتى تكون الانتخابات المقبلة حرة ونزيهة، وإجازة قوانين الاستفتاء والمشورة الشعبية، ومسألة أبيي، وضرورة العمل لإعادة بناء الثقة وبلورة إجماع وطني حول هذه القضايا، خاصة أن البلاد تمر بمرحلة تحتاج لعمل مشترك بين الشريكين وكل القوى السياسية السودانية لإدارة المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد. ولاشك ان هذا الاتفاق، وهو مبدئي، ويظهر شيئا من الحكمة من الطرفين في التعامل مع المرحلة والظروف التي تمر بها البلاد، وهي مرحلة وظروف من صنعهما الاثنين، لاشك الاتفاق ولد من بين «فك الاسد» راي المثل، ومن شأنه ان يمهد الطريق امام الخطوات الاخرى، التي «هي السبب». قبل ساعات من اعلانه كانت الخيول تصهل، والتصريحات بلغت عنان السماء: الدكتور نافع وصف الحركة الشعبية بانها تمارس «الكذب والتلفيق وتتبنى المجرمين» وجرد الكتاب الاسود للحركة في مؤتمره الصحافي الشهير . وقدم شواهد مسنودة بالارقام لما اعتبره عدم احتمال الحركة لحرية الآخرين في الجنوب. وقال، في لغة مملوءة باليأس والتحذير المبطن:«أطلنا حبال الصبر للحركة حتى تتعلم السياسة وإدارة الدولة من الحضر لا من الغابة ولم نعلق نشاط حزبنا بالجنوب». ولم تترك الحركة قول الدكتور نافع يمر مرور الكرام، فنصبت مؤتمراً صحافياً، ومن عبره رد ادوار لينو على نافع بنفس اللغة الهجة «النفس»،وقال «انهم يكذبون ويتحدثون حديثا فارغا»، واستخدم ايضا لغة التحذير المبطن بالقول:«اي شطارة حتودينا في داهية». واذا ما قرات التصعيد بين الطرفين مع تصريحات اخرى يائسة من جدوى المباحثات التي اجراها مبعوث اوباما للسودان «سكوت غريشن» لنزع فتيل الازمة، وتفسير الصحافة «بعض» لتلك الانفاس اليائسة بانها بمثابة «فشل لمبعوث اوباما»، وانها «فشل للشريكين» في صحف اخرى، قراءة كل ذلك حزمة واحدة، تجعلك تتيقن بان قوة ما قد تدخلت في لحظة ما اسفر عنها الاتفاق المفاجئ، ربما تحذيرات من المبعوث من مغبة عدم التوصل الى اتفاق، اي «العصا الامريكية، كانت السبب، او ان صوت الحكماء من الطرفين، الذي ظل خافتا طوال «حرب البسوس» قد علا فجاة، او ان التصعيد كان بمثابة «دستور» رقص حتى ولول فنزل. بالطبع سيكون الاتفاق، الذي ربما اعلن قبل صدور المقال او بالتزامن معه، وفقا لافادات المسؤولين في الشراكة، حول القضايا العالقة، وهي حول «محفوظات» يعرفها الجميع: قانون الاستفتاء، قوانين التحول الديمقراطي أبرزها قانون جهاز الامن، نتيجة الاحصاء السكاني، ترسيم حدود ابيي ، ترسيم حدود الجنوب، مسألة المشورة الشعبية لمنطقتي جبال النوبة و النيل الازرق. ويتصور ان يتضمن ملحقاً حول كيفية التعامل مع قضايا الترتيب للانتخابات، فقد اثبتت الايام الماضية ان النار يمكن ان تشتعل من هذه الناحية، اذا لم يغلق الشريكان المنافذ جيداً. ولكن هل سيكون هذا الاتفاق هو الاخير، ام سيكون مجرد اتفاق يضاف الى سلسلة اتفاقات تمت بين الشريكين، منذ ان قامت الشراكة، وحتى الآن: تثار ذات القضايا، فيطير العقل والحكمة،ويركب الطرفان الخيول العالية، ولاسباب، بعضها معروف واخرى غير معروفة يترجلون من الخيول وينجزون «مصفوفة» اتفاق، حتى صارت بين يدينا جملة «مصفوفات»، والمشهد الغالب في كل مرة، انهما لا يستفيدان من المصفوفات، والا فلا داعي لتكرارها، وتقديم البلاد دائما على انها مازومة، واحتمالها الغالب العودة الى المربع الاول: الحرب.