تحدثت باحثتان اعلاميتان مرموقتان بموضوعية اكاديمية طال انتظارنا لها عن دارفور نظمت الحلقة الدراسية في كلية سانت انتوني بجامعة اكسفورد (برنامج السودان الذي استحدثه د. أحمد الشاهي والاستاذ بونال ملوال)، لم يقطع مستشار رئيس الجمهورية صلته بالبرنامج وادار الندوة يوم 71 يناير فقدم ميراسيلفا وميلاني بروس لجمهور من طلاب الدراسات العليا والباحثين المهتمين بالشأن السوداني. تحدثت ميراسيلفا منطلقة من سؤال: هل سيتمكن العاملون في الاغاثة والجنود من انقاذ دارفور؟ اجابت باختصار «لا!» وقالت إن الحل ينبغي ان ينبع من داخل السودان في سياق معادلة سياسية وان منظمات الاغاثة وقوات الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي يمكن ان تساعد أو تهيئ المناخ لذلك. ومن أطرف ما اضافته عند التعقيب على الاسئلة والمداخلات ان المراسلين الاجانب يطلب اليهم احياناً ان يرسلوا أول تقاريرهم بعد وصولهم الى موقعهم الجديد بيوم واحد فقط الأمر الذي يفسر الارتجال والآراء المثيرة للجدل احياناً. أما ميلاني بروس العائدة من السودان فقد رصدت بدقة اسماء واعداد المراسلين الاجانب بالسودان والمراسلين السودانيين والتقت ببعضهم وتحدثت عن صعوبة التحقق من الأخبار القصية التي يصعب السفر إليها بل يتعثر الحصول على اذن لذلك احياناً، كما يشتكي البعض. تحدثت عن ارقام النازحين والقتلى فذكرت ان هيئة الاعلانات البريطانية اصدرت حكماً بأن الارقام التي نشرتها جماعة معينة في الصحف لا يمكن تأكيدها. (الاشارة هنا الى ما كررت نشره في إعلانات مدفوعة الاجر فروع «تحالف انقاذ دارفور» سيئ الصيت الذي لا يبعث مالا للنازحين بل ينفق الملايين في دعاية ضد الحكومة السودانية). انتهز مدير الجلسة الاستاذ الكبير بونا ملوال الفرصة فقدم أولى المداخلات التي أبدى فيها استغراب الكثيرين في السودان لتوقيت اشعال التمرد في دارفور في الوقت الذي كانت اللمسات الاخيرة توضع للسلام في الجنوب. التمرد يحتاج لمؤن وسلاح وتدريب مقاتلين ولا يحدث فجأة. ثمة علامة استفهام مشروعة حول توقيت الازمة. أما القائم بأعمال السفارة السودانية الشاعر خالد فتح الرحمن فقد أثار في مداخلته تساؤلاً آخر قال إن وزير الدولة بالخارجية لورد مالوخ براون اعلن ان أي جهة لا تستجيب لمساعي السلام تفقد صدقيتها في الإحساس بمعاناة مواطني دارفور. اعلنت اكثر من حركة تمرد رفض التفاوض والحوار والحث على ذلك دون ضغوط تذكر. ردت علي ذلك الاستاذة ميرا سيلفا قائلة ان الضغط على الحكومات اسهل عملياً من ملاحقة حركات متمردة اصلاً وبعيدة عن السيطرة. تحدث ايضاً الدبلوماسي بسفارة السودان (حركة شعبية) اوغسطينو مادوت عن أهمية توحيد حركات دارفور وحثها على التفاوض للوصول الى تسوية سياسية وقال إن الحركة استضافتهم في جوبا بالتنسيق مع حكومة الوحدة الوطنية ومع المؤتمر الوطني فهناك اتفاق على ان التنمية لا يمكن انجاحها دون ان يحل السلام في كل ارجاء البلاد. أما د. عبد الرحمن محمد صالح (المؤتمر الوطني - بريطانيا) فقد لفت الانظار الى ان الاهتمام الاعلامي بالسودان ينطلق من منظور واحد يضع البلاد في زاوية واحدة. وهذا غير عادل بالنسبة للسودان وللتطورات التي تحدث فيه. قالت الاستاذة ميلاني بروس في هذا السياق ان الحياد الاعلامي يكاد يكون مستحيلاً اذ تؤثر عليه عوامل كثيرة ومتداخلة. لم تصدر عن الحلقة الدراسية أية توصيات أو برقيات إدانة أو تهنئة بل كانت محاولة جادة للتنقيب الموضوعي خلف عناوين الأخبار وتحت البيانات الرسمية والمواقف المعلنة، رحب د. أحمد الشاهي بالمشاركين وذكرهم بمناسبات قادمة ينظمها برنامج السودان بكلية سانت انتوني (نواصل). تنويه: محاضرة السيد الامام الصادق المهدي. ما كتبته بالعدد الماضي لم يكن ملخصاً دقيقاً لما قاله المحاضر الجليل بل كان مقالة تعبر عن وجهة نظر. لم اقصد المناكدة أو التجني عندما كتبت انه تفادي الرد على مداخلة القائم بأعمال السفارة السودانية بل قصدت انه بخبرته الطويلة فضل ان يعالج محيط الموضوع دون الولوج الى لبه. كانت المداخلة عن دور البيئة الخارجية الدولية والاقليمية في مصير النظام النيابي البرلماني في السودان. ما الضمان (اذا حدث وفاق سوداني - سوداني داخلي) ان يرضى عن ذلك اللاعبون الخارجيون؟ وماذا سيفعلون؟ رد السيد الامام بحديث عن أهمية قومية القوات المسلحة والخدمة المدنية ومتانة المجتمع المدني وحقوق الانسان. اجاب: ولكنه لم يجب لذلك استخدمت كلمة «تفادي».