? لم تطأ قدماي أي دار رياضة لا في السودان ولا في أي بلد آخر، سوى لتغطية مناسبات لا صلة لها بكرة القدم. ولكن المباراة التي أقيمت في استاد المريخ ليلة الاربعاء بين منتخبي الجزائر ومصر أعادت ذاكرتي الى الزمن الجميل.. أيام كانت الكرة السودانية تهز شباك الفرق الافريقية والعربية. ? ليلة الاربعاء ذكرتني بمباراة مريخ السودان وزمالك مصر التي أقيمت في منتصف الثمانينيات في مدينة دبي. فقد تجمعت اكثر من أربع أسر سودانية في شقتي في مدينة أبوظبي لمشاهدة تلك المباراة على شاشة التلفزيون. ? ومع أنني لست من هواة مباريات كرة القدم -كما ذكرت آنفاً- إلا أنني انضممت الى الرجال والنساء على سبيل المجاملة - مجاملة تطورت الى شعور طاغٍ لمواصلة «الفرجة»، لا أذكر تفاصيل تلك المواجهة ولكنني أذكر جيداً ذلك الهدف التاريخي الذي رجح كفة المريخ عندما تساوى الفريقان وتقرر اللجوء الى الركلات الترجيحية. وكان على المريخ ان يحرز الفوز بهدف حاسم في آخر فرصة وإلا فإنه كان سيخسر المباراة. ? وأذكر أيضاً ان حارس مرمى المريخ الشهير حامد بريمة انطلق جرياً نحو الجانب الآخر من الميدان لتولي تلك المهمة الحاسمة. وعندما كان بريمة يتهيأ لتنفيذ الركلة - ساد صمت رهيب في صالون المنزل انتظاراً «للضربة» المصيرية.. ولكن عندما أطلق بريمة كرة صاروخية واستقرت في شباك الزمالك وقف الحضور يهتفون ويهللون.. عاش بريمة.. عاش السودان..!! ? لأول مرة في تاريخ الإمارات سمحت سلطات دبي للسودانيين بالخروج في مظاهرة حاشدة ولكنها مهذبة ومحترمة، في تلك الليلة احتفالاً بفوز المريخ، وكيف لا وكان السودانيون حتى منتصف الثمانينيات يهيمنون على النشاط الرياضي ليس فقط في دولة الإمارات ولكن أيضاً في كل بلدان الخليج تقريباً. ? فالنوادي الخليجية كانت تستقدم في ذلك الزمن الجميل سودانيين - لاعبين ومدربين للإستعانة بقدراتهم وخبراتهم في نواديهم الوليدة آنذاك. ? ولحظنا في تلك الأيام أن كثيراً من الإعلاميين الرياضيين في مختلف وسائل الإعلام الإماراتية كانوا سودانيين. وأذكر منهم كمال زميلنا السابق في «الأيام» وصديقنا وجاري في السكن في أبوظبي ياسر حسن أبشر في صحيفة «الإتحاد الظبيانية» بل إن مدرجات دور الرياضة في تلك الدولة الخليجية كانت تسودها «العِمم» البيضاء على رؤوس المشاهدين والمتفرجين السودانيين، ولا ننسى ان «الزول» هو الذي شجع الخليجيين آنئذٍ بارتياد هذه الدور. ? ولكن صورة المرحوم أحمد قنديل لا تفارق ذاكرتي أبداً، شعرنا نحن أفراد الجالية السودانية في سلطنة عمان في أواخر السبعينيات بفخر واعتزاز عندما شاهدنا حكمنا الدولي على شاشة تلفزيون السلطنة وهو يرتدي قميصاً «نص كم» - «تي شيرت» ومكتوباً عليه بالخط العريض عبارة (Sudan). فقد كان قنديل يلقي محاضرة على شباب الحكام العمانيين المبتدئين.