الحزب الشيوعي السوداني من أكثر الأحزاب السياسية السودانية التي تطرح برامج تدعو للحوار والتحول الديمقراطي والإنفتاح ووحدة الصف الوطني. وأخيرا دخل الحزب في برنامج حوار مع المؤتمر الوطني الحاكم وهذا الحوار إذا كتب له أن يحرز تقدما ونجاحا فمن الممكن أن يؤسس لتطور جيد في الساحة السياسية وعلى أقل تقدير سيؤثر على الحوار الجاري حول قانون الإنتخابات ومن ثم التمهيد لقيام العملية الإنتخابية المرجوة والمنتظرة خاصة وأن حزبي الشيوعي والمؤتمر الوطني الحاكم هم الأبعد مسافة بعضهما البعض وتقريب هذه الشقة سيقرب مسافات أخرى بين قوى سياسية متباعدة. بيد أن الحزب الشيوعي وقبل أن يمضي الحوار خطوة إضافية بعد لقاء قيادات الحزبين في دار المؤتمر الوطني إتخذ خطوات من شأنها أن تطيح بهذا الحوار. بداية إتخذ الحزب الشيوعي موقع الحكم والخصم في قضية مقتل طالب في إحدى الجامعات وتوصل إلى نتائج حمل بموجبها الذي جرى للمؤتمر الوطني. وكان الأحرى والأوفق أن ينتظر الحزب كلمة القضاء في القضية وإذا كان الحكم فيها يدين المؤتمر الوطني فان الشيوعي لن يكون ملاما في موقفه ولكن حتى إذا أدين عضو في المؤتمر في القضية فهذا لا يعني تحميل حزبه الجريمة. الحركة الطلابية السودانية شهدت الكثير من حالات العنف والقتل وبأكثر مما يجري في كل الساحة السياسية والأحزاب السودانية تختلف وتصطرع في الشارع دون أن تصل حد القتل والموت ولكن الطلاب وللأسف يصلون هذا الحد المحرم شرعا ودينا وعقلا وقانونا. وهذه ممارسات طلابية على الجميع أن يسهم في حلها والخروج منها والطلاب أسمى من أن تتلخط أيديهم بالدم بدل الحبر. وأفضل ما يمكن أن تقدمه الأحزاب أن تساعد الطلاب في تطوير تجاربهم السياسية والسير في مسارب الحوار السلمي الرفيق الملائم لهم سنا وعقلا وهم طليعة. إن ما يوقف العنف السياسي والطلابي هو المزيد من الحوار خاصة بين الأحزاب الأبعد في المواقف السياسية. ومن الطبيعي أن تكون الأطراف المتحاورة هي الأقرب لحل الخلافات مها كبرت وإتسعت. حتى إذا سلمنا جدلاً بأن دماء سالت بين الحزبين فإن الحوار هو الذي يعصم من القتل والموت لا الخلاف والتصعيد. نريد للحزب الشيوعي أن يقترب كثيرا من شعاراته لتطابق مواقفه.