ما أن امتلأت تلك المركبة القابعة بموقف الاستاد والمتوجهة الى أم درمان بالركاب حتى بدأت أصوات تعلو كان مصدرها المقاعد الخلفية وما إلا لحظات حتى طلب أحد الشباب من السائق التوجه الى قسم الشرطة نسبة لتعرض شقيقته «للمضايقة» من ذلك الرجل الذي تعدت سنه الأربعين عاماً بينما علا صوت الفتاة وانهالت «الشتائم» على الرجل من بعض الركاب وبعد تدخل الأجاويد اكتفى السائق بإنزاله من المركبة فقط. سيناريوهات متعددة نسمع بها وأحياناً نشاهدها تبدأ بحركات أو لمسات ربما تكون غير مقصودة من وجهة نظر المسبب، لكنها في النهاية تقع ضمن منظومة «المضايقات» والتحرش بالنساء داخل المركبات وتختلف أساليب التحرش من فرد لآخر. أرجع البعض هذه التصرفات الى الإنفتاح الثقافي وتعدد القنوات والفضائىات الذي يشهده المجتمع السوداني، ويقول الهادي -مواطن-: الفراغ يولد المحظورات واعتبره الدافع الرئىسي الذي يؤدي، الى ذلك بجانب المظهر العام للفتاة التي أصبحت تظهر بكل الأشكال وابتعدت عن الزي المحتشم الذي ميزها قديماً. أما تغريد عثمان - طالبة - فجاء حديثها بلهجة غاضبة قائلة: «إن المضايقات تحدث في كل مكان توجد فيه المرأة تتعرض «للتحرشات» من بعض ضعاف النفوس، وهذه الأيام «التحرشات» داخل تعلقن أصبحت لصيقة برجال كبار في السن، أما الشباب والطلبة فقد أصبحوا مشغولين بأشياء أخرى والتحرش بالفتاة انحصر في خلق «الونسة» وتجاذب الحديث داخل المركبة ومن ثم تبادل أرقام الهواتف للتواصل. ولم تبتعد «نهى أحمد» كثيراً عن الحديث السابق، ووصفت الظاهرة بأنها بعيدة عن الأخلاقيات وقيم الشعب السوداني، وأكدت ان النساء بصورة عامة أصبحن يحرصن على عدم الجلوس بقرب الرجال الكبار في المركبات تحاشياً للمضايقات التي يتعرضن لها وحول رأي علم الإجتماع، عزت الاستاذة اعتماد عثمان- إختصاصي علم الاجتماع- الظاهرة الى غياب الوازع الديني والتربية السليمة بجانب الإنجراف وراء الدنيا، وكل ذلك يحدث بسبب الغفلة، وأنحت باللائمة على الفتيات والازياء الحالية التي يرتدينها التي تعتبر دعوة رسمية للتحرش، وبالتالي يحدث توتر للشباب وغيرهم بمجرد الجلوس بالقرب منهن، ودعت الى ضرورة التمسك بالدين والأخلاق والاحتشام.