ما من أحد يدخل رئتيه أي دخان إلا وتراه يضيق تنفساً وربما تصيبه «الكحة».. إلا في الأيام الماضية والعيد يلف الناس بسعادته والأسرة كلها مجتمعة حول الصاج الكبير ومن تحته «الكانون» والنار يشتعل فحمها.. الشواء.. فالخروف الذي كان قبل لحظات حياً يأكل ويشرب، تحول بمهارة الجزار الى لحم توزعت مطايبه بين الشية و المرارة و«السليقة» وحتى «الكوارع». ثلاثة أيام والبيوت تغرق في دخان الشواء والجميع يتنفس ويشتهي المزيد.. رائحة تشترك في محبتها الأنوف والبطون.. هذا حال أيام الأضحية والمعايدات.. والناس في تكافلها تحمل أكياس اللحم وتوزعها بين الجيران.. فقراء.. وأحياناً حتى الذين في بيوتهم الأضاحي والعوائل تجتمع في البيت الكبير والشابات في حركة دؤوبة داخل البيت.. ما بين تجهيز المائدة والنظافة والشباب استعدوا للأكل حلقات تتدرج سنوات أعمارهم.. وأواني الشربوت تتوزع بين الجميع. هل ملّ أحدكم رائحة دخان الشواء؟ لا احد.. وكما قالت لنا الحاجة زينب محمد.. «دا عيد يا أولادي.. رحمة واسعة.. أنفقوا فيه وأطعموا المساكين».