أدارت الحركة الشعبية أمس ظهرها بصورة سافرة للمعارضة الشمالية وبعد أن سقتها من كأس الخذلان في الخروج إلى الشارع باعتها أمس قربانا لتمرير قوانين الإنفصال وهي تتنصل عنه أمام قانون الأمن الوطني هذا القانون الذي يمثل بعبع المعارضة . ورغم إتفاقهما في العمل لأجل بلاد تحكمها الفوضي والتسيب إلا أن الحركة الشعبية رأت أن تمضي في مشروعها الأصل وفي عينيها الجنوب كله دون الشمال. ورغم أن الحركة تعتبر القانون وجها للتسلط إلا أنها سكت عن تمريره وأمسكت عن التصويت ولم تمنح المعارضة شرف القول أن رفض الحركة وصل بها إلى أن تنسحب من الجلسات. ميكافيليلة لم يصلها ميكافيلي المسكين معارضة في السوق بلا برنامج واضح وبلا مبدأ تثبت عليه وبلا قوة تركن إليها تصبح مطية سهلة وميسورة تحقق أمل الحركة في شق البلاد وفصل جنوبها عن شمالها. ليس من دولة في العالم لا يقوم فيها قانون للأمن يمنح السلطات والصلاحيات بالقبض والإعتقال. وجهاز يقبع خلف الدراسات والمعلومات والتحليل أجدر به أن يسمي جامعة أو معهدا بحثيا. من قبل أوقعت المعارضة البلاد في مهب الريح والضياع وهي تحل جهاز الأمن وتكبله لتخلو لها الساحات وتخلوا البلاد لمن يتربص بها. ليس من دولة في العالم يقوم فيها جهاز للحماية الوطنية ويؤدي دور الجامعات ومعاهد البحث والرصد والتحليل. والحركة الشعبية تحارب هذا القانون لأنه يكبلها من أن تنفرد بأمن البلاد. إتفاقية السلام وزعت صلاحيات الأمن القومي ومنعت رئيس الحركة الشعبية ورئيس الجنوب والنائب الأول للرئيس من تولي السلطات العليا ورئاسة الدولة إذ إمتنع الرئيس عن ممارسة عمله لأي سبب واقرت أن تكون قيادة الجيش لنائب الرئيس الذي يمثل الشمال والحكومة المركزية والمؤتمر الوطني حسب قسمة السلطة التي أقامت أكثر من جيش في البلاد ولا يجوز أن يكون جيش الحركة الشعبية هو الجيش القومي كما لا يجوز أن تسيطر الحركة الشعبية على مقاليد العمل الإستخباري وهو عمل هدفه الأول الأمن القومي لكل السودان. وحتى تتقرر وحدة السودان بعد الإستفتاء لا يجوز أن يوضع جهاز الأمن على شفا التحول إلى إدارة الحركة الشعبية. باعت الحركة الشعبية المعارضة وتدثرت خلف الإتهامات الخطيرة لواحدة من أهم أجهزة العدالة في البلاد وهو القضاء السوداني العادل المستقل القوي. بيد أن مواقف المعارضة والحركة الشعبية من القانون ينبغي ألا تصرف الناس عن المطالبة بتطبيق سليم وعادل للقانون وأن يلتزم جهاز الأمن والمخابرات بالدستور نصا وروحا وهو يتحرى وهويعتقل وهو يمارس عمله. إن هذا القانون هدفه حماية الأمن الوطني عبر جهاز الأمن الوطني ليس هدفه ولا يقبل منه أن يتحول للعمل ضد المواطنين الشرطة السودانية هم من يتعامل مع المواطنين ما يم يقع مواطن في براثن عمل يهدد أمن البلاد ويشكل خطرا عليها. يريدون القانون ليحولوا البلاد لساحة مفتوحة للصراعات ونريد القانون ليحمي الأمن الوطني ويبتعد عن الوقوع في الأعمال التي تمنع العمل السياسي الحر والتنافس الحزبي وفق القانون.