احاديث وتقارير صحفية كثيرة تتحدث عن المسألة الانتخابية المقبلة في السودان في ابريل المقبل إذا لم تحدث مستجدات سياسية تخل بقواعد اللعبة المرتقبة الذي سيشارك فيها عشرون مليون نسمة من تعداد سكان السودان البالغ تسعة وثلاثين مليون نسمة. اليوم من مفكرتي الصحفية اقدم خلاصة للتجارب الانتخابية في السودان منذ أواخر سنوات الحكم الثنائي. ---- ? واذكر هنا ان للسودان تجارب ثرة في اجراء الانتخابات اكثر من بعض الدول الافريقية والعربية حيث ان الانتخابات المنتظرة حالياً هي التجربة السابعة.. ولكن هذه السابعة والحالية تختلف كثيراً عن سابقتها حيث انها وليدة اتفاقية السلام 2005 والدستور الانتقالي الذي هو وليد هذه الاتفاقية. وان كل التجارب السابقة كانت تتم وفق قانون الانتخابات وتدار بواسطة لجنة أو هيئة واحياناً مع اختلاف القانون وتفاوت الاختصاصات وتباين وضعية الدوائر. الحكم البريطاني الثنائي: جرت الانتخابات فيه في نوفمبر 1948 في ظل الادارة البريطانية ومن سلبياتها مقاطعة العديد من القوى السياسية واسفرت هذه الانتخابات عن ميلاد أول برلمان عرف بالجمعية التشريعية وكان الاميرلاي عبد الله خليل زعيماً لها ومن اعضائها البارزين عبد الرحمن علي طه ومحمد صالح الشنقيطي ومحمد أحمد محجوب وأحمد يوسف هاشم وقد استقال بعض هؤلاء وظلت مقولة إسماعيل الأزهري محفورة على الصخر «لن ندخلها -أي الجمعية التشريعية- حتى لو كانت مبرأة من كل عيب». الانتخابات الوطنية الأولى جرت في 1953 حيث كانت ثمرة لاتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير لعام 1953. وتم بموجب هذه الانتخابات تكوين مجلسين للشيوخ والنواب حيث تكون مجلس الشيوخ برئاسة أحمد محمد يس من خمسين عضواً وعين الحاكم العام روبرت هاو عشرين منهم وثلاثون أتوا عن طريق الانتخابات. والناخبون لانتخابات مجلس الشيوخ هم اعضاء مجالس الحكومات المحلية واعضاء مجالس المديريات وعن طريق كليات انتخابية. اما مجلس النواب تكون من «96» عضواً منهم «93» عضواً تم انتخابهم من دوائر جغرافية وثلاثة اعضاء دوائر خريجين وكان بابكر عوض الله رئىساً للمجلس وفوراوي سكرتيراً «كاتباً». الانتخابات الوطنية الثانية: صدر آنذاك قانون الانتخابات عام 1957 إستناداً على دستور السودان الانتقالي لعام 1956. واذكر هنا من معلومات توثيقية انه لأول مرة تحدد الدوائر الجغرافية بمعيار عدد السكان ستين ألفاً للدائرة وبناء على تعداد السكان الأول في العام 1953 بلغ عدد السكان «556،572،01» عشرة ملايين ومائتين خمسة وسبعين ألفاً وستمائة خمسة وخمسون وتم تحديد الدوائر الجغرافية «371» دائرة وألغيت دوائر الخريجين. كذلك تم اقرار نظام الانتخابات المباشر بجميع الدوائر لمجلس الشيوخ والنواب.. ويذكر ان هذه الفترة كثرت فيها الصراعات السياسية وتحول النواب من الحكومة للمعارضة وبالعكس. بعد ثورة اكتوبر 1964. جرت انتخابات 1965 بموجب قانون صدر في نفس السنة بعد انتهاء حكم جبهة الهيئات التي جاءت بعد انهيار الحكم العسكري النوفمبري للفريق إبراهيم عبود وجنرالاته السبعة قامت لجنة الانتخابات باعادة تقسيم الدوائر- وحددت «158» دائرة للشمال و«50» دائرة للجنوب و«15» دائرة للخريجين. وهذه الانتخابات نتج عنها قيام أول جمعية تأسيسية وألغى مجلس الشيوخ. قبل انقلاب مايو جرت هذه الانتخابات في 1968 في ظل صراع رهيب بين جناحي حزب الأمة الهادي عبد الرحمن محمد أحمد المهدي من طرف ومن الطرف الآخر ابن اخيه الصادق الصديق المهدي. وتمت ادارة هذه الانتخابات بقانونين منفصلين احدهما للتسجيل والآخر للاقتراع وتم إلغاء ايضاً دوائر الخريجين وبالتالي صار عدد الدوائر 218دائرة في انتخابات 5691م بعد الانتفاضة وازالة النظام المايوي جرت هذه الانتخابات بعد انتهاء الفترة الانتقالية للفريق عبد الرحمن محمد حسن سوار الدهب وكانت في صيف 1986 واجراؤها تم بناء على قانون استحداث في عام 5891م بعد الانتفاضة. وكان هنالك خلاف كبير بين الاحزاب حول توزيع الدوائر ولكن لجنة الانتخابات اعتمدت تعداد السكان لعام 1983وحددت متوسطاً للدائرة بين «70-90» ألف نسمة وخصصت عشرة في المائة من الدوائر الجغرافية للخريجين وبلغت عدد الدوائر الجغرافية «273» بدلاً عن «218». الانتخابات الحالية المرتقبة ستتم وفق قانون وليد اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي وهي تشمل: دوائر جغرافية مباشرة ودوائراً للتمثيل النسبي للاحزاب ودوائر للمرأة والاخيرين على أساس القوائم. وبعد، فإن الانتخابات المقبلة اعطت الناخب في الشمال ثمان بطاقات والناخب في الجنوب أثنى عشر بطاقة. وأفادت آخر التقارير ان جميع مراحل الانتخابات ستجرى تحت الرقابة الدولية والمحلية لضمان النزاهة والشفافية.