تسببت التقاطعات الرعوية والاشتباكات والاحتكاكات بين القبائل الرعوية فى الحدود بين الشمال والجنوب قبل توقيع اتفاقية السلام فى إراقة الكثير من الدماء وتبديد اعداد كبيرة من الثروة الحيوانية، ولم تستفد منها البلاد داخليا وخارجيا، ولكن لم تكن تصرفات وسلوك الرعاة السبب الوحيد فى تبديد موارد البلاد غير البترولية، وانما السبب الحقيقى يكمن فى غياب التنسيق بين وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية ووزارة الثروة الحيوانية فى الجنوب، بجانب غياب التنسيق بين الاتحادية ووزارات الثروة الحيوانية الولائية، وقد اسهم إنعدام هذه التنسيق فى افراز جملة من النتائج السالبة على قطاع الثروة الحيوانية ادى الى التدهورالذى يشهده اليوم، كل هذه المستجدات دفعت على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية فى ملتقى وزراء الثروة الحيوانية بالولايات وحكومة الجنوب بقاعة الصداقة امس الى اطلاق الهواء الساخن فى وجه الجميع، بتأكيده على انه بسبب الغياب وتنسيق الاولويات بينها نشهد الصور السالبة التى تنقل لنا من تلك المناطق، من تقاطعات رعوية واشتباكات بينهم من حين لآخر ادت الى إراقة الدماء وازهاق الارواح وتبديد الثروة الحيوانية فى الفترات السابقة، ورأى طه ان الحل يكمن فى اتجاه وزارة الثروة الحيوانية الى احكام التنسيق مع الوزارات الولائية خاصة فيما يتعلق بإنهاء التقاطع القبلى بين الولايات وحث الرعاة على ان وحدة الارض اهم من المصالح الذاتية والحدود الوهمية بين الولايات، كما رأى طه ان تحقيق شعار قطاع الثروة الحيوانية (قطاع رائد من اجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والوحدة )، يمكنه ان يسهم فى تعزيز الوحدة بين الشمال والجنوب فى حال تفعيله، داعيا المشاركين فى الملتقى الى الخروج بتوصيات وموجهات حقيقية تسهم فى تحقيق الشعار كى يكون عنصرا فى تحقيق السلام والوئام بدلا عن تجميع الكلمات البراقة، وان يعزز من فرص الوحدة والسلام الاجتماعى، مشيرا الى ان ما يجمع اهل البلاد اكثر مما يفرقهم، واعتبر طه ان الاحتكاكات والمناوشات التى تحدث بين الرعاة من حين لآخر سببا للفرقة والصراعات، معربا عن أمله فى ان يخرج الملتقى بتوصيات ومخرجات يتم تطبيقها على ارض الواقع تدفع بالقطاع الى الامام وتجعله فى مصاف القطاعات الاخرى، وان لا تكون نظريات فقط، وقال: نتطلع الى ان يكون الملتقى عملا تطبيقيا وليس ورشة تنويرية لا تضيف الى الآمال والتطلعات شيئا لتطوير القطاع، مؤكدا حرص الدولة ورعايتها وتشجيعها للقطاع من خلال تقديم المشروعات والبرامج وادخاله فى شراكات مع القطاع الاقتصادى والسيادى بمجلس الوزراء ، لكنه رهن ذلك بخروج الملتقى اولا بتوصيات عملية تقنع الدولة بدعمه. ويتفق معه د. عوض الجاز وزير المالية والاقتصاد الوطنى الذى اشارالى ان التقاطعات والتداخل الرعوى بين الولايات ، بجانب عدم التنسيق بين المركز والولايات أسهم فى تدهور القطاع ووصوله الى الحال الذى عليه اليوم ، كما رأى الجاز ان الاجراءات التعسفية التى تتخذها الولايات التى يمر عبرها الصادر الحيوانى واحدة من الاسباب التى اضرت بالقطاع، لكن الجاز عاد واكد ان الصادرات غير البترولية انقذت الدولة فى العام الماضى الذى وصفه بالعام (العجاف)، مشيرا الى ان الصادرات الحيوانية حققت عائدات فى 2009م تجاوزت ال(900) مليون دولار، فى الوقت الذى انهارت فيه صادرات المؤسسات الاقتصادية الاخرى بسبب الازمة المالية العالمية، ووعد الجاز بأن يكون العام الحالى عاما للصادرات غير البترولية عبر دعم قطاع الثروة الحيوانية. ولم يذهب د. فيصل حسن ابراهيم وزير الثروة الحيوانية والسمكية بعيدا عن ما ادلى به وزير المالية من حديث عن سياسة الولايات تجاه انسياب صادرات القطيع التى تمر عبرها، حيث شكا فى حديثه امام الملتقى عن مواصلة الولايات فى اتخاذ الاجراءات التعسفية التى اعاقت وصول صادرات الماشية لموانيء التصدير فى الاعوام الماضية، داعيا وزراء الثروة الحيوانية بالولايات الذين شاركوا فى الملتقى لضرورة تضمين توصية فى الملتقى تسهل انسياب الصادرات فى العام الحالى حتى لاتصطدم الصادرات مرة اخرى هذا العام بعقبة الاجراءات، كما شكا د. فيصل عن تحويل هيئة بحوث الثروة الحيوانية من وزارته الى وزارة العلوم والتقانة، مطالبا باعادة هيكلة الوزارة عبر ارجاع الهيئة مرة اخرى للثروة الحيوانية، وحصر د. فيصل التحديات التى تواجه وزارته فى نقص الخدمات البيطرية الضرورية لصحة الحيوان، وتضارب القوانين والسياسات الاتحادية والولائية فيما يتعلق بالاستثمار فى الثروة الحيوانية، وعدم الاستفادة من الاراضى الصالحة للزراعة والرعى، اضافة الى عدم وجود مواعين لضبط جودة المنتجات الحيوانية الامر الذى باعد من قدرة قطاع الثروة الحيوانية على المنافسة الخارجية، إلا ان وزير الثروة الحيوانية عاد وتعهد بأن تحل وزارته جميع هذه المشاكل فى العام الحالى، لكنه رهن ذلك بمساعدة الولايات، مطالبا وزراء الثروة الحيوانية بالولايات بسن القوانين والتشريعات التى من شأنها ان تؤدى الى ازالة العقبات، وكشف الوزير انه فى اطار الخطة الخمسية للنهضة الزراعية عن وضع وزارته لخطة طموحة وبرامج للعام الحالى للنهوض بالقطاع، مبينا انها تركز على محاربة الامراض الحيوانية والسيطرة عليها وتحسين السلالات من خلال استيراد سلالات حديثة من الخارج، وذكر ان الخطة تهدف الى معالجة حدة الفقر وتحقيق الامن الغذائى عبر زيادة الصادرات الحيوانية فى جميع انواع الماشية السودانية بعد توقيع العديد من الاتفاقيات مع الدول العربية والاوروبية. ويسير معه فى ذات الاتجاه د. محمد عبدالرازق عبدالعزيز وكيل الثروة الحيوانية الذى اكد حرص الوزارة فى اطار الخطة الخمسية لتطوير القطاع ، مشيرا الى انها تهدف الى تحسين الصادر ومكافحة الاوبئة والامراض المتوطنة التى خصصت لها (20) وحدة بيطرية متحركة، بجانب فتح المزيد من الاسواق لتسهيل انسياب الصادرات الحيوانية للدول العربية، وكشف د. محمد عبدالرازق عن ان عائدات صادرات الماشية للخارج تجاوزت فى العام الماضى(262) مليون دولاربنسبة (135%) مقارنة بالربط ، فيما حققت عائدات صادر اللحوم الحية والجلود (9) ملايين جنيه مقارنة بالربط المحدد ب(7) ملايين جنيه.