تتعدد المؤتمرات وورش العمل والندوات التي تناقش تنمية الموارد والصادرات غير البترولة من حين لآخر ويخروج المؤتمرون بالتوصيات والنتائج إلا ان المحصلة النهائية تصدقها الارقام التي تشير الى تراجع عائدات الصادرات غير البترولية من عام لآخر رغم الامكانيات والموارد التي تتمتع بها البلاد الى جانب الأنواع المتعددة من التربة والظروف المناخية والبيئة المختلفة وتفاوت درجات الحرارة ومعدلات الامطار وثروة حيوانية تصل الى اكثر من «041» مليون رأس وحسب الاداء الفعلي للايرادات العامة الذاتية بلغت غير البترولية منها بنهاية العام 7002م «808 ملايين جنيه» مقارنة ب «302.9» مليارات جنيه للبترولية الامر الذي يشير الى اعتماد الدولة كليا على الايرادات البترولية في دعم الخزينة على حساب الايرادات غير البترولية رغم تحذيرات الخبراء الاقتصاديين بخطر هذا الاعتماد ودعوة وتوصيات المؤتمرات المختلفة بضرورة الاستفادة من عائدات البترول للنهوض بالصادرات غير البترولية بتطوير القطاعات الزراعية والصناعية والحيوانية وغيرها. ورغم وجود اكثر من «041» مليون رأس من الماشية بالبلاد كشف المصدرون في ندوة بعنوان كيفية تنمية الموارد القومية غير البترولية أمس التي تأتي ضمن سلسلة الندوات والمؤتمرات الهادفة للنهوض بهذا القطاع الى ظاهرة خطيرة وهي استيراد المواشي من اثيوبيا حسب افادات د. خالد المقبول رئيس شعبة مصدري اللحوم، الذي قال ان معظم اللحوم الموجودة في الجزارات من العجالي لحوم واردة من اثيوبيا. وذهب الى ابعد من ذلك واشار الى اتجاه بعض المنتجين الى بيع اناث الحيوانات بسبب الاهمال وتهميش الدولة. واقرت وزارة الثروة الحيوانية بتدهور القطاع الرعوي بسبب تدني الخدمات والهجرة العالية ويقول الدكتور حسن محمد نور من وزارة الثروة الحيوانية ان صادرات البلاد من اللحوم تقدر ب «71» مليوناً سنويا مقابل «31» مليون رأس استهلاك محلي. واضاف ان «نسبة الصادرات تمثل 02% من الفائض. وفي ذات السياق .. سياق الاعتماد على الموارد غير البترولية تقوم بالبلاد في مجال القطاع الصناعي اكثر من «42» الف منشأة تتوزع على ولايات السودان بنسبة «91%» في ولاية الخرطوم و«5.71%» في ولاية جنوب دارفور و«31%» في الجزيرة ورغم هذا اختفت بعض الصناعات تماماً من الاسواق الداخلية كصناعة الصلصة والملابس الجاهزة والاطارات بسبب عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة لهذا القطاع بعد ان كان يصدر في السابق عصير المانجو للسعودية والكركدي لالمانيا والبصل لهولندا و«03» مليون قطعة من الملابس الجاهزة، ويقول الأمين عبدالماجد «صناعي مخضرم» ان ايلولة المصانع للولايات أدت توقفها الى جانب نقص العمالة المدربة والمؤهلة. ودعا عزالدين ابراهيم الخبير الاقتصادي الى ضرورة انشاء المزيد من المدن الصناعية وتوجيه المشتروات الحكومية للاستفادة من الصناعات الوطنية مع ضرورة استقطاب بعض العقول والخبرات وتشجيع سياسات الاستثمار الصناعي وربطه بالقطاع الزراعي. بينما اقترح وكيل وزارة الصناعة سيف الدين المدني ايجاد صيغ تمويلية جديدة تواكب متطلبات التصنيع الزراعي مع اعادة النظر في تسعير مدخلات ووسائل الانتاج التي تملكها الدولة وازالة التقاطعات بين اجهزة الدولة المختلفة وممارسة الاختصاصات بالتنسيق تفاديا للازدواجية وتهيئة مناخ محفز للانتاج. وتوقع ان تعود الخطة الخمسية بنتائج ايجابية لهذا القطاع. ولاحظ الخبراء الذين شاركوا في الندوة تراجعا في نسبة الصادر الزراعي بعد استخراج وتصدير البترول لتراوح ما بين «7 الى 51%» فقط من الصادر رغم ان هذا القطاع يمثل مصدر عمل ل«56%» من القوى العاملة، ويوفر «05%» من المواد الخام للقطاع الصناعي وعلى الرغم من عظم هذه الاسهامات إلا انها تعتبر متواضعة مقارنة بعدد سكان وموارد وامكانيات هذا القطاع. ويعزى ذلك لضعف استثمارات القطاعين العام والخاص الذي يتمثل في قصور البنية التحتية والقدرات الفنية للعاملين وضعف الخدمات المساندة للانتاج من بحوث وارشاد وتقاوٍ محسنة بالاضافة الى ضعف الاسناد الفني المقدم بواسطة الاجهزة العاملة في هذا القطاع.. واقرت وزارة المالية والاقتصاد بالاهمال والتقصير في قطاع الصادرات غير البترولية، وقالت ان حجم الانفاق ضعيف مقارنة بالقطاعات الاخرى. وقال وكيل وزارة المالية د. الطيب ابو قناية ان حجم الانفاق على القطاع الصناعي يقدر ب«04%» داعيا الى ضرورة تطوير هذا القطاع ويقول ان تقدم الدولة تعتمد على استغلال هذه الموارد، مؤكداً مساعي الدولة في الفترة المقبلة للاستفادة من الموارد غير البترولية والسعي نحو تطوير القطاعات المختلفة، ويقول وزير الدولة بالمالية د. لوال دينق: لابد من تطوير الاستراتيجيات الداعمة للزراعة باعتبارها اساس التنمية والاقتصاد وماكينته، وباعتبار البترول هو وقود هذه الماكينة ومحركها والاعداد الجيد للاستفادة من هذه الموارد في موازنة العام المقبل. واثبتت الدراسات العلمية ان التقدم الاقتصادي الذي يشهده البلدان الاخرى كان نتيجة لتطوير مقدراتهم في استغلال كل الموارد المتاحة، الى ان وصلت الى مراحل متقدمة الامر الذي يتطلب من الجهات ذات الصلة كافة الى وضع معالجات عاجلة لانقاذ هذا القطاع المهم الذي كان في يوم من الايام المحصلة الرئيسية لخزينة الدولة.