بدأت أمس في بلادنا تجربة جديدة وهي إضافة يوم السبت من كل اسبوع عطلة رسمية للقطاع العام بجانب يوم الجمعة.. وتعويضاً لساعات عمل يوم السبت تم تمديد يوم العمل العادي حيث يبدأ الموظفون عملهم من الثامنة صباحاً الى الرابعة عصراً وبالنسبة للعمال من السابعة والنصف الى الرابعة والنصف. التجربة ما زالت وليدة.. ولا يمكن تقييمها.. بالحكم لصالحها أو ضدها.. لكن هناك ملاحظات جديرة بالتنبيه لها.. ولا أعتقد ان الجهات المختصة قد فاتت عليها. ومعظم هذه الملاحظات تتركز في القطاع العام. في تقديري.. ان معظم الدوائر الرسمية.. لا يكملون ساعات عملهم التي حددها قانون العمل بشكل كامل.. بل يضيع وقت طويل من ساعات اليوم في أمور لا يجب ان تضيع فيها.. أولاً: الخروج أثناء ساعات العمل لعدد كبير من الموظفين لقضاء بعض حوائجهم الخاصة.. ثم الإفطار.. ونحن الدولة الوحيدة التي يضيع فيها وقت طويل في الإفطار، خاصة الإفطار الجماعي.. وصحن الفول الشهير الذي يستغرق تحضيره فترة ليست بالقصيرة.. يقوم به على الأقل ثلاثة أشخاص.. كل شخص له مهمة معينة في التجهيز.. بل نرى كثيراً من سيارات الدولة تقف أمام محلات السمك في الموردة وفي أبوروف تحمل كميات كبيرة من السمك لزوم الإفطار.. قَدِّر المسافة الى الموردة وانتظار شراء السمك ولا ننسى أن عدداً من العاملات يحضرن الفسيخ وملحقاته في الإفطار. بعد انتهاء الإفطار.. يبدأ الشاي والقهوة ثم الجلوس في المكاتب.. ولا يقضون اكثر من ساعتين.. حتى يحين موعد صلاة الظهر.. ويذهب عدد كبير من الموظفين الى المسجد الملحق بالمؤسسة أو الوزارة.. ويؤدون الفريضة وبعضهم يواصل قراءة أوراده.. ثم يخرج من المسجد ليجد سيارات الترحيل في انتظارهم. وبحساب دقيق.. يوم العمل الرسمي لا يتجاوز ال «4» ساعات في اليوم، وبالطبع عندما يراجع المواطن أية مؤسسة ويسأل عن الموظف المسؤول.. الإجابة لدى زملائه جاهزة.. والله ذهب الى وزارة المالية.. أو الى أية وزارة لا تستطيع ان تقول شيئاً.. ولا تستطيع إلا أن تستجيب لطلبه بأن تحضر غداً. إذا كان هذا الواقع الحقيقي لوضع الكثير من الوزارات والمؤسسات التي لها علاقة مباشرة بمصالح الجماهير.. فكيف سيكون الواقع عندما يبدأ العمل من الثامنة صباحاً الى الرابعة والنصف.. كم ساعة سيبقى فيها الموظفون في مكاتبهم يباشرون أعمالهم ويقضون حوائج الجماهير.. ولا تنسوا أن هذا الزمن الجديد فيه وقت للغداء.. وفيه فريضة العصر الواجبة شرعاً وديناً على كل مسلم.. ونحمد الله ان السواد الأعظم من العاملين هم من المسلمين. أود أن أقول.. إن اليوم العادي لا يؤديه معظم العاملين بالدولة وليس كلهم بشكل جيد.. فكيف سيكون الحال عندما يبدأ العمل مبكراً وينتهي متأخراً.. هناك نقطة أكثر خطورة.. وأكثر أهمية.. نخشى ان يذهب كثير من الموظفين الحكوميين الذين أتوا للعمل في الخرطوم من مناطق مجاورة مثل الجزيرة.. أو بحر أبيض أو شندي.. ان يذهبوا عصر الخميس لأهلهم في تلك القرى والمدن القريبة.. ويبقوا الجمعة والسبت.. ويغادروا الأحد صباحاً ليصلوا بعد الحادية عشرة مساء، وهذا لن يفعله كثير من الموظفين.. لكن بكل تأكيد هناك من ينفلت ويفعل هذا. نحن نطالب الأجهزة والخبراء الذين وجدوا جدوى كبيرة في ان تكون العطلة الاسبوعية في السودان بالقطاع العام يومين في الاسبوع.. خاصة ان كثيراً من العاملين في الدولة يعتبرون يوم الخميس نصف يوم في العمل.. وكل من يضطر الى الذهاب الى كثير من الدوائر الرسمية والمؤسسات أيام الخميس يلحظ هذا الأمر بوضوح، نحن نطلب من الجهات المختصة والخبراء الذين أوصوا بهذه العطلة ان يقيّموا التجربة خلال الاسابيع المقبلة ليروا مدى نجاح الفكرة أو إخفاقها.. ويقيموا حجم إنجاز العمل في الدوائر كافة وإلزام الموظفين والعمال بمواعيد العمل بدءاً ونهاية.. وعدم «الزوغان» لقضاء الحوائج الخاصة. لأن من أهم أسباب نجاح هذه التجربة هو الالتزام الصارم بالمواعيد وبالإنجازات، وحسناً فعلت اللجنة الخاصة التي قررت هذه العطلة أن استثنت القطاع الخاص من عطلة السبت. المهم التجربة في بدايتها ونتمنى لها النجاح التام وأن يرتفع العاملون الى مستوى المسؤولية بالالتزام الصارم بمواعيد العمل وإنجاز قضايا المواطن في مواعيدها. والله الموفق وهو المستعان.