لعل التعاون والمصالح المشتركة أصبحت السمة الرئيسية التى تسيطرعلى العلاقات الدولية والاقليمية، بل ونتج عن اهمية هذا التعاون قيام ما يسمى اصطلاحاً ب(التكتلات الاقتصادية) التي اصبحت ملاذاً آمناً لحركة التجارة وتبادل السلع والخدمات،كما اظهرت الازمة المالية العالمية اهمية هذه التكتلات واهمية دول بعينها في تجاوز آثار وتداعيات الازمة المالية ومن بين تلك الدول التى لم تتأثر اقتصادياً بالازمة المالية جمهورية الصين التى عول معظم الخبراء على ما تمتلكه من احتياطيات نقدية تفوق ال(2) تريليون دولار في تجاوز آثار الازمة العالمية، بل نصح بعض هؤلاء الخبراء دولهم باللجوء الى الصين للاقتراض وتلافي آثارالازمة، ونحن في السودان استفدنا كثيراً من القروض الصينية التي لم تنقطع بل ازدادت بعد الازمة المالية. وتجسد التعاون بين السودان والصين في استخراج النفط السودانى في ظل الحصار ليصبح دولة مصدرة للنفط بدلاً من مستوردة وكما لجأت الصين الى الاستثماربالقطاع الزراعى في الجزيرة والشمالية وبقية ولايات البلاد، ويبدو ان نجاح التعاون السودانى الصينى شجع بكين على توسيع مظلة هذا التعاون ليطال الدول الافريقية، فجاء انعقاد اجتماع الصين وافريقيا قبل نحوعامين ببكين والذى اعلن فيه الرئيس الصينى عن دعم افريقيا ب(5) مليارات دولار، ومضى التعاون الصينى الافريقى، ليشجع الصين على مزيد من التعاون مع دول العالم لتغطية احتياجاتها من السلع والخدمات وخاصة النفط والغاز، ولذلك لجأت الصين الى التعاون مع العرب فجاء ميلاد ملتقى التعاون العربي الصيني الذي بموجبه استضافت الخرطوم ملتقى التعاون العربي الصيني في دورة انعقاده الثانية الذي اختتم اعماله بقاعة الصداقة حيث توج الملتقى بتوقيع مذكرة تفاهم بين جامعة الدول العربية والهيئة الوطنية للطاقة بجمهورية الصين الشعبية بشأن آلية التعاون العربى الصينى في مجال الطاقة. وأكد البيان الختامى أهمية متابعة تنفيذ بنود الآلية، والتأكيد على الدورالمحرك الذي يلعبه قطاع الطاقة في تحقيق التنميه المستدامة والاهداف الانمائية للألفية وضرورة تعزيز ودعم التعاون المشترك بين الدول العربية والصين في مجالات الطاقة كافة (النفط، الغازالطبيعى، الكهرباء، الطاقات المتجددة، كفاءة الطاقة،الطاقة النووية للأغراض السلمية وتبادل الخبرات ونقل التقنية) وصولاً للغايات المنشودة، كما تضمن البيان دعوة القطاع الخاص ومؤسسات التمويل من الجانبين العربي والصيني الى مساندة آلية التعاون العربي الصينى في مجال الطاقة والعمل على تطوير الصناعات اللازمة لدعم هذا المجال. واضح جداً من خلال البيان الختامي للملتقى ان العرب حددوا احتياجاتهم من الصين التي حددت بدورها ايضاً احتياجاتها من العرب خاصة في مجال الطاقة، ولكن مطلوب من هؤلاء جميعاً ان يحددوا مطلوبات المجتمع الدولي او بصراحة ما تتطلبه امريكا واين تقف من هذا التقارب العربي الصيني هل ستسمح بهذا التقارب أم لا؟ وهل يؤثر على مصالحها مع الدول العربية وحجم التأثير والضغوط التي ستمارسها امريكا على العرب لمنع هذا التقارب وامكانيات الصمود امام هذه الضغوط..؟ نأمل ان يستفيد العرب من التقارب والتعاون السوداني الصيني وان يتحسبوا الى الضغوطات والعقوبات التي مارستها امريكا على السودان والحروب المفروضة عليه وان يبنوا التعاون والتقارب على لغة المصالح الواضحة سواء مع امريكا اوالصين اوغيرها.