في مارثون الانتخابات، خلصنا، حتى الآن، الى الآتي: العدد الكلى للمرشحين في المستويات الانتخابية:« 14.535» تم شطب وإنسحاب «685» منهم، المرشحون للسباق الرئاسي«12» من حزبي الى مستقل. ياللهول انه زلزال، على قول «الشيخ».. ونحن الناخبون نردد مع الشاعر بوشكين: هذا هو الهواء في الشارع فالى أين نتجه؟! وقد يردد بعض من المرشحين ذات القول! ثم اقرأ في الكشف النهائي اسم اسم، ستجد ان كل السودان بتلاوينه على القائمة، واليمين موجود بكثرة واليسار بكثرة. والطوائف راياتها تتخابط. والقبائل والعشائر والأسر مثل النار تحت الرماد. لا تراها ولكنها موجودة بين «كل السطور». وهناك وجوه جديدة «من البالة»،وهذه نعمة، وهناك وجوه «معمرة»، وهذه بعض نعمة. وهناك وجوه دخلت السباق للفوز، وآخرون اقدموا على الخطوة من باب «الشو والفشخرة»..وكمان البحث عن رقم اضافي في السيرة الذاتية، مثل:مرشح رئاسي سابق. وهنا اسأل، وعلى فمي زاوية حادة جدا:ماذا يفيد الشخص اضافة مرشح رئاسي الى سيرته الذاتية. في ظني لاشئ، ولكن حب الناس مذاهب ومن طلب «العلا» سهر الليالي، ولو كان هذا «العلا» مجرد سطر وهمي يضاف الى السيرة الذاتية. بكل تلك الحمولات الانتخابية،وبكل هذه الشحنات الحزبية والمستقلة والقبلية والطائفية..الى آخر هذه القائمة الطويلة، سننتقل غدا السبت الى الشارع، والشارع طويل وعريض وواسع وملئ بالورود وبالاشواك،كما يليق بالحالة السودانية.على طريقة عرض البضائع في الاسواق، سيطل علينا المرشحون من كل فج عميق، حيث تبدأ الحملة الانتخابية. سيسلك المرشحون غداً، وعلى وجوههم ابتسامات بزوايا منفرجة،بالطبع،الطريق لمدة خمسة وستون يوماً سينتهى،ببعضهم إلى «جنة» الانتخابات: الفوز،وسيزج بالبعض الاخر في «نار» الانتخابات: السقوط.ولايوجد خيار ثالث. ما يهمنا بشدة في هذا الشأن الانتخابي، الذي نقبل عليه غدا، هو ان تكون مرحلة حياة ديمقراطية حقيقية،وبكل ما تعني الكلمة من معان ودلالات. وان تكون ساحة لحرية لا تتوقف،إلا عندما تبدأ حريات الآخرين.انت مرشح فقل ما شئت من القول في مدح نفسك، وفي طرح برنامجك،ارفعه الى عنان السماء،ضع نفسك في مصاف «السوبرمان».ثم التفت الى الناحية الاخرى،انزل في خصومك من المرشحين «كي»،قلل من قيمة برامجهم ما شئت، واكشف اوراقهم المستورة ما شئت،واضربهم بالقول ما شئت،ولكن في كلتا الحالتين لاتنسى ان للناس أعين ترى،واذان تصغى،وعقول وبصائر،تعينهم على التمييز بين الحديث الصادق وبين القول الكذب،بين الحديث الثمين،وبين القول الغث،بين التجني على الآخرين والنقد البناء،كما لا تنسى،وهذا هو مربط الفرس، ان يتم كل ذلك في اطار الدستور والقانون والأدب والاخلاق. تنافس اوباما وكلينتون في السباق الرئاسي الامريكي الاخير، الى حد غير مسبوق،دهش له حتى العالم الاول،قال الاول في الثاني كل شئ،ورد الثاني على الاول بأي شئ، ولكن كان القانون حاضرا في كل لحظة بين كل كلمة وكلمة، واللسان حصان وللحصان لجام،وقد اعتذر، في حمى السباق،هذا لذاك اكثر من مرة،وقبل الآخر الاعتذارات، بصدر رحب. فاز اوباما ولم ينتقم من كلينتون، وانما حملها معه الى البيت الابيض، ضمن الطاقم الحاكم، كما حمل معه آخرون من الحزب الخصم، وهذا أبلغ مشهد لأصول اللعبة.حساسية الاوضاع في سودان التوترات، تحضنا اكثر بان نتخلق باخلاق اللعبة. وإلا فإن كل الاحتمالات السيئة، ومن بينها «ديمقراطية السواطير»،ستصبح حقيقة.