تتشابك المشاكل الاجتماعية..وتتداخل الحلول والأسباب بما لا نستطيع معه الوصول الى حل سوى تعليقها على شماعة الظروف الاقتصادية.. متجاهلين الأسباب الحقيقية.. الأسرة في قوامها الهرمي.. «الأب.. الأم.. الأبناء»..وعلى من تقع المسؤولية؟ أتذكر ايام طفولتي ان احد اقربائي منحنى ريالاً أي عشرة قروش.. هدية منه دون ان اسأله اعطائي نقوداً.. ولكن أمي..علت ثورتها واشتد غضب اسئلتها وهي تقول لي: لماذا أعطاك له؟ ولاي سبب؟.. وكان لساني يلهج بالقسم.. انه اعطاني له من تلقاء نفسه وعن طيب خاطر.. والامهات يفعلن ذلك مع بناتهن الصغيرات أيضاً.. ذلك زمن الرقابة الاسرية التي كانت تدفع بالابناء الى العمل ليصرفوا على أنفسهم من عرق كفاحهم في العطلات المدرسية وعلى اسرهم ايضاً ويتعلموا صفة الإعتماد على النفس دون أن يفقدوا الحرية أو حتى يمدوا أيديهم الى الحرام.. وتلك حصانة لم تدرسها الامهات في الجامعات أو المعاهد العليا وانما من مدرسة الحياة.. بشهادة التجارب والخبرة. وكانت الاسرة تكظم على فقرها.. وتصبر على حالها، دون ان تمس الهرم الاسري اية هزة أو يخرج احد عن المسار المحدد للحياة في «الحيشان». اذن ماذا يحدث الآن ومن يتحمل المسؤولية في وجود هذه المشاكل والانفلاتات التي تحدث؟ هما الأب والأم في بعض الأسر بعد ان وزعا سلطاتهما وفرقاها على الابناء والبنات ليس بمفهوم الوعي والمسؤولية وانما من خلال باب الصرف ان كان الابن هو الذي يصرف.. أو كانت البنت.. ولا يهم السؤال من أين لك هذا أو عن السلوك؟ فالام مشغولة والأب أيضاً في زحمة الإنشغال بامور تلي أهمية عن تربية الأبناء دون ان يجعل اهتمامه يتوزع بالتساوي لما هو خارج الاسرة وما هو داخلها.. والمعني هنا الرقابة الاسرية التي نقوّم ولكنها لا تحجم الحرية، التي تدفع الابناء الى التفوق وتعلم المسؤولية دون تجاوز للسلطات الابوية.. فصلاح المجتمع يبدأ من البيت، وهو الذي يؤسس لمجتمع معافى لا يخلو من المشاكل ولكنها ليست بالمدمرة.