الإهمال في تربية الأبناء، وانشغال الأب والأم عن دورهما، إضافة إلى ضعف مناهج التعليم ادى الى ظهور الخلل في تربية الأبناء، كذلك وصول وسائل التقنية الحديثة الى داخل البيوت، افرز وضعاً سيئاً باختفاء الرقابة الداخلية والخارجية داخل المؤسسة الاسرية، جعلنا نتعمق في اسباب هذا الخلل وعلى من تقع المسئولية؛ الاب ؛الام ؛ ام المجتمع.. صحيفة «الانتباهة» تجولت داخل ردهات بعض الاسر لمعرفة اين تكمن الحقيقة وخرجت بالتالي: أين البيوت الآمنة؟ التقينا ابراهيم الطيب معلم فتحدث من زاوية ذات صلة وثيقة بالقضية وهو دور المدرسة التكاملي مع الاسرة في الرقابة والذي اشار فيه الى ان أغلب المدارس تعاني من كثرة مشكلات طلابها، وبعد البحث عن اسبابها عرفنا ان اغلبها اخلاقية وسببها اختفاء الرقابة الابوية واهمال دور الأسرة في التربية وعدم تواصل البيت مع المدرسة لمد جسور التعاون الا في نهاية العام مما يؤثر على سلوكيات الطالب وتحصيله الدراسي لعدم متابعة الاسرة لهم، واضاف ان هذا يشكل خطراً حقيقياً باختفاء البيوت الآمنة.. فتنة المغريات بينما ترى عنايات الفكي ربة منزل ان بعض الأبناء لا يدرك مصلحة نفسه كما يدركها الآباء مما يعرضه للمؤامرات من اصدقاء السوء والتي لا يعرف الى اين تقوده الا بعد ان يقع في شراكها بعد الانغماس في ملذات ومغريات الدنيا والتي هي من اكبر الفتن، خاصة وان رب الأسرة اصبح يلهث خلف المال من اجل ان يوفر لعائلته حياة كريمة؛ ولكن اللوم لا يقع عليه فقط ولكن للأم ايضاً اسهاماً في ذلك ان لم تكن ذات بصيرة ودراية بما يستجد من امور تحدث للابناء وتتابع احوالهم.. الاحتياجات النفسية والتقينا الاستاذ ايوب التجاني محامي والذي اكد ان المشكلات الاسرية في العائلة وعدم وجود التوافق بين افرادها خاصة الوالدين تُعد احد اهم اسباب اختفاء الرقابة الاسرية؛ لانشغال الوالدين بمشكلاتهما وعدم الاهتمام بما يحدث للابناء، ووجه نصيحته بقوله ان الوقاية خير من العلاج من خلال تجلي دور الاسرة في تربية ابنائها التربية الصالحة على مبادئ الشريعة الاسلامية ومراقبتهم في كل الظروف وابعادهم عن جلساء السوء وخاصة في سن المراهقة لانهم يتعرضون في هذه المرحلة الى فراغ عاطفي وعدم نضج فكري او نفسي او اجتماعي وهنا يأتي دور الأباء بالجلوس معهم واغراقهم بالحب والحنان وسد احتياجاتهم النفسية.. مظلة البيت الكبير من جهة اخرى ارجعت نور سيد احمد موظفة اختفاء الرقابة الاسرية لانهيار مفهوم البيت الكبير والذي لم يعد له وجود في هذه الايام، مشيرة الى انه كان مظلة لكثير من الاسر كادت ان تنهدم لولا وجود رب الاسرة الكبير، ونجد في الوقت الراهن ان الابناء باتوا يبحثون عن امهاتهم او آبائهم الذين انشغلوا في امورهم الخاصة ونسوا ان من اهم واجباتهم رعاية ابنائهم بكافة الجوانب سواء كانت نفسية او اجتماعية.. عواقب التفكك الأسري بينما يُرجع احمد ساتي موظف بالمعاش اختفاء الرقابة الاسرية الى ان بعض الاسر تعيش تحت سقف واحد ويوجد بها تفكك معنوي وهذا ما يسمى بالتفكك غير المباشر واسبابه تعود الى مستوى فهم الاسر المرتبطة بتغير الحال والزمان ومنها ايضاً عامل الثقافة المعدومة من قبل الابوين وعدم معرفتهم بمعاني تكوين الاسرة الناجحة وتحمّل المسؤولية، ولا يفوتنا ايضاً اختفاء رب الاسرة عن الساحة باعذار واهية كالبحث عن لقمة العيش وغيرها في محاولة للتهرّب من المسؤلية، واحياناً قد يكون موجوداً ولكنه يلهي نفسه بامور مختلفة كمتابعة الاخبار والتفرد بامور المنزل وغيرها، وحديثي هذا ليس موجهاً لرب الاسرة فقط وانما للام كذلك قد تكون ايضًا هي بنفس الطريقة اي تنفرد لجلساتها وامورها الشخصية متناسية انها هي ايضاً لها دور فعّال في الأسرة.. رأي علم الاجتماع لدى لقائنا بالدكتور خليل ميرغني الخبير بعلم الاجتماع والذي ابتدر حديثه بقوله ان الرقابة الاسرية تحددها طبيعة المنطقة التي تواجد بها الأسر؛ فبالنظر للقرى نجد ان العلاقات فيها مباشرة ومترابطة وتتماسك فيها القيم والعادات والتقاليد الاجتماعية الاصيلة ونجد ان الرقابة جماعية من العم والخال لأن التنشئة جماعية يسهم فيها كل مجتمع القرية.. واستدرك بقوله ان اختفاء الرقابة يظهر بالمدن المتحضرة وتحكمها طبيعة عمل الابوين كالاطباء وذوي المهن الشاقة التي تأخذ كل الوقت اضافة لاختفاء مفهوم البيت الكبير والاكتفاء بالاسرة النووية والتي اظهرت اطفالاً لا يجدون القدوة امامهم في المنزل وكذلك المدرسة ويأخذونها من التلفاز وما يحتويه من مسلسلات لا تُسمن ولا تُغني من جوع، كذلك لا ننسى ان الوضع الاقتصادي اسهم بشكل كبير في هذه القضية الحساسة لانها ادت لاهتزاز القيم الراسخة بسبب الفقر وسعي الابوين لتوفير لقمة العيش مما جعل الابناء ضحايا لكل السلبيات بسبب ضعف دور الآباء، وعلى الاسرة ان تُقنن عملية الرقابة على الابناء من خلال ايجاد القدوة الحسنة والذي قد يكون الاخ الاكبر او الاخت ومحاولة ايجاد الوقت الكافي لابنائهم للتباحث في مشكلاتهم وفهم ميولهم لمجاراتها بتصحيح الصحيح والابتعاد عن الأخطاء والتهديد الذي قد يعلم الابناء الغش والخداع..