الدوبلاج فنٌ أوّلاً وتقنيّة أخيراً... تقنية من تقنيات صناعة الصورة الناطقة, وهو تركيب الصوت على الصورة فى مادة فيلميّة... تتحدّث الصورة بلغة فيتدخّل صوت آخر فيركّب لغة أخرى على الصورة... لذلك فالدوبلاج نوع من (التزوير) الشرعى لصالح تجارة السينما والفيديو... حق استثنائى لتحويل الحوار من لغة ضيّقة الإنتشار إلى لغة أكثر انتشاراً... الدوبلاج (تزوير) للصوت لكنْ لا يُفْتح أمام هذا التزوير بلاغ فى الشرطة أو النيابة! لا يجرؤ أحدنا على القول بأنّ الدوبلاج درجة من الترجمة, لأنّها ليست كذلك فهى من الممكن أن تكون درجة من التصرّف اللغوى الذى ينأى فاعله عن الخروج من أصل الحوار وأصل السياق لكنْ فى ذات الوقت هو محاولة للتوفيق بين الكلام الذى يجرى على اللسان وحركة الشفتين واللسان والتعابيرالوجهيّة! مع إزدهار تقنية الدوبلاج لم يعد السياسيون الثرثارون الذين يدلون بتصريحات بالعشىّ والإشراق بمأمن من الدوبلاج... هذا الطراز من السياسيّين الذى يجرى وراء الصحفيّين والتلفزيونيّين وليس العكس, فيقلبون المعادلة من حيث لا يدرون, فتصبح التصريحات هى التى تصنع الأحداث, وليس الأحداث هى التى تصنع التصريحات... هذه الفئة ستكون الجيل الأوّل من ضحايا الدوبلاج! أناصح المرشّحين لرئاسة الجمهوريّة بالحرص على ضبط صوتهم مع صورتهم حتى لا يتركوا ثغرة ينفذ منها الدوبلاج... ولو اقتضى الأمر أن (يأتوا على نفسهم قليلاً) ويكتفوا ببث تصريحاتهم من خلال الآليّة الاعلاميّة للمفوضيّة الإنتخابيّة! من حين لآخر يخترق النادى السياسى تصريح ... وبعد دقائق معدودات تقوم الجهة الصادر عنها التصريح بنفيه... أو تقول انّ التصريح أُخْرِجَ من سياقه... فماذا يكون ذلك غير إنذارً غير مُبَكّر بإقتراب دخول الدوبلاج فى السياسة السودانيّة! يا ويل أمّة أوشعب دخل الدوبلاج حياتها السياسيّة أو دخل حملاتها الإنتخابيّة... إذن لصار الدوبلاج هو المسئول عن الوفاق الوطنى, وعن مصالح الجماهير... بل والأدهى من ذلك يغدو الدوبلاج مسئولا عن تكوين الحكومة القوميّة... فنكون قد بلغنا مرحلة التيه السياسى بجدارة... لأنّنا بذلك نمنح تقنية من تقنيات (التزوير) حق تقرير مصيرنا تحت سمع وبصر النائب العام!!