لقد كتبت مقالاً قبل ثمانية أشهر تقريباً بعنوان -- كذبة من العيار الثقيل -- وقبل هذا العنوان كانت هناك ثلاث كلمات لن أفصح عنها لوجود محاذير سياسية ، وأمنية ، وأرسلت ذلك المقال لرئيس تحرير إحدى الصحف العربية وتم الاتفاق معه بأن لا ينشر ذلك المقال إلا بعد إن تتكشف الكذبة لوجود تلك المحاذير. وفي هذه السطور سوف أوضح بعض النقاط التي ذكرتها في ذلك المقال بالتلميح وأبرز ما فيه إن هناك كذبة كبيرة من العيار الثقيل فجرها بوش وأعوانه وصدقتها أغلب شعوب العالم وخاصة قادة الدول والمحللين السياسيين مما جعل لهذه الكذبة قيمة ثمينة سوف يستثمرها المحتل بعد الكشف عنها ، وبعد ثمانية وأربعين يوماً تقريباً من كتابة ذلك المقال كتب رئيس تحرير تلك الصحيفة توضيحاً للكذبة حسب ما ذكرتها له في المقال ولكن أخفى أسمي ورمز له ( بكاتب ومفكر عربي لا تربطني به صلة ) وأيضاً ما دفعني لكتابة هذا المقال هو اقتراب هروب المحتل من العراق خلال الثلاثة أشهر القادمة. وإذا انكشفت تلك الكذبة رغماً عن المحتل فسيبقي في العراق مدة أطول يصارع الموت وعندها ستختلط الأوراق وتحل بالمنطقة كارثة أخطر وأفتك من احتلال العراق نفسه لأن أثار تلك الكارثة ستمتد إلى جميع الدول المجاورة للعراق . ولكن يبدو أن بوش وحلفاؤه وأيضاً حلفاء الشعب العراقي مصممون على إخفاء الكذبة حتى تعود الأوضاع لصالح المحتل ومن ثم يتم الإفصاح عن الكذبة ليتمكن المحتل من الهروب من العراق بأقل الخسائر ويتخلص من فاتورة الحرب ، وعندها ستتحقق تنبؤات بوش بتاريخ 25/2/2003م عندما قال -- النصر في الحرب لن يكفيني دون حصولي على لسان الصحاف الذي كان خطيراً على الأمريكيين-- ومغزى هذه الكلمات أوضحتها في جميع مقالاتي السابقة ، والمؤشرات تؤكد اقتراب هروب المحتل من العراق فمؤتمر أنابوليس بأمريكا سيكون مؤتمر لحل أحدى المشكلتين الخطيرتين التي تواجه أمريكا فالمشلكة الأولى / هي أن أمريكا غزت العراق دون موافقة الأممالمتحدة لذا هي تسعى عن طريق هذا المؤتمر إلى إنتزاع اعتراف الدول المؤثرة والرئيسية في مجلس الأمن الدولي لتأييد غزوها للعراق وأن يكون انسحابها من العراق تحت مظلة الأممالمتحدة. أما المشكلة الثانية التي تواجه أمريكا هي كارثة الإنسحاب ، فالخطر يهدد قواتها لو فكرت في الإنسحاب ولذلك هي تسعى لعقد صفقة سرية مع إيران بهدف الضغط على شيعة العراق ومنعهم من الإعتداء على القوات الأمريكية وحلفائها أثناء الإنسحاب وما يدل أن هذه الصفقة على وشك توقيعها هو التقارب الأمريكي الإيراني وخفة حدة التوتر بينهما وأيضاً قيام أمريكا بإطلاق سراح الرهائن الإيرانيين ، أما المواجهة الإعلامية بينهم هذه الأيام ليست سوى ذر الرماد على العيون ، وقد يكون هناك رضوخ إيراني لطلب أمريكا بتفكيك مفاعلها النووي أسوة بكوريا الشمالية مقابل دعم أمريكي لإيران في مجالات أخرى . ويبقى السؤال المحير ماذا ستقدم أمريكا لإيران مقابل هذه الخدمة وهذه التنازلات ؟ والإجابة على هذا السؤال ستكشفه لنا الأيام القليلة القادمة . ونخشى أن تلعب أمريكا بأمن الخليج العربي في هذه الصفقة فالجزر الإماراتية مرشحة بشكل كبير بأن تكون هي الصفقة أو بمعنى أوضح الفخ الذي ستوقع أمريكا إيران فيه مقابل تلك الخدمة والتنازلات التي ستقدمها ، فالجزر الإماراتية احتلتها إيران من أجل مواجهة أي اعتداء عليها من أمريكا وأيضاً بهدف السيطرة على الممرات البحرية في الخليج العربي. ولكن إذا ما تمت هذه الصفقة باعتراف أمريكا لإيران بهذه الجزر أو دعم الاعتراف لإيران بهذه الجزر بطريقة غير مباشرة عن طريق المحكمة الدولية فعندها تكون أمريكا استطاعت أن تجعل من إيران مصدر قلق وخطر على الخليج بأكمله وأيضاً تضمن استمرار حاجة دول الخليج إلى الحماية الأمريكية من هذا الخطر ، وفي نفس الوقت سيكون طمع إيران في هذه الجزر وأيضاً طمعها في دعم أمريكا لها هو الفخ الذي تمهد له أمريكا لإيقاع إيران فيه حتى تبقى خاضعة لها على الدوام ، وإذا فشلت الصفقة مع إيران فستحل على أمريكا كارثة أثناء الإنسحاب0 وأيضا لاكتمال حل المشكلة الثانية هناك صفقة سرية مع تركيا لإشغال الأكراد في شمال العراق ، فالأكراد لا بد من إشغالهم حتى لا يكون هناك تعاون بينهم وبين شيعة العراق في الجنوب لضرب المحتل أثناء الانسحاب ولكن إرادة الله قد تجعل من انسحاب المحتل كارثة عليه وقد يواجه نفس المصير الذي واجهته القوات العراقية أثناء الانسحاب من الكويت وبالتحديد جنوب العراق ، وهذا ما ذكرته في مقالي الأول في شهر محرم عام 1427ه في إحدى الصحف العربية وأيضاً كررت نفس السيناريو الذي قد يحدث للمحتل أثناء الانسحاب من العراق في مقالي الثاني في شهر شوال من نفس العام في صحيفة عربية أخرى والمقالين سوف أعيد نشرهما بعد أن تنكشف كذبة بوش ويتفأجا العالم بهذه الكذبة. أما موعد كشف الكذبة ، فأتوقع والله أعلم سيكون صباح يوم عيد الأضحى المبارك القادم لعدة أسباب تصب في مصلحة المحتل ، منها تحسين صورته أمام العالم ، واستعراض للقوة ، ومهارة التوقيت ، وكل لبيب بالإشارة يفهم. * كاتب سوري