مرونة مفوضية تستحق الإشادة جاء في إفتتاحية الصحيفة ان رئيس المفوضية الوطنية للإنتخابات أصدر مذكرة تم تعميمها وكانت بشأن التعامل مع مخاوف مندوبي القوى السياسية والمرشحين قبل موعد إجراء الإنتخابات العامة خلال الفترة من 11 ابريل الى 31 أبريل. وأكدت المفوضية إستقلاليتها وحياديتها وان إهتمامها الرئيسي ينصب في إدارة إنتخابات نزيهة وحرة. وكانت مذكرة المفوضية الوطنية للإنتخابات توضيحية إذ أنها حوت الإجابات على جميع التساؤلات والشكاوى كما تضمنت الحلول لجميع المسائل. والتمعن في ما حوته مذكرة المفوضية يكشف عن عدم وجود خروقات ظاهرة تستحق كل تلك المخاوف من قوى المعارضة السياسية والمرشحين. وبالرغم من ذلك وافقت مفوضية الإنتخابات على تنظيم إجتماعات مع جميع المشاركين والأحزاب السياسية للتعامل مع مخاوفهم. ومن المعروف ان مفوضية الإنتخابات تضطلع بمهمتها وفقاً للتفويض الممنوح لها ولذلك لا يمكنها ان تنظر في أي أمر خارج دائرة مسؤوليتها.وقد حان الوقت بالنسبة للقادة السياسيين ان يعملوا بكل المسؤولية والإعتبار للأوقات الحرجة التي تمر بها بلادنا وإبداء المرونة خلال التعامل مع القضايا الراهنة للإنتخابات دون إثارة المخاوف في وسائل الإعلام وإرباك الناخبين. وانها لخطوة حميدة عندما أعلنت المفوضية انها ستسعى لعقد إجتماع تشاوري مع الأحزاب السياسية والأجهزة المسؤولة عن حماية الحملات الإنتخابية ومع الآلية الإعلامية المشتركة في محاولة للتوصل إلى إتفاق حول المخاوف أثارتها قوى المعارضة. وأننا لعلى ثقة بأن الجلوس سوياً على مائدة التفاوض كرجال دولة مسؤولين وكقادة قوى المعارضة المحترمين والمفوضية سيصلون إلى كلمة سواء بغية إجراء إنتخابات حرة ونزيهة وفي موعدها المحدد. ونعتقد ان مذكرة المفوضية جاءت في أوانها وتؤكد ان هذا الجهاز الإنتخابي سوف يواصل مهمته لتجسير الثغرات والمضي إلى بر آمن من التحول الديمقراطي. ? خرطوم مونتر يا لها من فكرة نيرة كتب ادوارد لادو في عموده «لا أستطيع ان أفهم» ان سودان تربيون نقلت قوله أنه سوف ينظر في أمر الترحيب بعودة المرشحين المستقلين إلى حظيرة الحركة الشعبية بعد إنتخابات أبريل القادم. وإذا عدنا إلى حياتنا الأسرية نجد ان أحد الاطفال قد يختلف مع والديه ويغادر المنزل ولكن هذا الفعل لا يقلل من وضعه كطفل للأسرة. فحيثما ذهبوا يعرفون بانه ابن والده. لن يكون بوسعه الإنسلاخ عن اسم والده والغضب يعترى افراد الأسرة وق ديختلفون ويفترقون ولكن هذه العلاقة تعود كما كانت في نهاية المطاف. وهذا القول ينطبق تماماً على المرشحين المستقلين الذين رفضوا الإنصياع لأعلى جهاز لصناعة القرار في الحركة الشعبية وهو المكتب السياسي. وهذا يصب في مصلحة الحركة الشعبية وأعضائها وأنصارها كما يصب في مصلحة الشعب السوداني قاطبة بعد الإنتخابات وسوف يكون المرشحون المستقلون محل ترحيب في حزبهم سواء حالفهم الفوز ام لم يحالفهم. ويعتبر هذا تحركاً عقلانياً من رئيس الحركة الشعبية لتجنب الإنقسام في حزبهم الكبير.. ونأمل ان يتحقق هذا الإلتزام. وأنه لمن خطل الرأي ان ترى أعضاء الحركة الشعبية ينقسمون على أنفسهم بسبب سوء الفهم والأحزاب في كل أرجاء العالم تشهد الخلافات العميقة ولكن في نهاية الأمر تكون كفة العقلانية هي الأرجح. وإلتزام قائدالحركة الشعبية يعطي الكثير من الأمل الى كل أولئك الذين يريدون للحركة الشعبية ان تكون من أحزاب المقدمة في الساحة السودانية السياسية. ولابد ان تعالج الخلافات الصغيرة بالحكمة والشجاعة وذلك بوضع مصلحة المواطنين في المقام الأول ثم تأتي مصلحة الحزب في المرتبة الثانية. ويجب ان لا ندع المصالح الشخصية تحكمنا في إتخاذ قراراتنا وفي أفعالنا. ? ذا ستزن إنتخابات السودان: تعليم الأفيال الطيران تحت هذا العنوان كتب جون اكيك انه قبل أيام قلائل التقى بأحد دبلوماسيي جنوب السودان في مناسبة إجتماعية في مدينة جوبا. وكان هذا الدبلوماسي الذي مقره في الإتحاد الأوروبي في عطلة خاصة ليتمكن من الإنضمام إلى فريق حملة سلفاكير الإنتخابية. وكان الدبلوماسي أميناً جداً مع نفسه حين قال: «أنها المرة الأولى في التاريخ التي يطلب فيها من حركة حرب عصابات ان تمارس الديمقراطية خلال مثل هذه الفترة الوجيزة».ورددت عليه على الفور «وماذا عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا؟ ألم يكن ذلك الحزب يشن حرب عصابات مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان وبالرغم من ذلك لم يجد أية مشكلة في التنافس الإنتخابي وممارسة الديمقراطية؟. وبهدوء الدبلوماسي رد علىَّ موضحاً قوله بانه إذا عدنا إلى القاعدة التي بنت عليها الحركة وإلى تركيبتها وإلى الحال الذي كان عليه جنوب السودان قبل خمس سنوات وفجأة يطلب منها ممارسة الديمقراطية فهذا طلب عصي بعيد المنال ورأيت كثيراً من الجالسين حول مائدتنا يهزون رؤوسهم مؤيدين.. ولم أملك إلا ان أحب أمانته.. ذلك لان هذه الإنتخابات في وجه من وجوهها أشبه ما تكون بتعليم الأفيال كبيرة السن مهارة الطيران. وإذا عدنا إلى الحزبين الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية عبر تاريخهما..وبالرغم من ان الحركة الشعبية ظلت تدعي طوال عمرها ان هدفها الأساسي تحويل السودان إلى بلد علماني إلا انها كحركة لم تمارس الديمقراطية في يوم من الأيام. وفي الوقت الذي كانت فيه الحركة الشعبية تقاتل فيه من أجل الديمقراطية كان قادة الحركة الشعبية- كما كانت تدل أفعالهم وما كانوا يرددونه من وقت لآخر- لا يؤمنون بان الديمقراطية أداة فعالة لإتخاذ القرار خلال شن حرب للتحرير. ولم يكن يسمح البتة بوجهات النظر والرؤى الأخرى ناهيك عن قبول اي نوع من الإنتقاد بغض النظر عن كونه بسيطاً أو بناءً.. وهذا هو السبب وراء الإنشقاقات والإنقسامات التي عانت منها الحركة الشعبية كثيراً ..ومازالت تكتوي بنارها إلى اليوم.. وكذلك الحال بالنسبة للمؤتمر الوطني الذي كان يسعى لإقامة دولة دينية دون ذكر للديمقراطية.. ولذلك فان الديمقراطية كانت عالماً يرنو إليه السودانيون ولكنها لم تمارس على أرض الواقع في يوم من الأيام بالرغم من تعاقب الأنظمة على السودان. وقد أضطر ملايين السودانيين للنزوح واللجوء في بلدان ديمقراطية. وكاتب هذه السطور قضى عقدين من الزمان في بريطانيا ولم يعد إلى السودان إلا قبل عامين بعد ان جاءت الديمقراطية الحقيقية. وبناء على خبرتي فان الديمقراطية ليست مدينة فاضلة بعيدة المنال كما نعتقد أحياناً. وفي ذات الوقت ليست براء من الضعف والعيوب غير انها خير بديل طبيعي وإنساني للحكم المطلق والإستبداد الذي ظل السودان ومعظم دول الشرق الأوسط تكتوي بناره وسوف تكون الإنتخابات القادمة خير شاهد على ذلك.