تحركات دبلوماسية نشطة من خلال زيارات واتصالات تقوم بها الولاياتالمتحدةوايران باتجاه الصين، التى يتوقع ان يكون لها دور محورى فى الملف النووى الايرانى الذى تتأهب الدول الغربية المعروفة بمجموعة الست (الصين والولاياتالمتحدةوروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) الى ممارسة المزيد من الضغوط على ايران مع تزايد احتمال ان تخلص اجتماعات الدول الست الى فرض عقوبات دولية على طهران. ---- وقد تناقلت وسائل الاعلام الدولية أنباء بأن الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا سوف تلتقي مع روسيا والصين الأسبوع القادم للبدء في وضع مسودة لعقوبات مقترحة يأمل الرئيس الاميركي أوباما أن يجري التصويت عليها خلال أسابيع فى مجلس الامن. وقال مصدر دبلوماسي مطلع على المحادثات -لوكالة الصحافة الفرنسية -إن الصين ستؤيد على الأرجح المقترحات الاميركية لادراج بنوك إيرانية في قائمة سوداء وفرض حظر على السفر وتجميد الأصول، لكن لن يروق لها وضع شركات الشحن الإيرانية في قائمة سوداء أو فرض حظر على واردات السلاح أو استهداف صناعات النفط والغاز. وتقول الدول الغربية إن طهران تنتهك الضمانات النووية الدولية وإنها طلبت منها كبح أنشطة تخصيب اليورانيوم التي يمكن أن تؤدي في نهاية الأمر إلى انتاج مواد انشطارية للأسلحة النووية. وتنفي إيران أنها تسعى لتصنيع أسلحة نووية وتقول إن أنشطتها النووية لأغراض سلمية. الصين التى تتمتع بعلاقات جيدة مع ايران ومتوترة مع الولاياتالمتحدة يعول عليها الطرفان كثيرا فى معركة الملف النووى التى تواجه فيها إيران خمسة أعداء وصديقاً واحداً تسعى الولاياتالمتحدة جاهدة لتحييد هذا الصديق. ويبدو كل طرف واثقا من كسب معركة ضم الصين الى معسكره ، فبعد ان طار كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي الى بكين، اكد ان هناك توافقاً بين بلاده والصين على عدم جدوى العقوبات التى تلوح بها الدول الغربية. وقال جليلي خلال مؤتمر صحافي ببكين «لقد اكدنا معا اثناء هذه المباحثات ان سلاح العقوبات فقد نجاعته»، مضيفاً مع ذلك «عليكم سؤال الصين عن موقفها». ودعا المسؤول الايراني الدول الغربية الى تغيير «وسائلها الخاطئة» و«التوقف عن تهديد ايران». واكد جليلي «ان الصين باعتبارها بلداً كبيراً، يمكنها القيام بدور مهم لتغيير هذه الوسائل الخاطئة». والاشارة فى حديث جليلى الى سؤال الصين عن موقفها تلخص بأن الاخيرة تراقب الموقف وتتلقى العروض من الطرفين، ويجد كل طرف منها جزءاً من ما يسعى اليه، ولكنها تدرك جيدا ان ارضاء الطرفين مستحيل، وان مصالحها مع الطرفين تفرض عليها المضى بحذر فى هذا الطريق، فهى لم تعلن صراحة تضامنها مع طهران. واكتفى بيان لوزارة الخارجية الصينية نشر بموقعها على الانترنت بالقول: إن بكين تحث كل الأطراف على تعزيز الجهود الدبلوماسية وابداء مرونة وتهيئة الأوضاع المناسبة لحل القضية النووية الإيرانية عن طريق الحوار والمفاوضات. وبعد يوم من زيارة جليلى الى بكين التى سعى من خلالها الاستقواء بالتنين الصينى فى مواجهة الدول الغربية، وقبل ان يتبلور حلف صينى ايرانى محتمل، سارع الرئيس الامريكى باراك اوباما الى الاتصال هاتفيا بنظيره الصيني هو جنتاو، وحثه على العمل معا للضغط على إيران بسبب أنشطتها النووية. وناقش الرئيسان المساعي الدولية المتنامية لكبح طموحات إيران النووية، ولكن الرئيس الصينى لم يلتزم علناً لأوباما بفعل شىء فى هذا المسعى. ويرى مراقبون بأن الصين التى هى عضو بمجلس الامن الدولى وصاحبة حق الفيتو فى هذا المجلس تكتسب اهمية خاصة فى هذا الملف، وتظهر تصريحات الرئيس الصيني بالاضافة الى تصريحات مماثلة لوزير الخارجية أنه بالرغم من أن بكين قد تكون مستعدة للنظر في فرض عقوبات جديدة على إيران، إلا أنها ليست مستعدة للالتزام علنا بمثل هذه العقوبات مما يترك المجال مفتوحا أمام المساومة في مجلس الأمن. وجزء من تلك المساومة ان تكف واشنطون عن الاتيان بأفعال تثير غضب بكين كتلك التى قامت بها الاولى خلال الاشهر القليلة الماضية، حيث أسهمت خلافات اقتصادية وتجارية في اضطراب العلاقات بين البلدين خصوصاً مسألة سعر صرف العملة الصينية اليوان الذي تعتبره واشنطن دون قيمته الحقيقية. ويثير نواب اميركيون بقوة هذه المسألة. كما ارتبطت هذه التوترات بقضايا سياسية مثل اللقاء بين اوباما والدلاي لاما الزعيم الروحي للتيبت الذي تتهمه بكين بالنزعة الانفصالية، وبيع اسلحة اميركية لتايوان التي تعتبرها الصين اقليماً متمرداً. ومن اجل الحصول على تعاون صينى فى الملف النووى الايرانى تبدى الولاياتالمتحدة استعدادها لتجاوز هذه الخلافات. حيث اكد اوباما وجنتاو في مباحثاتهما الهاتفية اهمية الاحتفاظ بعلاقات جيدة بين البلدين. واكد جنتاو لنظيره الاميركي ان قيام «علاقات اقتصادية وتجارية صحية ومستقرة بين الصين والولاياتالمتحدة يخدم مصلحة البلدين»، بحسب بيان الخارجية الصينية. واضاف انه «يأمل في ان يدير الطرفان بالطريقة الملائمة وعبر مشاورات ندية، القضايا التجارية وان يحميا تعاونهما التجاري العام». ولرغبة واشنطون فى تعاون فاعل مع بكين فى الملف النووى الايرانى قدمت الدعوة للرئيس الصينى لحضور قمة الأمن النووي في واشنطن يومى 12 و13 من ابريل الجارى. واعلنت بكين قبول الدعوة قاطعا قول كل متكهن بأن الرئيس الصيني لن يحضر القمة بسبب التوترات بين واشنطون وبكين، وقالت صحيفة «ذي غلوبال تايمز» الصينية ان حضور الرئيس الصيني هذه القمة أمر فى غاية الأهمية لأنه يعنى حضور بلد له مكانة كبيرة مثل الصين، يعطى أهمية لقضية الأمن النووي ويعارض بشدة انتشار الأسلحة النووية والإرهاب النووي.