حملت الانباء وطالعتنا الصحف بأنباء الاتجاه لعقد المؤتمر الاقتصادي النوبي بين النوبيين في السودان ومصر بايعاز من منظمات المجتمع المدني في البلدين، وذلك من اجل التفاكر حول استثمار الاراضي الزراعية بمنطقة الحوض النوبي ،واستغلال مليارات الامتار المكعبة من المياه الجوفية في هذه المنطقة وزراعة (16) مليون فدان في منطقة الحدود السودانية المصرية. مما لا شك فيه ان تلك خطوة مباركة في جمع شمل النوبيين لاستثمار هذه الاراضي التي يمكن ان توفر نصف احتياجات الوطن العربي من القمح والمحاصيل الاخرى لخصوبة التربة ومناسبة المناخ في تلك المنطقة. اتفاق الحريات الاربع بين السودان ومصر الذي تم توقيعه في اطار عمل اللجان الوزارية بين البلدين في العام (2004) هو المدخل لازالة الحدود الادارية الوهمية بين البلدين، ويتيح حرية التنقل والاقامة والعمل والتمليك وهو المدخل لجمع شمل القبائل السودانية والتي تستوطن جنوب مصر منذ آلاف السنين وعلى رأسهم النوبة والعبابدة والبشاريون والكنوز وعرب عقيل وغيرهم. حيث تم ضم هذه المنطقة التي كانت تعرف تاريخيا بمديرية النوبة الى مصر بقرار من وزير الداخلية المصري في الثاني من مايو العام 1895م ابان حكم الثورة المهدية للسودان، فتقسمت تلك القبائل اداريا بين السودان ومصر، وانتقل خط الحدود من خط عرض (24) درجة شمالا والذي يمر عبر جزيرة (قيلي) (5) أميال جنوب مدينة اسوان الى خط العرض (22) درجة شمالاً عند مدينة وادي حلفا. وقد تم ضم هذه المنطقة لمصر في عهد الادارة التركية البريطانية وذلك من اجل بناء خزان اسوان داخل حدود النوبة عند الشلال الاول الذي يعتبر هو خط الحدود بين السودان ومصر منذ عهد الفراعنة. وان الحضارة النوبية تقع جنوب الشلال وعلى رأسها معبد ابو سمبل الشهير بالاضافة الى الآثار التي غرقت تحت مياه السد العالي. وبغض النظر عن الوقائع التاريخية والفعلىة على الارض بالنسبة للدول وحدودها فان المبدأ الذي تأخذ به محكمة العدل الدولية، ومنظمة الاتحاد الافريقي لحل مشاكل الحدود بين الدول هو المبدأ القانوني الذي يأخذ بعدم جواز تبديل الحدود التي تركها المستعمر، أي حدود الدول عند تاريخ استقلالها (Mti Possidettis Juris) .وان الاخذ بهذا المبدأ القانوني يساعد ويحسم مشكلة ابيي بين الشمال وجنوب السودان، حيث قامت الادارة البريطانية بضم منطقة ابيي الى ولاية كردفان في العام (1905)، وعند خروج الاستعمار في العام (1956) ظل الحال على ماهو علىه مما يصل من الحدود الادارية بين الشمال والجنوب هي الحدود الادارية التي يجب الاخذ بها في حل أية مشكلة حدودية تطرأ لاحقاً، بغض النظر عن لجان الخبراء والواقع الفعلى على الارض. وفي الختام فان اتفاق الحريات الاربع بين السودان ومصر قد فتح آفاقا جديدة بين البلدين نأمل في الاستفادة منه في خدمة الشعبين تمهيدا لإزالة الحدود بينهما ،واقرب مثال ما تم بين اكثر من (25) دولة من دول الاتحاد الاوربي لا يربط بينها ما يربط بين السودان ومصر من أواصر الرحم والتاريخ