قال والي الخرطوم ان حالات الاختلاسات فى الخرطوم والتى كشفتها المراجعة الداخلية قبل المراجع العام تقدر ب(189) ألف جنيه استرد منها (164) ألف جنيه وتبقت (25) ألف جنيه تنظر امام المحاكم، وهذا قول وجيه ومفهوم، وكله نظر يتسق مع طبيعة الاشياء، غير ان الوالي استدرك في التصريحات المنسوبة اليه ان الولاية لم تفقد اموالا من مواردها بسبب الاختلاسات، ليسكب ماء باردا على اقواله السابقة، او انه كمن ملأ الكلام ثم افرغه، على قول متداول على نطاق واسع في دارفور. إذا لم تفقد الولاية اموالا من مواردها بسبب تلك الاختلاسات، التي تشير الى درجة عالية في التفريط في المال العام، فماذا فقدت الولاية في السنة المالية التي وقعت فيها تلك الجرائم، في بلد يرسف سواده الاعظم في الفاقة والفقر، ام ان الوالي يقصد بعدم الفقدان هذا، بأن هذه الاموال قد تم اكتشافها من قبل فرق المراجعة، وهي سترد لامحالة، ان لم يكن اليوم ففي الغد. وان غدا لناظره قريب. ام ان الوالي يريد ان يهون من وقع هذه الاختلاسات علينا، وهو ليس اقل من وقع الشفرات على الاشياء الغضة. وتطرح ارقام الاختلاسات في ولاية الخرطوم، وتلك الارقام التي وردت في تقرير المراجع العام حول حجم الاختلاسات على مستوى الحكومة الاتحادية، اسئلة ملحة مثل: متى تقع هذه الاختلاسات خلال ايام واشهر العام؟ وكيف تبدأ من الرقم واحد وتتراكم الى ان تصل الى هذه الملايين بالقديم؟ وكم هى عدد الابواب المشرعة التي تسمح بتمرير مثل هذه الاختلاسات؟ وهل الثغرات في المختلسين ام في المال السايب الذي لايعلم السرقة، فحسب، وانما الاختلاس واخوته ايضا، ام ان في القوانين وللوائح ثغرات ورقراقات تسمح بفعل الشيطان، وتشجع اليد الخفيفة على ان تمتد الى المال العام؟ بعض الاجابات لاشك انها في رحم الغيب، وبعض اخر لابد انه يأتي رجماً في الغيب، او على شاكلته ، كما ان تكرار الاختلاسات في اي بلد، وفي كل عام ليس بدعة او حالة خاصة بدولة دون الاخرى، بل يشكل علامة تشير الى ان هناك عيناً ترى وتراقب المال العام عن كثب، ولكن عندما تتعاظم ارقام الاختلاسات من عام الى عام، وتصبح ارقام الاختلاسات مجرد ارقام باردة تسود الاوراق وتطلق في الهواء لتذهب مع الهواء، ونتحدث عن محاكمات، وتمر الايام والشهور، ويطل علينا التقرير الجديد بذات الاوصاف الا من تعاظم الأرقام، عندما ندخل هذا المنوال هذا يعني اننا قد وصلنا مرحلة التعايش السلمي مع الاختلاسات، حالة ارتكان واسترخاء، واعتياد مع اشياء غير معتادة في الاصل. يجعل من التقارير التي تضع السودان في مقدمة الدول التي ينتشر فيها الفساد امرا سهل التصديق! من الضروري، كسر هذا الروتين المشين ، الخروج عن هذا التآلف مع ما ليس مألوفاً. مع اقبح عادة توصف بها اي دولة من الدول. كيف؟ اجيب: بالاجراءات الوقائية. باتخاذ حزمة اجراءات من قبل الاجهزة الحكومية وديون المراجع العام، معا، تحول دون وقوع الاختلاسات» من اصلو»، ان تعدل للوائح وتراجع القوانين الى الافضل في حسم الافة ، وتنشيط الاثنين معا: اللوائح والقوانين، وترصد الكمائن لمن استمرأوا نهب المال العام في كل عام، وكما صار عددهم يتعاظم من عام الى اخر