أصبح النشاط الاقتصاد فى عالم اليوم يتأثر مداً وجزراً بالبيئة من حوله بدرجة كبيرة وبسرعة خيالية، وبالأخبارالتى تتناقلها أجهزة الاعلام المختلفة، وينتقل هذا التأثيرمن المحيط المحلى الى الاقليمي والعالمى بسرعة ،فاذا تردد خبرفى قناة معينة بأن هنالك مرض (انفلونزا الطيوراوالخنازير) ضرب موقعاً معيناً فى دولة من دول العالم يتطورالخبربسرعة الى انتقال هذا التأثير على المستوى الدولى . ونحن فى السودان تمرعلينا أحداث محلية كثيرة ينعكس تأثيرها مباشرة على الاقتصاد بكافة قطاعاته والحياة السياسية والأمنية والاجتماعية، ولعل أهم الاحداث التى تشهدها البلاد اليوم هي الانتخابات والتى تباينت تأثيراتها على المشهد السودانى فى كافة قطاعاته،وما يعنيني هنا هوالمشهد الاقتصادي، حيث شهدت الفترة قبيل انطلاقة العملية الانتخابية (التحضيرات) انتعاشاً ملحوظاً بعدد من القطاعات الاقتصادية من بينها قطاع الطباعة والدعاية والاعلان للتحضيرلإطلاق الحملات الانتخابية للمرشحين وطباعة مستلزمات الانتخابات، والاتصالات، والطيران خاصة الشحن الجوى لنقل الدعم اللوجستى العيني الذى تكفل به المانحون، بجانب نقل الركاب من خارج السودان الى داخله للمشاركة فى العملية الانتخابية ومراقبتها،وانتعاش قطاع السياحة والفنادق والذى يتوقع أن تبلغ عائداته نحو (75) مليون دولارنتيجة لوصول العديد من المراقبين والاجهزة الاعلامية، وانتعاش قطاع النقل البرى فى نقل بعض المعدات والدعم اللوجستي للانتخابات لبعض الولايات القريبة التى لاتحتاج الى طيران،وإنتعش الطلب على الدولار وإرتفعت أسعاره للدرجة التى فسرها البعض بأنها محاولة لحشد موارد لتمويل الانتخابات بينما خيم الركود على الأسواق المحلية رغم التوقعات بزيادة الانفاق العام مع بداية التحضير للعملية الانتخابية واستمرهذا الركود حتى بعد بدء العملية الانتخابية هذا الاسبوع كما تأثرت العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى خاصة تلك التى ترتبط بالمشتريات الحكومية والتعاقدات الحكومية على تقديم خدمات للدولة وأجهزتها على مستوى المركزوالولايات،خاصة قطاع الانشاءات والمقاولات والذى لجأ وزيرالمالية الى تحريكه فى اليوم الذى سبق بداية عملية الاقتراع باعلانه فى موتمرصحفى عن رؤية لاطفاء الدين الداخلى وسداد مستحقات (150) شركة من شركات القطاع الخاص والتى من بعد ستقوم بتمويل التنمية فى البلاد. ومع إنطلاقة العملية الانتخابية الاحد الماضى تلاحظ أن قطاعات اقتصادية عديدة شهدت انتعاشاً ملحوظاً فى مقدمتها قطاع النقل البرى بتزايد حركة السفر الى الولايات واستخدام الحافلات فى ترحيل الناخبين، كما انتعش قطاع ايجار سيارات الليموزين والتاكسي والامجاد والهايس،وانتعش قطاع الاتصالات بزيادة الطلب على شحن الرصيد (الاسكراتشات)، وانتعش الطلب على قطاع الفنادق والشقق المفروشة باستقبال الوفود الاجنبية،وانتعش الطلب على المياه الغازية والمعدنية خاصة بالمناطق المجاورة لمراكز الاقتراع بالولايات وانتعش الطلب على الوقود (البنزين والجازولين) وازداد الزحام بمحطات الوقود، وانتعش الطلب على المطاعم والوجبات السريعة، وبالمقابل تراجع الطلب على الدولار الذى استقرت أسعاره بعد ان ارتفعت فى الفترة التى سبقت اجراء الانتخابات، واستمر الكساد بالاسواق بل اغلقت بعض المحال التجارية خاصة الاثاثات والذهب وتأثرت أسواق المحاصيل والخضروات واللحوم سلباً بالانتخابات، أما فى الولايات فإن الحالة ليست مختلفة كثيراً عن المركزفى تأثرالقطاعات الاقتصادية سلباً وايجاباً بالانتخابات، بل هنالك حالة شلل أصابت بعض الاسواق فى بعض المدن المرتبطة حياتها بالريف . إذن يلاحظ بوضوح أن تأثيرات الانتخابات على مجمل النشاط الاقتصادى بالبلاد تباينت فبعض القطاعات تأثرت ايجاباً وبعضها سلباً بينما ينتظر أن تشهد الفترة بعد الانتخابات عودة الحياة بقطاعات الذهب والمقاولات والانشاءات وان يستمرالسوق فى حالة الركود الحالية نتيجة لشح السيولة.