اجتهدت كل وسائل الإعلام السودانية في تغطية الانتخابات، وقدمت للمشاهد والمستمع مواد مرضية استطاعت ان تجذب حولها الجماهير التي تفتقدها في الظروف العادية، وحقيقة استطاعت الانتخابات ان تملأ فراغاً كبيراً في تلك الأجهزة، وحالياً ومع نهاية الانتخابات فإن تلك الأجهزة في حاجة ماسة لإعادة النظر في مادتها وإعادة صياغتها بالتخطيط والدراسة.. وإيجاد مواضيع مهمة تلامس حياة الناس حتى تجد القبول والإلتفاف الذي وجدته الانتخابات التي تابعها المواطن باعتبارها أمراً مهماً في حياته. ولعل القنوات تحديداً قد تكون «مجبورة» على تحسين ما تبنته لاسيما وأن الأفق مليء بالقنوات الجديدة أو المتقطعة البث التي تريد إعادة البث، وهذا من شأنه خلق جو من التنافس على رضا المشاهدين، وهذا بدوره يتطلب جهداً أعلى في التجويد والتنويع.. وأمام تلك القنوات المحك ا لسنوي وموسم المشاهدة العالية خلال شهر رمضان، وبجانب الاهتمام بقضايا التحول الديمقراطي والشواغل السياسية، اقتطع تلفزيون السودان جزءاً من وقته لمناقشة هم آخر وهو برمجة رمضان الذي اعتاد ما بعدها في كل عام ان يكون هدفاً لسهام الكلمات الناقدة لتخييبه آمال الكثيرين، هذه المرة أراد التلفزيون القومي له شركاء في الفكرة والتخطيط حتى يرضي أذواق مشاهديه، مستصحباً معه إخفاقاته ونجاحاته السابقة، لكن الدراما في رمضان وفي غير رمضان التي اعجزت القنوات السودانية وعلى رأسها التلفزيون القومي هي المادة الأكثر جذاً للمشاهدين، وإذا لم يجده المشاهد غالباً ما يشارك عبر الريموت كنترول آخرين قنواتهم. وانحسار الدراما من القنوات فتح الباب على مصراعيه لتغول الأغاني والبرامج الحوارية السهلة على أغلب الخارطة البرامجية في قنواتنا.. وبما أن القنوات أصبحت لا تنتج غير الشكلين السابقين الرتيبين المملين، فهي تحتاج لإعادة نظر ورؤية شاملة حتى تقدم برامج ترضي أغلب الشرائح، سياسية، واجتماعية، وثقافية، ورياضية في تنوع وجاذبية، حتى لا يؤدي الأمر الى مزيد من القنوات المتخصصة وتفرغات مشتتة بغية الابتعاد عن الحكي والغناء.