حُظي خبر انهيار سوق المواسير بالفاشر بردود فعل واسعة بعد أنْ أقَرّت حكومة ولاية شمال دارفور أمس الأول بهذا الانهيار، الذي أحدث ربكة كبيرة وسط الكثير من المواطنين بعاصمة الولاية ومناطق مختلفة من انحاء السودان وربما في الخارج، خَاصةً بعد ان خاطب عثمان يوسف كبر الموطنين المتجمهرين أمام مبنى النيابة العامة بالولاية، الذين فقدوا اكثر من «460» مليون جنيه، مما ترك العديد من التساؤلات عن ماهية سوق المواسير ونوعية الأنشطة التي تمارس فيه، والى اين تسير الامور ومستقبل المتضررين. وتعود تفاصيل سوق المواسير الى عدة أشهر عندما افتتح اثنان من سكان الفاشر مَعرضاً محدوداً للسيارات بسوق الفاشر لا تتعدّى عدد سياراته أصابع اليد واشتهر المعرض لاحقا واستقطب عدداً كبيراً بعد أن أقدم صاحبا المعرض عَلى شَراء السّيّارات والممتلكات بزيادة «50%» من قيمة السلعة أيّاً كان نوعها ليصبح بذلك أكبر سوق للتعاملات المالية والرهن على مستوى السودان، مُتبعاً أسلوب البيع بالكسر لأنواع السلع والممتلكات كافة مع تقديم تسهيلات من نوعية البيع بآجال ممتدة مما ساعد على تطور المعرض الى سوق في غضون أشهر لتصل فروعه إلى أكثر من «50» مُنتشرة في أنحاء مُختلفة من مدينة الفاشر. وتشير المعلومات إلى أنّ السوق يعتمد على نظرية الدفع الآجل مما مَكّن المتعاملين مع السوق الى تحقيق أرباح كبيرة في فتره زمنية وجيزه.. أحمد الصديق من مواطني الفاشر قال ل «الرأي العام»، إنّ فكرة السوق نشأت على مبدأ الأخذ من العميل الثاني للدفع للأول مما دفع الكثيرين الى دخول السوق وتحقيق مكاسب مادية حقيقية والدخول فى رهونات بأموالهم ومنازلهم وسياراتهم، ويضيف احمد ان هناك العديد من الموطنين ظهرت عليهم علامات الثراء خلال أقل من ستة اشهر بسبب تعاملهم مع السوق، وأشار إلى أنّ العملية الانتخابية كانت حاضرة بصورة كبيرة في السوق بالكثير من الوعود من ضمان استمرار وقانونية السوق لا سيما أن أصحاب الفكرة هم ضمن المرشحين في الانتخابات للمجالس التشريعية ما أعطى للكثيرين الاطمئنان بان العملية يتوافر فيها سَنَدَ يُساعد في سَداد أموالهم ما أدى إلى ازدهار السوق بصورة كبيره لاعتقاد البعض ان الامر يسير الى الأحسن خاصةً، الامر الذي شجع الوالي عثمان كبر للدخول في هذا المعترك في اطار حملتة الانتخابية حينها ليتعهد المرشح للولاية عبر بيان صحفي تم توزيعه في الولاية بدعم السوق وما حققه من تقدم خلال فترة وجيزة، بجانب تأكيده بضمان سداد الاموال المستحقة لمن دخلوا في تعاملات السوق ولم يتوقف الوضع عند ذلك بل تعداه ليصل الى تبرع أصحاب السوق بمبلغ «100» الف جنيه لمستشفى الفاشر بالاضافة الى الاسهام بعشر عربات من ماركة برادو في الدورة المدرسية التي أُقيمت بالفاشر اخيراً. ويقول احمد ان سلطات الولاية كانت تعلم بكل ما يدور من مخالفات، لكنها تقول انه لم تصلها اي شكوى من المواطنين. ويقول آدم مصطفى من سوق الفاشر الكبير، انه يعرف العديد من المتعاملين في السوق في المراحل كافة التي مر بها منذ أن كان معرضاً صغيراً للسيارات، وأضاف أن أحد الروّاد في السوق دخل بخمسة ملايين لترتفع الى اكثر من «75» مليون جنيه، ومن ثَمّ يخسرها في المرحلة الاخيرة. ولكن الأيام الأخيره شهدت حَالة تأزم حادة بالولاية مما دفع الوالي لاصدار قرارات بعمل تحوطات أمنية وإصدار بيان اذاعي للوالي عبر الاذاعة المحلية انه يجري التحري مع المسؤولين كافة عن السوق ووكلائه تَوطئةً لتقديمهم للعدالة، وقال كبر إنَّ المسألة أصبحت قضية جنائية، مطالباً المواطنين المتضررين الهدوء وضبط النفس الى حين استكمال التحقيقات، وتعهد البيان بحفظ حقوق المواطنين كافة. وقال البيان ان وزير العدل عبد الباسط سبدرات اصدر قراراً بالتحقيق في الملابسات والتطورات كافّة التي حدثت في السوق، فيما شهدت مدينة الفاشر خلال اليومين الماضيين نشر عناصر امنية كبير في انحاء المدينة كافة تحسباً لأي اضطرابات أمنية قد تؤدي الى انفلاتات واتلاف الممتلكات. وقد أعْلنت الولاية عن سيطرتها على الأوضاع. تداعيات السوق التي سارت بصورة دراماتيكية من بدايتها الى النهاية تطرح الكثير من التساؤلات والاستفهامات عن أجهزة الدولة المسؤولة عن الامن الاقتصادي وانواع التعاملات المالية وعن مدى مقدرتها على معالجة المشكل وضمان وحقوق المتضررين.