خَيّمت تداعيات أزمة سوق الرهونات بالفاشر الذي عُرف أخيراً ب (سوق المواسير) علي الاوضاع الاقتصادية والامنية بولاية شمال دارفور. من جهته طالب عثمان كبر والي شمال دارفور، المواطنين المتضررين باللجوء إلى محكمة الثراء الحرام، بعد تشكيل لجنة تحقيق من وزارة العدل الاتحادية، ولكن أمام محكمة الثراء الحرام اندلعت مظاهرة أخرى بسبب تدافع آلاف المواطنين المتضررين من ولايات دارفور الثلاث وكبار تجار الخرطوم. الفكرة صلاح حمدان من مواطني الفاشر قال ل «الرأي العام»، إنّ فكرة السوق نشأت عن طريق العمل علي الاستلاف من العميل الثاني لدفعها للأول عن طريق الشيكات المتقاطعة مما دفع الكثيرين الى دخول السوق وتحقيق مكاسب مادية حقيقية والدخول فى رهونات بأموالهم ومنازلهم وسياراتهم. ويضيف حمدان: إنّ هناك العديد من المواطنين ظهرت عليهم علامات الثراء خلال فترات قصيرة بسبب تعاملهم مع السوق، وأشار إلى أنّ العملية الانتخابية كانت حاضرة بصورة كبيرة في السوق عبر الكثير من الوعود مثل ضمان استمرار وقانونية السوق، لا سيما أن أصحاب الفكرة هم ضمن المرشحين في الانتخابات للمجالس التشريعية ما أعطى للكثيرين الاطمئنان بأن العملية يتوافر فيها سَنَدَ يُساعد في سَداد أموالهم وهذا ما ادى إلى ازدهار السوق بصورة كبيرة، ويقول حمدان إنّ سلطات الولاية كانت على علم وصلة بكل ما يدور من مخالفات. حديث الضحية ابراهيم عبد الله احد الضحايا يقول إنه سمع من عدد من معارفه بالسوق وما يجري فيه، إلاّ أنّه كان يعتبرها من الإشاعات، لكنه بعد أن زار أحد مكاتب سوق (الخير خنقة) تأكد له ان الامر واقع يمشي بين الناس بعد ان رأى العديد من العملاء استلموا أموالهم حسب الشيكات التي يحملونها مما اقنعه بالدخول في المغامرة بمبلغ نقدي مقابل زيادة (40%) من قيمتها، وأضاف إبراهيم: عندما حان موعد صرف الشيك سمعت من المواطنين بأن السوق قد انهار. إعادة سيناريو ويقول د. عادل عبد العزيز مدير الأمن الاقتصادي السابق، إنّ قضية (سوق المواسير) الاخيرة تعيد إلى الأذهان أزمة المستثمر صقر قريش بالخرطوم قبل أكثر من عشر سنوات، وهي قضية مُتعلّقة بالمال والأمن الاقتصادي عبر الشيكات المتقاطعة والبيع بالكسر، واضاف عبد العزيز أن هذا النوع من التعامل ظهر في المجتمع الاقتصادي بسبب ميل بعض الاشخاص الى الربح السريع، واشار عبد العزيز الى أن هذا النوع من التعامل يصل في مرحلة من المراحل الى الانهيار بعد ان يتكشف للمتعاملين في العملية ان ما لديهم من شيكات وتعهدات مالية لا تقابلها بضائع أو أصول وممتلكات حقيقية، وان التعهدات المالية والالتزامات اكبر من الاصول المتداولة. وقال إنَّ القضية بها جانبان أساسيان، الأول متعلق بالقيم والأخلاق وهذا يستوجب علي السلطات المعنية بالمال العام متابعة مثل هذه العمليات ومراقبة الأسواق والتعاملات المالية في كل البلاد والتوجية بعدم البيع بالكسر وعدم مشروعية مقايضة الدَّين بالدَّين.. والمسألة الثانية مُتَعَلِّقة بالشيك وقوته غير العادية في النظام القانوني للاقتصاد السوداني وفق نص المادة (179) من القانون الجنائي، الذي حوله من وسيلة دفع إلي أداة ضمان، واشار عبد العزيز الي ان الشيك عندما اصبح أداةً للضمان المالي خرج به عن إطاره القانوني الاقتصادي، واضاف: هذه القوة غير عادية افرزت مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة. انهيار قادم! وقال عبد العزيز، إنَّ الأجهزة المعنية بضبط الأمن الاقتصادي تقع عليها مسؤوليات كبيرة في المتابعة والمراقبة للحيلولة دون وقوع مثل هذه الكوارث واستدراكها في مهدها بمتابعة كل شخص يقوم بإصدار عدد هائل من الشيكات في فترة زمنية قصيرة، كأن يقوم فرد واحد بإصدار أكثر من (100) شيك في يوم واحد مقابل عمليات تجارية، مشيراً الي ان قضية صقر قريش أدت الي انهيار احد البنوك الرئيسية مما اضطر البنك المركزي الي تدارك الامر بإجراءات استثنائية في آخر لحظة، والآن هناك بعض افرع البنوك في الفاشر مهددة بنفس المصير! وشدد عبد العزيز علي ضرورة العمل لوضع معالجات مستعجلة تستدرك الأمر، وقال إنَّ المطلوب الآن أن يتم التدخل علي اعلى مستوى للسلطات الاقتصادية والمالية لتعويض المتضررين وحجز أصول وممتلكات المتسببين في القضية وتسجيلها لصالح المتضررين.