سعت الإدارة العامة للمباني بوزارة التخطيط والتنمية العمرانية من خلال ورشة عمل «تنظيم لائحة البناء لإطلاق شرارة التطوير والتحسين للائحة تنظيم البناء لولاية الخرطوم للعام 2008م»، وذلك لمواكبة المستجدات التي طرأت على الولاية وفي مقدمتها المخطط الهيكلي أو العمراني الأخير والطفرة العمرانية الكبيرة بالبلاد، وركزت على معالجة مجموعة من المخالفات ---- وعدم الالتزام باللوائح والقوانين المتعلقة بالبناء، منها تحويل المساحات المصرح بها كفلل سكنية الى استثمارات وعمارات، وظاهرة تشييد المحلات التجارية في واجهة القطع السكنية، وعدم التحوطات اللازمة لمواقف السيارات بتوفير سعة استيعابية للمواقف في المباني التجارية والخدمية، بجانب البناء داخل الشوارع الفرعية والرئيسة، وارتفاع المباني في الأسواق الفرعية، مما يترتب عليها تشوه بصري كبير وزيادة في الكثافة والازدحام المروري، وناشدت بمراجعة هذه الظاهرة بعدد من الإجراءات بالرقابة والتفتيش وتصحيح الأوضاع، مع ضرورة الإزالة وعدم جواز التسوية في مثل هذه الحالات، وسعت وزارة التخطيط والتنمية العمرانية بمشاركة جميع الجهات ذات الصلة للخروج بتوصيات مناسبة لتطوير وتحسين هذه اللائحة، والتعديل فيها بحيث لا يتأثر المضمون، وأن لا يفتح باب للتعديلات المتلاحقة حتى يواكب هذا التوجه الحالي في ولاية الخرطوم ووزارة التخطيط والتنمية العمراني لإنشاء هيئات متخصصة منها هيئة الأراضي وتنظيم البناء، التي يقع عليها عبء تنظيم التنمية العمرانية، حتى تحقق أهداف الضبط العام التقليدية المتمثلة في المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة: الأمن العام، والصحة العامة، والسكنية العامة، نسبة للصلة الوثيقة والتداخل في السلطات فيها، وعليه جاءت الورشة بعنوان ملامح تنظيم البناء لللعام 2008م، ومقترحات التعديل من أجل التنمية المستدامة. واستعرضت الورشة علاقة المكاتب الاستشارية بإدارة المباني وضبط النمو العمراني، والقائمين بأمر البناء وأصحابه «حيث أصابها كثير من الغموض وعدم الوضوح»، ونادت الورشة بأن يكون للمكاتب الاستشارية دور فعال في إدارة المباني في مراحل الترخيص المتعلقة بتحسين الطابع المعماري والجمالي والبيئي، حيث يتم التخطيط والتنفيذ عبرها، وأشارت الى العزوف الواضح عن ممارسة المكاتب الاستشارية لعملها بالرغم من إعطائها فرصة كبيرة من جانب وزارة التخطيط والتنمية العمرانية للإسهام والمشاركة في عمليات الترخيص، وعزا الخبراء ذلك العزوف من المكاتب الاستشارية لبيروقراطية الإجراءات وكثرة المطالبات، وتعقيد الأمور، حيث تطالب مصلحة الأراضي بترخيص البناء، في حين تطالب إدارة المباني بتصديق الأرض ومعاينتها، وناشدت الورشة بأن يكون العمل بشهادة البحث حتى تسهل العمليات الاجرائية، ورأت ان تكون العلاقة الوحيدة الموجودة في إصدار التصريح هي علاقة المكتب الهندسي الاستشاري مع الإدارة المرخصة والمصدق بها، وأشارت الورشة الى دور الشركات «المطورة و إسهامها في تحسين البيئة العمرانية من جانبها المتعلق بالتنمية المستدامة المتمثلة في السكن الرخيص والأخضر، بجانب وسائل خفض الطاقة وخفض إنبعاث الغازات بنمط معماري مناسب للبيئة وتطوير المرافق الترويحية»، وأثيرت خلال الورشة عدة تساؤلات حول طبيعة البيئة المناخية في البلاد وما إذا كانت تسمح بالنمط السكني السائد بإطلاق المباني المرتفعة لأكثر من معدل أرض + «10 طوابق»؟ وهي تحتمل الخدمات المتاحة الضغط عليها من مياه وصرف وطرق، وهل تسمح بالإرتفاع، و ما هي كيفية المعالجات؟ بجانب نظرة المخطط الهيكلي للخرطوم لموضوع الكثافة البنيانية، وردت الورشة على شكوى المواطنين من تأخير التصاريح والتصاديق للبناء لأسباب متعددة مرجعها إختلاف وجهات النظر الفنية بين المكتب الهندسي الذي أعد المخططات، وبين المتطلبات القانونية والفنية الواردة في طلبات ترخيص البناء، ولاحظت ان معظم المواطنين يتقدمون من تلقاء أنفسهم أو بواسطة وكلائهم دون الاستعانة بجهات فنية بالرغم من إنعدام خلفيتهم الهندسية مما يتسبب في بعد المسافة الزمنية لتصحيح الملاحظات الفنية، وفي ذلك شكا العديد من المواطنين والمطورين للبناء المشاركين في الورشة من ارتفاع رسوم التصريح التي حددها القانون في بنوده وبناها على تقديرات التكلفة الكلية للمساحات المقدرة للتشييد، مقارنة ببعض الدول حيث لا تتعدى فيها «1%» إضافة الى عدم إختصاص الجهات التي تقوم بمنح التصريح. وناشدوا أن يكون الموظفون مشرفين، ونقل أمر التصريح والتصديق الى ذوي خبرة في المجال الهندسي بدرجة أعلى من الجهات المنفذة، وأكد والي الخرطوم عبدالرحمن الخضر الذي خاطب الورشة على أهمية الموضوع «أن قضية التنمية العمرانية ضمن التزاماته في البرنامج الإنتخابي»، وأشار الى اكتمال برنامج الخارطة الهيكلية خلال ثلاث سنوات بمشاركة أكثر من «400» مختص، وقال: أحد مخارج هذا المشروع هو خلخلة وسط الخرطوم، وإفراغ الواجهات النيلية وجعلها متاحة للجمهور، وأضاف الخضر من العار ان يكون النيل محجوباً عن الناس، تحتكره فئة قليلة من الحكومة وبعض الأثرياء، وقال: يجب ان يكون النيل متاحاً لجمهور الناس في مشروعات يستفيد منها الكل، وأكد أن الباب مفتوح للمستثمرين في النيل، وقال أكثر ما يشغلني قضية النفايات، وعمليات البناء ومخلفاتها، ورهن البداية باللوائح والقوانين، وركز النقاش على معالجة الإجراءات للتصريح، ووضع المختصين في مواقعهم، وأن تحدد مواقع معينة لوضع مخلفات المباني والاستفادة منها بالمتابعة والتشجيع، ومراجعة حجم الرسوم والضرائب حتى يخفف العبء على المواطنين، وتوسعة الشوارع وإلزام المواطنين بذلك، بجانب تأهيل العاملين في مجال الأراضي والبناء وإدخالهم في دورات تدريبية ومعالجة التقييم للأراضي والمباني.