القانون، كان الدراسة المفضلة لكثير ممن أصبحوا لاحقاً سياسيين وقادة اجتماعيين بارزين في السودان والعالم العربي، فعدد غير قليل من أبناء الحركة الوطنية السودانية، والتيارات التي تفرعت عنها كانوا من الحقوقيين والقانونيين، الذين لم يمنعهم الانكباب على القانون وإجادته عن تقديم مساهمات كبيرة للحركة السياسية والاجتماعية على نحو عام، ومن أبرز هؤلاء، كان الأستاذ الراحل محمد يوسف محمد المحامي، الذي وافته المنية أمس الأول، عن عمر يقارب الثمانين عاماً من العطاء السياسي والاجتماعي والقانوني.. درس الراحل الحقوق وتخرج في كلية غردون عام 1955م، وعمل في القضاء والمحاماة، ونشأ على يديه الكثير من القانونيين، وكان أحد مؤسسي الحركة الإسلامية السودانية، ورمزاً من رموز رعيلها الأول، بصحبة شخصيات مثل الأستاذ بابكر كرار، ود.يوسف حسن سعيد.. كان الراحل ودوداً متواضعاً كما يقول القانوني والسياسي فاروق أبو عيسى أحد من أتوا بعده إلى عالم القانون فعاصروه واقتربوا من تجربته الفريدة في السياسة والقانون، ورغم اختلاف الرؤى السياسية بين اليسار الذي ينتمي إليه ابو عيسى واليمين الذي انتمى إليه الراحل لكن الأول يؤكد أن ذلك الخلاف في التوجهات السياسية لم يفسد للود قضية، ونمت علاقات أسرية ومصاهرات، ويصف الراحل بأنه أحد رموز الوطنية، ينتمي إلى (زمان الطيبين)، لا تشعر وأنت تحاوره بأية حدة في طرح أفكاره، فقد كان معتدلاً.. الأستاذ ربيع حسن أحمد تَحدّث ل «الرأي العام» عن الراحل، وقال إنه كان أيضاً من مُؤسسي بنك فيصل الإسلامي، وأضاف أنّ له ذكريات مع الراحل الذي وصفه بصاحب الخُلُق الرفيع والأمانة والنزاهة، كما أكد على نبوغه وضلوعه في القانون، وقال ربيع، إنّ هذا دفع بالعديد من الشركات ليكون محامياً لها، وأوضح أنّ الراحل كان يشارك الأستاذ أحمد متولي العتباني في مكتبه الذي كان أكبر مكتب قانوني في السودان. تم انتخاب الأستاذ محمد يوسف محمد نائباً في الجمعية التأسيسية عن دوائر الخريجين في الديمقراطية الثانية، وفي الديمقراطية الثالثة، فاز مرشحاً عن الجبهة القومية الإسلامية ودخل البرلمان، ثم ترأس البرلمان لاحقاً لفترة، وعمل بعدة لجان برلمانية كانت آخرها لجنة التشريع والعدل التي ترأسها بالبرلمان.. ولد الراحل بريفي الباوقة عام 1932م، وأمضى حياته وهو يقدم مساهماته البارزة في الحياة القانونية، والحياة السياسية والاجتماعية، لكن أبرز أدواره ومساهماته كانت داخل الحركة الإسلامية التي كان أحد مؤسسيها، وأحد أبنائها الذين ظلوا يعطونها في مختلف مراحلها، ومسمياتها. ألا رحم الله الفقيد بقدر ما قدم وأسهم في خدمة مجتمعه ووطنه وكان بارا باهله واصدقائه ومعارفه..