حتى منتصف التسعينات كان شارع المين بجامعة الخرطوم يشكل علامة فارقة في النشاط السياسي لمختلف كوادر الأحزاب السياسية السودانية ويسهم برفد الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بقيادات تؤهله من الوزن الثقيل.. فالى وقت ليس بالبعيد كان شارع المين يموج ويضج بحركة سياسية طلابية نشطة لا تمل ولا تفتر في طرح برامج احزابها بكل عنفوان الشباب وثقة لا تحدها حدود تطلعاً للمستقبل، فكان نقطة انطلاق لمعظم القيادات التي «مسكت وتمسك حتى الآن بزمام مفاصل الدولة السودانية» ولكن ماذا دهى شارع المين أخيراً؟ فيكاد الشارع يخلو تماماً من أي حراك للطلاب ناهيك عن ممارسة نشاط، فالشارع اصبح صامتاً لدرجة تبعث على القلق، فشارع المين خال من اي نشاط سياسي كان اللهم الا من حركة بعض الطلاب الذين يتلاعبون بموبايلاتهم ويتراكضون خلف بعضهم البعض.. كأنهم لا يعرفون قيمة ووزن شارع المين ومكتبته التي غطى أرفهها الغبار لاهمال الطلاب للكنز العلمي والمعرفي الذى تحتضنه القواميس والكتب والمراجع الفكرية القيمة و«ببنش» بالجانب الغربي لشارع المين تجلس عليه مجموعة من الطلاب والطالبات يتناولون اطراف الحديث فيما بينهم وتصدح موبايلاتهم بأغنيات فنانين ميزت منها اغنيات سودانية واخرى لفنانة عربية تستحوذ على معظم أذواق بنات الجامعات «الفنانة اليسا» أما باقي الأغنيات فلم أفهم منها شيئاً لعدم احتوائها على جمل شعرية ولحنية مضبوطة مما دفعني للسؤال ألا يوجد بشارع المين نشاط في هذه الأيام؟ فتلفتوا في عجب من سؤالي ليجيب منهم طالباً وطالبة بصوت واحد لا يخلو من حزن وحسرة لما آل اليه شارع المين من جمود وسكون فقالوا لي «ياحليلو يا استاذ بقى ما زي زمان» فاكتفيت بعبارتهم.. سكونك لا يحتاج لسؤال ويا حليلك لما كنا بنجيك من جامعات مختلفة لنتزود بالمحاضرات الفكرية ونسهم بالمشاركة في انشطة أركان النقاش..