جاء في صحيفة (الايكونوميست) البريطانية في السادس من مايو الحالي أن قارة أفريقيا تعتبر الأقل تأسيساً للسدود في العالم وأنها تتذيل قارات العالم في الزراعة المروية وإنتاج الكهرباء، وتستغل (3%) فقط من المياه المتجددة مقارنة مع (52%) لقارة آسيا!، وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يعني كبر مجال الإمكانيات الأفريقية في إنشاء المزيد من السدود في المستقبل. بادرت غانا في الماضي بانشاء السدود على نهر الفولتا ومصر على نهر النيل وزامبيا وزيمبابوي على نهر الزمبيزي، ولكن هنالك الكثير من الجديد، فرئيس السودان عمرالبشير مثلا كان فخورا بقيام سد جديد في مروي في شمال السودان، حيث بلغت التكلفة الإجمالية لإنشاء هذا السد (1.8) مليار دولار أمريكي وتبلغ الطاقة الكهربائية المنتجة (1250) ميقاوات وكون بحيرة بطول (108) أميال على الشلال الرابع في النيل. وتمضي الصحيفة في القول إنه لوسارت الأمورعلى ما يرام فان الحلم القديم بري أراض شمال السودان القاحلة قد يتحقق في نفس الوقت الذي ترسل فيه الكهرباء لتشغيل مكيفات الهواء العطشى في العاصمة الخرطوم!! . وأشارت الصحيفة إلى أن الصين الشعبية هي الدولة التي قامت بإنشاء معظم هذه السدود الجديدة في أفريقيا على نفقتها الخاصة مع الأمل في الحصول على المقابل الكثير!!. وبالرغم من كل ذلك فان عدم الاستقرار السياسي وعدم القدرة والجدية قد أقعدت بمعظم هذه السدود من تحقيق الأهداف المرجوة من انشائها!! فالسدان انقا (1) وانقا (2) على نهر الكنغو مثلا لم ينتجا إلاّ جزءاً متواضعا من الطاقة المرتجاة منهما! ويعزى ذلك لكثرة المطلوب من الاسبيرات والمدخلات وكذلك فان الأمطار الموسمية تزيد حمل الأنهار من الطمي مع كثرة الترسبات الطينية مما يعني قصر عمر هذه السدود وزيادة النفقات على الصيانة والمثال هو انقولا التي أنفقت (400) مليون دولار لصيانة الخزانات وخطوط نقل الطاقة. وتقول الصحيفة أيضا أن هناك مقاييس محددة وضعتها الوكالة العالمية للسدود - وهي كيان مستقل يعني ويستعين بخبراء مختصين في كل المحاور لتقييم التكلفة المحلية والفوائد القومية من مشاريع السدود، تقول إن هذه المقاييس يتم تجاهلها كليا في أفريقيا! فهناك سرعة مخلة في قيام السدود - وتعاقدات إنشائها هائلة الأموال تفتح أبواباً للفساد وغالبا تزيد رداءة هندسة التشييد والتكاليف. ولعل الأصعب في هذا كله هو توافر المياه بالقدر الكافي، فكثيرا ما تخطيء التنبؤات بكميات الأمطار وتضطر بعض الدول لإيجار مولدات الديزل لدعم الطاقة المائية في سنوات الجفاف ولقد زاد التغير المناخي من ضعف تقديرات مياه الأمطار وينتج عن شح الأمطار عادة انخفاض مخزون المياه لدرجة يستحيل معه تشغيل توربينات التوليد. وتسعى أثيوبيا بمساعدات ايطالية لقيام سد جيبي (111) العظيم الذي تبلغ تكلفة تشييده (2) بليون دولار أمريكي بطاقة تبلغ (1800) ميقاواط رغم نداءات منظمة حقوقية واتهامها للحكومة الأثيوبية وتجريمها بهدم وتحطيم معايش وثقافة أكثر من (200000) من الناس في حوض نهر أومو ولكن تنفي الشركة الايطالية المشرفة على التنفيذ هذه الإدعاءات وتبشر بخلق ظروف حياة أفضل لهؤلاء الناس. تظل المخاوف في السودان قائمة من تعاظم الاحتياجات المائية لزيادة مساحات الزراعة المروية، حيث تؤكد المؤشرات إلى تذبذب وانخفاض إنتاج القطاع المطري شأنه شأن الإنتاج الزراعي في أفريقيا الذي تسود فيه الزراعة المطرية، وإنشاء السدود والاستفادة من مخزون المياه فيها يشكل أساساً مهماً لتنمية الزراعة خاصة في ظل تنامي ندرة موارد المياه ومطالبة دول في منابع النيل بأخذ نصيبها من هذه المياه في حملات منظمة تدفعها قوى دولية. إن التخطيط السليم في استغلال مخزون المياه في السدود القائمة لزيادة الزراعة المروية يجب دعمه بتطوير تقانات الري وزيادة كفاءة المنتج المحصولي من وحدة المياه.