التمرد من أجل الديمقراطية والشفافية بالجنوب، كانت اولى التصريحات التي ادلى بها الفريق جورج أتور المنشق عن الحركة الشعبية لاجهزة الاعلام، وانحصرت مطالب الرجل وقتها في تصحيح الاوضاع الانتخابية فقط. أتور الذي برز الى السطح في مدة زمنية وجيزة ازعج الحركة الشعبية والقيادة في جوبا، تمرد أنور يضع الحركة الشعبية وجيشها امام تحد حقيقى، فكثير من المراقبين يرون ان الجيش الشعبي بالمنطقة ربما يعجز عن حسم حركة أتور بالمنطق العسكري في المستقبل بسياسة حرق الارض المعروفة لكون المنطقة ذات حساسية قبلية، ربما تجر المنطقة بكاملها الى توتر قبلي بين (الدينكا، والمورلي، والنوير) -سكان المنطقة- وهى حالة تتمنى الحركة الشعبية ألا تنزلق اليها، خاصة وانها تصوب كافة تركيزها تجاه قضية الاستفتاء، التي وصفتها الحركة في كثير من المواقف بالاهم مقارنة بالانتخابات التي تسببت نتيجتها فى تمرد أتور، وكذلك يرى المراقبون ان الحركة قد لا تغامر بالدخول في مواجهة مع أتور إذا لم تتأكد من أن الجيش الشعبي يمكن أن يحسم هذا التمرد عسكرياً، وتخشى الحركة من ان يتحول الجنرال المتمرد الى مركز استقطاب للعديد من قيادات الجيش التي طالتها يد الاقصاء من المناصب، وقد يساعده قرب الحدود الاثيوبية لتكوين قاعدة عسكرية عريضة، بالاضافة الى توقع تحالف النوير معه، كما ان ثورة أتور ربما يكتب لها الصمود في وجه الجيش الشعبي لوقت اطول يمتد الى مرحلة الاستفتاء التي اقترب موعدها، لذلك لجأت الحركة إلى محاولة التفاوض مع الجنرال السابق لضمان إجراء عملية الاستفتاء دون اية معوقات بالاقليم لضمان نزاهته اولاً، وعدم الطعن في العملية مثل ما حدث في الانتخابات ووجهت الحركة في هذا المضمار قيادة الجيش بعدم مواجهة أتور وملاحقته إلا في حالة اعتدائه على الجيش، وسمحت لافراده بالدفاع عن النفس، لكونها تأمل في التوصل معه لاتفاق سياسي يجنبها الفوضى قبل الاستفتاء. ولكن الحركة هددت في وقت سابق بحسم قوات أتور عسكرياً حال استمراره في التمرد، ووصفت تصريحاته بشأن انضمام أفراد من الجيش الشعبي إليه بالادعاءات الكاذبة. ونفت وجود أي تأييد له داخل الجيش، وقالت إنَّ قواته لا تزيد الجنرال أتور، ويقول متعاطفون مع الحركة ان قوة موقف الجنرال أتور تأتي من دعم المؤتمر الوطني له لخلق احساس لدى المواطن الجنوبي ان الحركة لن تستطيع حكم الجنوب حال وقع الانفصال في عملية الاستفتاء المقبل، لذا عليهم بخيار الوحدة. ويقول اللواء محمد عباس الامين رئيس قسم الدراسات الاستراتيجية بجامعة الزعيم الازهري عن حالة اتور، بأنها نموذج للحالة الاقصائية في الجنوب لكون الرجل قائداً ميدانياً في الصفوف الامامية للجيش الشعبي ولم ينل منصباً سياسياً كان يطمح إليه عبر الانتخابات التي جرت حديثاً. وتوقع الامين نجاح أتور من خلال قرب حركته من المنطقة الحدودية بين اثيوبيا والسودان التي تمكنه من تكوين قاعدة عريضة هناك خاصة اذا شكل تحالفاً مع قبيلة النوير فانها ستجعل من موقفه أكثر قوة، ولكنه عاد وقال من الصعب التكهن بمستقبل حركة أتور لكون امكانياته غير معروفة. ووضع الامين الكفة متوازنة حال مواجهة الجانبين، ولكن من الأفضل للحركة الشعبية، وفقاً لامين الذى كان يتحدث ل «الرأى العام»، ان تتوصل مع الرجل الى اتفاق يعطيه منصباً مناسباً، قبل ان تشجع حركة أتور كل الاستوائيين الى ذات الطريقة التي سلكها الجنرال، ووصف الامين حالة أتور في الجنوب بأنها بروفة مبكرة لما بعد الانفصال، وقال اذا سنت حكومة الجنوب القبلية كسنة فى عملها السياسى فان الاقليم سيدخل في صراع لا نهاية له. ولكن اللواء كوال ديم الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي بدد طموحات الجنرال أتور وامله في السيطرة على العديد من المناطق بالجنوب كما عبر عنها فى تصريحات لاجهزة اعلام اجنبية وقال ل (الرأي العام) ان حديث أتور عن سيطرته كذب، وانه لا يسيطر على (شبر) من الجنوب، وأشار الى عدم وجود معركة حقيقية معهم وأتور لكونه لا يوجد ما يسمى بأتور في وجه الجيش الشعبي، ووصف ديم الرجل بأنه مجرد هارب، وكشف عن إعتقال خمسة من رجالات أتور في الهجوم الاخير على مدينة بانتيو، وقتل اثنين آخرين. بغض النظر عن مآلات تمرد الجنرال أتور فقد كتب عليه خوض المغامرة الى نهاياتها فإن نجحت تجربته لا شك انه سيشجع العديد من الجنرالات للخروج عن سيطرة الحركة، اما اذا وصل عبر مفاوضات سياسية الى منصب في حكومة الجنوب في تشكيلها الجديد، خاصة وان الرجل لا يسعى للحرب ايضاً قد يشجع آخرين على هذا المسلك.