طالبت صحيفة ال«صن» الشعبية اليمينية بإستقالة كبير اساقفة كانتر بري د. روان وليامز. وواجه الرجل نقداً من سلفه ومن بعض الوزراء بل من بعض قادة مجلس مسلمي بريطانيا! السبب هو قوله ان بعض مفردات الشريعة ستطبق في انجلترا يوماً ما وأن هذا الأمر لا مفر منه. كان يشير إلى شؤون الزواج والمال. وقد اضطر إلى اصدار توضيح. وصلت الحملة ضده ذروتها حينما عرضت بعض القنوات مشهداً لرجل يجلد امام جمهور من الناس في دولة غرب أفريقية. لم يقصد كبير الاساقفة ذلك لكن الصحف اليمينية وبعض القنوات وحدت فرصة ذهبية لتصفية حسابات معه لأنه جاهر بمعارضته لغزو العراق. د. وليامز ليس غريبا على السودان فقد زار الخرطوم في شهر فبراير 6002 واشترك في مناسبة تحدث فيها أيضاً د. ازهري التيجاني وزير الارشاد والاوقاف والسيد الامام الصادق المهدي ومولانا دفع الله الحاج يوسف، ود. غازي صلاح الدين والاب جوزيف مارونا ود عبد الرحيم علي وادارها د. الطيب زين العابدين عندما كان على رأس مجلس التعايش الديني. شاهد كبير الاساقفة في السودان تجربة التعايش الديني وما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل من وضع خاص للمسيحيين في العاصمة الوطنية رغم أن اغلبية سكانها من المسلمين. وقد ظلمه اعداؤه في انجلترا لعدة اسباب منها ان مسلمي بريطانيا لديهم بالفعل « منذ عام 2891» مجلس الشريعة الإسلامية وهو يتولى الإشراف على ما يتعلق بالزواج والوفاة والميراث وبعض المسائل المالية ويعمل «بالتراضي» بإعتباره جمعية أهلية لا تناقض القانون السائد. بكلمات أخرى: المسلمون يسجلون زيجاتهم في مكاتب التسجيل ليستوفوا الشرط الرسمي الحكومي ثم يدعون المأذون لعقد القران على الطريقة الاسلامية. تفعل الجالية اليهودية أمراً مماثلاً إذ تخضع للقانون البريطاني لكنها تمارس طقوسها الدينية في منتدياتها ومراكزها الدينية. وقد نشرت الصحف قبل سنوات خبر تظاهر عدد من النساء اليهوديات في لندن امام منزل رجل رفض أن يطلق زوجته طلاقاً يهودياً الأمر الذي يحرمها من الزواج الديني «ولا يحرمها من الزواج في مكتب تسجيل حكومي رسمي» يلفت النظر أيضاً أن القانون البريطاني الرسمي يعترف بالزواج الذي يعقد على يد مأذون خارج حدود بريطانيا « مثلاً: في الدول العربية والإسلامية» ولا يطالب الدبلوماسيين بعقد زواج في مكتب تسجيل.. كما لا يطالب الازواج الذين يصلون البلاد للعمل أو الإقامة بذلك. وقد ظهر احد قادة الطرق الصوفية في قناة تلفزيونية وقال إن الشريعة الإسلامية لا ينبغي أن تؤاخذ بممارسات وتفسيرات جذورها قبلية متخلفة. وضرب مثلاً بدولتين آسيويتين مسلمتين. وليس خافياً أن بعض النساء المسلمات يفضلن الوضع الحالي لأن الطلاق في بريطانيا صعب ولا بد أن يتم بالمحكمة، كما أن الزوجة تنال (05%) نصف كل ما يملك زوجها عند الطلاق. من زاوية أخرى فإن تعدد الزوجات غير مسموح به في مكتب التسجيل. ولكن حتى هؤلاء النسوة لا يقبلن بزواج إلاّ «على سنة الله ورسوله». نذكر ايضاً ان المسيحيين أنفسهم يناقشون تفاصيل الزواج. يكتفي البعض بتسجيل الزواج في المكتب بينما يفعل آخرون ما يفعله معظم المسلمين الآن - اي أنهم يسجلون في المكتب ثم يتجهون نحو الكنيسة للزواج الديني امام أحد القساوسة. يعرف د. وليامز كل هذا وأكثر منه لذلك فتح باب الحوار في موضوع جلب عليه سخط الصحافة الشعبية اليمينية كما اتاح الفرصة (كما قالت النائبة البرلمانية ديانا ابوت) لتعليقات معادية للإسلام بل عنصرية. لدى المسلمين في بريطانيا فرصة لتجاوز خلافات السنة والشيعة والإجتهاد للتوصل إلى حلول لشؤون دنياهم دون مواجهة مع المجتمع الديمقراطي المضيف. يعبر د. روان وليامز وغيره من دعاة التعايش الديني عن النيات الحقيقية لطلائع الشعب البريطاني. والبون شاسع بين هؤلاء وبين الأصوات العنصرية الناشزة البعيدة عن تراث التسامح والتقدم الذي تسمح ثمراته للمسلمين بالحياة الآمنة والتفاعل السلمي والمشاركة على قدم المساواة بكل المستويات.