في عموده المميز و في عدد أمس السبت، طالب الدكتور عبد اللطيف البوني السيد باقان أموم بأن (يروِّق المنقة) في شأن تبدله وتحوله ودعوته الصريحة بل وعمله على فصل الجنوب حسب قول البوني (أصبح الآن من أكثر الداعين لا بل العاملين على انفصال الجنوب، وإنْ شئت قل استقلال الجنوب). إنّ أفضل نتيجة يمكن أن يتوصل لها السودان من حق تقرير المصير لجنوب السودان هي إنهاء حالة الإبتزاز الحاد والمكشوف التي يُمارسها عدد غير قليل من قادة جنوب السودان الذين ينطلقون من نظر ضيق تقوم فيه الحسابات الشخصية محل الحسابات الوطنية، وقد أشار البوني للعديد من هذه القضايا في أداء وشخصية باقان أموم. مواقف باقان الوحدوية بَنَاها على مواقفه السّياسيّة منذ قيام الحركة الشعبية وهدفها أن يُعاد تشكيل السودان لتصبح الحركة الشعبية الحاكمة والمتحكمة أو تصبح قوة في الشمال إذا انفصل الجنوب. واليوم اتضح له أن الحركة ليست بالقوة التي يَظن وانتهت إلى حركة منقسمة ومُتصارعة قبل أن يستقل الجنوب كما يقول باقان. وإذا انفصل الجنوب فلن يجد باقان فيه شروي نقير، إذ في ملعب الجنوب قوى لا قبل له بها قوى قبلية أكبر وقيادات أقوى الملعب هناك فيه الدكتور مشار وفاولينو ماتيب وبيتر قاديت والقوى والقيادات التي انفصلت عن الحركة الشعبية وتحاربها حالياً، وهنالك القبائل الإستوائية التي تنتظر الإنفصال لتنفصل. لم يعد لباقان غير القوى العالمية والأوروبية وهي الآن تحتضن باقان والجنوب لما ينفصل بعد وبعد أن يجد الرجل أنه لا في ركب الشمال ولا في ركاب الجنوب فإنهم سينفضون عنه أولئك قوم تحكمهم و تحركهم مصالحهم ربما يجد الرجل إذا لم يكن يملك أوراقاً تمنحه وطناً جديداً. لندع أهل الجنوب يمارسون حقهم الدستوي وننتهي من هذا الاستقطاب وهذا الإبتزاز المستمر وهذه النظرة الضيِّقة لأمر السودان، ومن يظن أنه مواطن مضطهد في هذا السودان، وأنه في الدرجة الثانية أو دونها فعليه أن يختار بحر إرادته وطناً يطمئن إلى أنه فيه مواطن كامل المواطنة ونحن في السودان لم ننتقص من مواطنة أحد، وعندما أشعلت الحركة الشعبية الجنوب وكان باقان من قياداتها ذات النفوذ، وفد الجنوبيون إلى الشمال الذي يدعون أنه يضهدهم. عشنا في هذا السودان دون نفط ونأسف أن يكون في أهل الجنوب من ينظر إلى العلاقة مع الشمال من منظور الطمع في النفط هذا نظر وتفكير أفضل معالجة له أن يترك لهم الخيار. نعم الانفصال قاسٍ وصعب ولكن من قدر السودان أنّ بعضاً من بنيه جاروا عليه وهم يرون من وراء أطماعهم تسامحنا نحن أهل السودان طمعاً وصدرنا المفتوح عبودية. دعوهم ليختاروا وإذا انفصلوا وعادوا فمرحباً وإذا لم يعودوا فشأنهم هم إخوة أينما كانوا وما الحدود إلاّ عبودية. لا خير في وطن تقرر مصيره الدوافع الذاتية والأهداف السياسية المريضة والتبعية المذلة للغرب، ولا خير في وطن يقوم على هذا التشاكس، حق تقرير المصير فرصة لنعيد الصياغة والترتيب لوطن واحد أو ليذهب كل في طريق.