شرع شريكا الحكم في البلاد (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) في إكمال ما أبتدراه من خطوات في مكلي الاثيوبية لجهة وضع خارطة طريق لمرحلة ما بعد الاستفتاء والعمل سوية على نزع القنابل الموقوتة في مسيرة الشراكة الممتدة منذ العام 2005م (قضايا: الجنسية، العملة، الخدمة العامة، القوات المدمجة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الأصول والديون، النفط، المياه، الى جانب أي قضايا ذات صلة) بصورة تحول دون عودة البلاد لمربع الحرب مرة أخرى، وذلك بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء. ولأجل تلك الغاية، أزدانت قاعة الصداقة صبيحة الأمس بقيادات الصف الأول للوطني ونظرائهم من الحركة فضلاً عن الحضور المميز لقادة المجتمع الدولي. فتوسط المنصة ثابو أمبيكي رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي المعنية بالسودان، وجلس الى جواره كل من الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني ودكتور رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب نائب رئيس الحركة، فيما شهدت الصفوف الأولى تواجد د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون التنظيمية، وباقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية وموسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهورية وغيرهم من القيادات والفعاليات السياسية والدستورية والقضائية في ظلال السلطة الرابعة التي كانت حضوراً مميزا. .... سعيدون بالشراكة وفي كلمة الحركة الشعبية، أعرب باقان أموم عن سعادته بالتأكيدات المستمرة من قبل شريكهم في الحكم بإحترام ما ستسفر عنه نتيجة استفتاء الجنوب، وقال: سعيدون بالعمل المشترك مع المؤتمر الوطني لإنفاذ اتفاقية السلام الشامل والالتزام بقيام الاستفتاء في موعده المحدد منذ توقيع الاتفاقية. وأكد باقان أن مفاوضات الشريكين حول ترتيبات ما بعد الاستفتاء تأتي في سياق الانتقال السلس بالبلاد من المرحلة الحالية الى مرحلة ما بعد استفتاء أبناء الجنوب حول مصيرهم وذلك في خطوة متزامنة مع أستفتاء أبناء دينكا نقوك في منطقة أبيي بشأن بقائهم بكردفان أو العودة الى شمال بحر الغزال وبصورة تسهم في ديمومة السلام والاستقرار. وتعهدت الحركة على لسان باقان بإبداء حسن النوايا إبان التفاوض مع الوطني، والتوصل لاتفاق حول كل قضايا ما بعد الاستفتاء بصورة تحفظ السلام وحقوق المواطنين بمنأى عن التمييز والتفرقة مع مراعاة الاتفاقات والمواثيق الدولية مع مد جسور التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين الشمال والجنوب في حالتي الوحدة والانفصال. الإنفصال قادم وفي قراءة شخصية للأوضاع في الجنوب، أوضح أموم عن إعتقاده الكبير بأن شعب الجنوب متجه للانفصال حال تم الاستفتاء في أجواء تتسم بالحرية، جراء ما أسماه عدم جاذبية الوحدة التي نصت عليها اتفاقية نيفاشا إبان عمر الفترة الانتقالية. وشدد أموم على وعي المواطن الجنوبي بكل ما يحيط به وقال: لا يمكن أخذ المواطن الجنوبي على حين غرة بيد انه عاد وثمن جهود حكومة الوحدة الوطنية في العمل على جعل الوحدة الخيار الأمثل للجنوبيين من خلال العمل على إنشاء عدد من المشروعات التنموية. وقال ان معظم المواطنين الجنوبيين يرحبون بجهود حكومة الوحدة الوطنية. وأضاف: التعاون سيستمر بين الشمال والجنوب في حالتي الوحدة والانفصال. فرصة أمام الجميع وفي السياق ذاته، دعا أموم الى إهتبال الفرصة التي وفرتها مفاوضات الشراكة حول ترتيبات ما بعد الاستفتاء لصالح قيادة الشعب السوداني نحو مرافيء الرفاهية وتعزيز علاقات شطري البلاد التي لطالما أتصفت بالمرارة -حسب تعبيره- ونادى بخلق علاقات جديدة بين الشمال والجنوب قائمة على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة فضلاً عن إستدامة السلام القائم بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء فإما الوطن الذي يسع الجميع أو الجيرة الطيبة. وقبل أن ينزل عن المنصة، ناشد أموم الميسرين (المجتمع الدولي) بدعم مجهودات الشريكين الرامية للتوصل لحلحلة قضايا ما بعد الاستفتاء قبل مطلع العام المقبل الى جانب المساهمة في إجراء استفتاء الجنوب وأبيي بصورة شفافة ونزيهة تعبر عن إرادة الناخب الجنوبي. حل سوداني وفي كلمته، اكد ادريس عبد القادر القيادي بالمؤتمر الوطني عن ثقته في قدرة الشريكين على المضي في مسيرة السلام نحو غاياتها المنشودة شريطة توفر العزيمة لايجاد الحلول العادلة. وأشار لعدد من التجارب التي أكدت على تناغم قوى الشراكة ومتمثلة في: قسمة الثروة والسلطة، الترتيبات الأمنية، والانتخابات. وذهب عبد القادر ذات منحى أموم، بالتأكيد على إيمان الشريكين القاطع بأهمية التفاوض في مواضيع ما بعد الاستفتاء حفاظاً على السلام القائم والتبصير بما هو قادم بمنأى عما ستسفر عنه نتيجة الاستفتاء وبمعزل عن المكون الخارجي وقال: مخرجات التفاوض ستكون سودانية خالصة. وفي ختام كلمته، أوضح عبد القادر ان المفاوضات الجارية بين الشريكين تستند إلى المبادئ الهادية التي وضعها اتفاق الشريكين في اثيوبيا وأعلن عن انتقال المفاوضات في التاسع عشر من الشهر الجاري لمدينة جوبا حاضرة الإقليم الجنوبي لمواصلة ما بدأته كل من مكلي والخرطوم. حزمة مقترحات وبإنتقال الكرة الى ملعب الاتحاد الافريقي أحد رعاة المفاوضات الحالية أكد رئيس لجنته للسودان ثابو أمبيكي عن إحترام الاتحاد لتطلعات شعب الجنوب في إختيار شكل العلاقة التي تربطهم والشمال. وكشف عن حزمة من المقترحات تقدم بها الاتحاد في شكل وثيقة اطارية لمساعدة الشريكين في اتخاذ خطوات مدروسة تحول دون دخول السودان في نفق الأزمة. أبرز ما حملته الوثيقة بحسب أمبيكي ضرورة وضع الأطر المشتركة لعلائق الشمال والجنوب بصورة تسهم في إنسياب الحركة، العمل المشترك داخل اللجان لوضع الروابط المناسبة بين الدولتين الجديدتين وتعزيز الانشطة المختلفة بينهما حال إختار الجنوب الانفصال، حال الانفصال -أيضاً- التعاون على قيام كيان كونفيدرالي لتبادل المنافع والمصالح، وأخيراً إقتراح بتعزيز اهداف اتفاقية السلام الشامل وإزالة المظالم حال بقيت البلاد موحدة فضلاً عن إجراء تعديلات جوهرية عوضاً عن الاوضاع الراهنة على حد تعبيره. وفي ذات الخط المتفائل، أعرب أمبيكي عن ثقته في قدرة الشريكين على إخراج السودان من مآزقه العديدة إستناداً إلى نتائج الانتخابات الأخيرة. نقاط من مؤتمر سيد الخطيب وأموم * وفي مؤتمر صحفي تلى أعمال المؤتمر، ومنعاً للخلط، أكد سيد الخطيب القيادي داخل المؤتمر الوطني على نقطة جوهرية متمثلة في أن الاستفتاء أحد أهم مطلوبات اتقاقية السلام الشامل وليس بحال من الأحوال موضوعاً في مفاوضات الترتيبات التي تليه. * لم يبد أموم الانزعاج من أسئلة الصحفيين حول تعالي نبرة الانفصال في الجنوب (مسيرة الجمعة) وأشار الى أنه من الطبيعي ومع إقتراب موعد الاستفتاء علو الأصوات الداعية للانفصال وتلك الداعمة للوحدة، خاصة في الجنوب. * نفى الخطيب وجود سقف زمني لإنهاء مفاوضات ما بعد الاستفتاء ورهن الأمر برمته لإرادة الشريكين وأطلق تمنياته بان يفرغ الشريكان من المفاوضات قبل توجه أبناء الجنوب لصناديق الاستفتاء مطلع العام المقبل. وأشار الى انه وفي حال وقوف احدى القضايا حجر عثرة في طريق التفاوض فإن الشريكين سيلجآن الى الميسرين للدفع بمسيرة المفاوضات. * في ذات نقطة الأمد الزمني، وعد أموم بإكمال ترتيبات الاستفتاء المعلقة (لم يتوصل التفاوض لحلول لها) في تاريخ يلي الاستفتاء ولكنه شدد أن الفترة المقبلة كفيلة بتوصل الشريكين لاتفاقات مرضية حول كل النقاط المثارة. * ناشدت الحركة على لسان أمينها العام لأهمية إحتواء الخلافات حول قضية استفتاء ابيي بصورة تتزامن واستفتاء الجنوب. وأكد اموم أن التلكؤ في إنفاذ استفتاء ابيي يمكن ان يفضي الى حالة حرب وأشار الى أن يوم -أمس الاول- الجمعة كان من المفترض أن يشهد تكوين مفوضية أبيي وهو الأمر الذي لم يحدث فضلاً عن وجود عدد من المشكلات تتعلق بترسيم الحدود. * الحركة شددت وفي أكثر من موضع أثناء المؤتمر، على أنها تبحث عن الصيغة المثلى لعلائقها والشمال فمثلاً عند سؤال الصحفيين لأموم عن خيار الكونفيدرالية المقترح من قبل لجنة الاتحاد الافريقي أكد ان الاستفتاء سيسهم وبقدر كبير في ترميم العلائق بين الدولتين. وبينما قال إنهم يدرسون باستفاضة كل مقترحات أمبيكي رفض أموم الحديث باسم شعب الجنوب وقال في حال الانفصال فإن شعب الجنوب سيقرر إذا كان يريد علاقة كونفيدرالية مع الشمال أو لا يريد علاقة البتة. * وعن الكيفية التي سيتم بها التفاوض، أكد الخطيب أن كل القضايا المثارة على قدر كبير من الأهمية ولذا فإن لجان الشراكة ستعكف على وضع كل القضايا على طاولة التشريح والبحث بصورة متزامنة لكونهم في سباق محموم مع الوقت. وحدة على أسس وشهدت أعمال المؤتمر فاصل غنائي قصير جداً، أحيته فرقة الصحوة، الفرقة أحسنت إختيار الأغنية الوحيدة التي ترنمت بها وهي رائعة الكاشف (أنا سوداني) وتمظهر ذلك في التجاوب الكبير مع الأغنية فرقص على أنغامها قادة الوطني والحركة -حتى أمبيكي ناله من الطرب جانب- وهو أمر يصب في أطار تعزيز الوحدة وإن كان المؤتمر لدراسة كل الاحتمالات بما في ذلك الانفصال.