فجع الوسط الصحفي هذا العام برحيل الكثيرمن الصحفيين الذين كانت لهم صولات وجولات فى بلاط صاحبة الجلالة،كان من بينهم فى اقل من شهرين رحيل ثلاثة من الصحفيين النجوم وهم (الأستاذ الكبير سيد أحمد خليفة - رئيس تحرير الزميلة (الوطن)، والأستاذ الكبير عبد القادرالسماني الكاتب الصحفي المعروف والذي رحل قبل أيام قليلة، وثالثهم الزميل الصديق الصدوق الأستاذ الكبير ورئيس القسم الاقتصادي بالزميلة (الحرة) الأستاذ كمال محمد عثمان) والذي فجع الوسط الصحفي والاقتصادي ظهرالجمعة الماضية برحيله وشقيقته فتحية، ونجله الصغير عثمان، في حادث حركة مأساوي بمنطقة السقاي في طريق عودته من (قرِّي) برفقة أسرته. هذا الرحيل ل(كمال) كان مفاجئاً وفاجعاً بالنسبة لي ولكثيرين ممن يعرفونه من الزملاء المهتمين بالشؤون الاقتصادية فى الصحف السودانية وبقية اجهزة الاعلامية المحلية والاقليمية، وانداحت مظلة الحزن لتخيم على سماء الزميلة رقية الزاكى من كبار المحررات بالقسم الاخبار بالصحيفة والتى وجدتها في حالة وجوم على غيرعادتها فى ذلك اليوم الحزن، وسألتها عن سرهذا الحزن الذى يبدو واضحاً على شكلها فقالت رقية: انها الفجيعة المؤلمة برحيل الزميل كمال محمد عثمان والذي التقيته في بداية مشواري الصحفي بمدينة بورتسودان ونمت علاقة الاخوة بيننا بعد ان وجدته من ابناء عروس البحر التى تربطني بها علاقة الانتماء للمدينة لوجود بعض افراد أسرتي واسرته ببورتسودان، ولكنها أقدار الله تختارالأخيارالذين لا نزكيهم على الله ،ونحسب أن (كمال)، كان من بين هؤلاء الاخيارالذين اختارهم الله ونأمل من الله تعالى أن يدخله وأهله الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. علاقتي ب(كمال) لم تبدأ في غير بلاط صاحبة الجلالة، ولكنها نمت وترعرعت فى هذا البلاط الذى لايعرف متاعبه وخفاياه سوى قليلين ممن مارسوا هذه المهنة ووهبوا لها أنفسهم خدمة للعباد والبلاد ودفاعاً عن قضايا المواطنين، وكذلك قضايا القطاعات المتخصصة ومن بينها القطاع الاقتصادى والذى نشهد لأخينا (كمال محمد عثمان) بأنه كان من فرسان هذا الميدان ،لاتأخذه فى الحق لومة لائم،ولا تدفعه الى الدفاع عن قضايا وهموم القطاعات الاقتصادية المختلفة المصالح الشخصية اوالدوافع الجهوية اوالاجندة الشخصية أنما هي مصلحة البلاد العامة والتى يفرح لما يفرح من أخبارها التى تتصدرها مانشيتات جريدة (الوطن)، ومن بعدها جريدة الحرة اللتين عمل بهما، او الكشف عن خفايا من خلف الكواليس وكذلك تتصدر مانشيتات تلك الصحف التي عمل بها، وظل قابضاً على زناد قلمه الحر في جريدة (الحرة)، ينشر ما تسمح به سياسة الجريدة التى يعمل بها وما تسمح به عيون الرقيب من أجهزة الرقابة القبلية للصحافة المحلية، ويدافع عن ما لم يستطع نشره في عموده اليومي وتوصيل معانيه بحديث مع أولى الأمر من باب النصح، واسداء النصح في زمن قل فيه ان تجد من يسمع للنصيحة، ولكن له في ذلك أجرين. نشهد لاخينا (كمال) بعفة اليد واللسان، وسعيه الى الاصلاح ما استطاع اليه سبيلاً كما نشهد له شهادة من قال عنهم الرسول (صلى الله عليه وسلم): (إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فأشهدوا له بالايمان)، فكان كمال رجلاً يداوم على صلواته فى جماعة، وكثيرما تحدثنا خلال سفرنا مع بعض اواللقاءات التي جمعتنا في ساحة النشاط الاقتصادي من تغطيات عن الصلاة فى جماعة وفضل الجماعة وعن مواقف تحدث فى صلاتي الفجر والعشاء، وعن قضايا مسكوت عنها تؤثر على مصالح البلاد والعباد والاقتصاد الوطنى. من أجمل المتابعات الصحفية التى قام بها الزميل (كمال ) وأصبحت خالدة في ذاكرتي، ولم أنسها يومياً، بل كان فيها أداؤه متميزاً رغم ان الصحف تابعت هذه الاحداث هي تغطيته (التداعيات الاقتصادية لاستضافة السودان لمباراة مصروالجزائر) المؤهلة الى كأس العالم الذي عقد بجنوب أفريقيا أخيراً، حيث ارتفع حسه الصحفي الى مستوى الحدث فأفرد لها صفحة كاملة في ملفه الاقتصادي وتحدث بلغة الأرقام عن ما يمكن ان تنعكس نتائجه ايجاباً على الاقتصاد الوطني خاصة قطاع السياحة والفنادق والارقام والأموال التي يمكن ان تحققها استضافة هذه المباراة، ولكن من بعد تحولت هذه الارقام المالية الى ارقام من الاساءة لهذا البلد العظيم والمضياف من نجوم الدراما العربية الذين أفل نجمهم ،وأرادوا ان يسطعوا من جديد ب(سماء الاساءة للسودان) الذي استضاف كل العرب. التحية لأخينا (كمال) على هذه التغطية والمتابعة المتميزة، وهو الآن عند مليك مقتدر، نسأله تعالى ان يقدرلأخينا ( كمال) قدره فى أعلى عليين وأن يجعل الجنة مثواه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً،بقدرما أعطى لهذا الوطن فى جريدة الوطن، وبقدر صدعه بالحق وجرأة الطرح فى جريدة الحرة، كما نسأله تعالى ان يلهمنا وأهله الصبروحسن العزاء، وان يجعل البركة فى ذريته.. (إنا لله وأنا اليه راجعون ) صدق الله العظيم