شهدت رواندا الاسبوع المنصرم انتخابات رئاسية جرت فى اجواء هادئة وقضت بفوز الرئيس بول كيغامى بولاية رئاسية ثانية تمتد لسبع سنوات بفارق كبير عن منافسيه ، حيث حصل كيغامى على (93%) من الأصوات، وحل فى المركز الثاني آل لجون داميسني مرشح الحزب الاجتماعي الديمقراطي (5%) من الأصوات، وجاء بروسبير هيجيرو في المركز الثالث (1%) من الأصوات. ..... الفارق الكبير فى الاصوات بين كيغامى واقرب منافسيه يكشف عن مدى الشعبية التى يمتع بها كيغامى الذى، فاز بالانتخابات الرئاسية الأولى العام 2003 عندما استطاع إعادة الأمن والاستقرار وتحقيق نتائج اقتصادية لبلاده، ويبدو انه واصل فى ذات المسار، ويحكم كيغامى رواندا منذ أطاحت الجبهة الوطنية الرواندية -التي شكلها متمردو التوتسي- بميليشيا الهوتو بعد أن نشب بينهما قتال راح ضحيته في العام 1994 نحو (800) ألف شخص فيما عرف بالإبادة الجماعية في رواندا، ويرى المراقبون أن رواندا نجحت في ظل حكمه في محاربة الفساد وضمان حقوق المرأة. وكان نحو خمسة ملايين ناخب توجهوا في التاسع من أغسطس الجارى إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لولاية جديدة من بين أربعة مرشحين في ثاني انتخابات رئاسية منذ العام 1994، ورافقت تلك العملية مخاوف اعلامية من حدوث اعمال عنف، ولكن السمة الابرز فى هذه الانتخابات انها خلت من اى اعمال عنف مصاحبة وشهدها واشرف عليها حوالى (0041) مراقب على الاقتراع بينهم (214) مراقباً دولياً يعملون خصوصاً للاتحاد الافريقي ورابطة الكومونولث، بينما لم يشارك الاتحاد الاوربى فى مراقبة الانتخابات لأسباب متعلقة بالميزانية ولم يرسل مراقبين رغم انه كان حريصا على مراقبة الانتخابات فى كافة الانتخابات التى شهدتها افريقيا. وعلى غير العادة اشادت الصحافة الامريكية والبريطانية بالانتخابات ونتائجها وسارع البيت الابيض الى تهنئة كيغامى على هذا الفوز الكاسح، مؤكدا فى الوقت نفسه ان الديمقراطية تتقدم فى هذا البلد، وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي مايكل هامر: نهنئ الروانديين على انتخاباتهم الرئاسية في 9 اغسطس، وتابع المتحدث «الديموقراطية ليست فقط اجراء انتخابات، الديموقراطية تعكس ارادة الشعب، وتكون اصوات الاقليات مسموعة ومحترمة، ويتقدم المرشحون على اساس برنامج من دون تهديدات او مضايقات، ويتم احترام حرية التعبير وحرية الصحافة. ويحظى الرئيس كيغامى بشعبية فى بلاده لكونه حقق إنجازات تعتبر استثنائية فى حالة رواندا وافريقيا عموماً فنموالاقتصاد الرواندى تضاعف خلال ستة اعوام وتراجعت معدلات الجريمة وتتميز رواندا عن غيرها من البلدان الافريقية فى ان اجهزة الشرطة والامن الاكثر انضباطا والاقل تلقى للرشى عند مقارنتها بمحيطها الافريقى، ومن أهم إنجازات كيغامي، أن الشعب بات ينعم اليوم بالسلام، بعد (16) عاماً على جرائم الإبادة الجماعية التي استهدفت أقلية التوتسي . وخصصت صحيفة «نيويورك تايمز» الامريكية احدى افتتاحياتها لرصد أصداء فوز كيغامي بفترة رئاسية جديدة وقالت ان هذا انتصار لم يكن مفاجئاً، فالرئيس الرواندي جعل من المستحيل أن تأتي النتائج بغير ما جاءت به. الروانديون لديهم أسبابهم المنطقية للإبقاء على كيغامي لفترة رئاسية جديدة ، فالبلاد بعد (16) عاماً من مذابح الهوتو والتوتسي قد تغيرت إلى الأفضل، وكيغامي الذي سيطر على البلاد منذ 1994 يستطيع الحديث عن رصيد كبير يحسب له في قيادة رواندا. فرغم الفقر، تُعد بلداً من بين أكثر البلدان النامية تنظيماً وفي الوقت نفسه تقل فيه الجريمة، وتوجد بالبلاد طرق جديدة ومراكز صحية وخدمات إنترنت ولديها استثمارات أجنبية بملايين الدولارات. وتصنف منظمة الشفافية الدولية ومقرها ألمانيا- رواندا كأقل بلد فساداً في شرق أفريقيا، كما يعد هذا البلد الأكثر مشاركة نسوية في السلطة على مستوى العالم. وقالت افتتاحية صحيفة «ذي أوبزرفور» البريطانية كيغامي استمد شعبيته من توفيره لضمانات الاستقرار الأمني لبلاده التي مزقتها حملات التطهير العرقي التي جرت العام 1994م، وبفعل الاستقرار الأمني الذي حققته حكومته، تمكنت رواندا من اجتذاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، وكذلك المساعدات الاقتصادية الخارجية لبلاده. وبالنتيجة تضاعف حجم الاقتصاد الوطني خلال السنوات الخمس الماضية، ويتوقع له أن يحقق نمواً بنسبة (6) في المائة خلال العام الحالي. وبالمقارنة مع بقية دول شرق أفريقيا، يبدو أداء حكومته جيداً جداً فيما يتعلق بقياسات الشفافية والفساد الحكومي في المنطقة.