أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    ميسي يحسم قراره بشأن مستقبله مع إنتر ميامي    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تفضح شاب قام بتصويرها خلسة بمحل "فول": (عاينت ليو لقيتو ببكي قال لي أنا يداب لي يومين ف البلد دي.. حنن لي قلبي..جبانون)    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور الممثل المصري الشهير "وحش الشاشة العربية" في الخرطوم بعد تحريرها !!    مصرع عبد الرحيم ود أبوك "خال" قائد الدعم السريع و15 ضابط في غارة جوية للجيش بمدينة نيالا والمليشيا تقوم بترحيل الجثمان من نيالا إلى الضعين    الميرينغي يتجاوز السيدة العجوز    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    عودة الحركة إلى مطار الخرطوم هي عودة رمزية للتواصل مع العالم الخارجي    اللواء الركن (م) أسامة محمد احمد عبد السلام يكتب: ذكرى يوم (ب)    السودان..الفاشر تهتزّ بهجوم ضخمٍ    من خارج الخط    ولاية الخرطوم تعتمد مقترحات تعديل في التقويم المدرسي    إن زدت في القصف.. زدناك عنادًا.. قسمًا لن نبرحها إلا بعز النصر..!    والي البحر الأحمر يلتقي المدير القطري لمشروع اليونيدو    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الخميس23 أكتوبر2025    مشاهد متداولة لاستهداف مواقع إستراتيجية بالخرطوم.. ما حقيقتها؟    اختطاف تاجر في السودان    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    بدء الامتحانات المعرفية للدورة الثانية لعام 2025 للأطباء السودانيين    هذه هي القومية التي ننشدها    المريخ يتعادل أمام الاتحاد الرياضي    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    «انتصار» تعلن عن طرح جزء جديد من مسلسل «راجل وست ستات»    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    السودان..قرار مفاجئ بتخفيض رسوم الجواز    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    شاهد.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (نجوت من 3 محاولات اغتيال في نيالا والدور على عمر جبريل.. الضابطة "شيراز" زوجت إبنتها التي تبلغ من العمر 11 عام لأحد قيادات الدعم السريع والآن مستهدفة لهذا السبب)    إحباط تهريب مواد كيميائية وبضائع متنوعة بولاية نهر النيل    قوات الدفاع المدنى تنجح فى إنتشال رفاة جثتين قامت المليشيا المتمردة بإعدامهما والقت بهما داخل بئر بمنزل    تحذير من تموضع حوثي عبر غطاء إيراني قرب السواحل السودانية    وفاة الكاتب السوداني صاحب رواية "بيضة النعامة" رؤوف مسعد    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    وزارة الدفاع الكولومبية تعلن دعم مشروع قانون يحظر أنشطة المرتزقة في البلاد    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ( "لينتي" كفكفت من عيني دمعات الليالي وجدتُ نفسي غارقا في الحب عاشقاً، محباً ومُريدا).. شاهد ماذا كتب العريس أحمد العربي لزوجته لينا يعقوب في أول يوم لهما بعد نهاية حفل زواجهما الأسطوري    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    القبض على الفنانة عشة الجبل    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسا والتدخلات الخارجية فى شؤون القارة الإفريقية .. بقلم: عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
نشر في سودانيل يوم 09 - 06 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
إنعقد فى الفترة من السادس وحتى السابع من أبريل الجارى من العام 2011 م بالعاصمة السودانية الخرطوم المؤتمر الثامن للجنة أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية المعروفة بمختصر السيسا (CISSA) والذى كان من المفترض عقده فى ساحل العاج ولكن المتغيرات والظروف التى شهدتها ساحل العاج حالت دون أن يتم تنظيم المؤتمر بها,وقد خاطب الرئيس السودانى عمر البشير الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر مشددأً على قدرة القارة الإفريقية على معالجة قضاياها وحل المشاكل التى تجابها دون الحوجة للتدخلات الخارجية,وأن التدخلات الخارجية أضرت بالقارة الإفريقية منوهاً للضرورة القصوى لوحدة الصف الإفريقى وأن تكون السيسا داعمة للمفوضية الإفريقية بالمعلومات من أجل الحفاظ على إستقرار القارة الإفريقية,كما أكد رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطنى الفريق أول محمد عطا فى خطابه أمام المؤتمر فى الجلسة الإفتتاحية إتجاه السيسا لأن تكون رافداً رئيسياً للمعلومات حول المتغيرات الأمنية والتحليلات السياسية للإتحاد الإفريقيى ومجلس السلم والأمن الإفريقى,أما رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقيى السيد جان بينغ فتحدث عن الصراع حول السلطة فى القارة الإفريقية ومساهمته فى عدم الإستقرار السياسى فى القارة الإفريقية داعيا السيسا بتبنى مبادرات لحل الأزمات والصراعات الإفريقية,كما إنتقد قائد السيسا رئيس جهاز الأمن فى الكنغو السيد فيلب أوبارا وقوف الإتحاد الإفريقى موقف المتفرج من القضايا الإفريقية حيث أن المجتمع الدولى إتخذ موقفه وقراراته حول ليبيا بإستثناء إفريقيا مؤكدا على أن مكونات الثورة الشعبية موجودة بكل دول القارة الإفريقية ويجب على المسؤليين والقادة الأفارقة أن يستمعوا لمطالب شعوبهم وتحقيق التنمية والديمقراطية من أجل تحقيق العدالة كما أمن على ضرورة أن تقدم الأجهزة الأمنية المعلومات الحقيقية دون تحفظات للقادة للوقوف على الحقائق وحل الإشكاليات القائمة,كما أمن على أن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت لإثارة المتاعب لإفريقيا وفرض مزيداً من التدخلات الخارجية فى القارة الإفريقية,وفى ختام المؤتمر خاطب النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ على عثمان محمد طه الجلسة الختامية مثمناً على الجهود لجنة الأمن والمخابرات الإفريقية فى إمكانية لعب دور كبير فى تحقيق الأمن و الإستقرار فى القارة الإفريقية,كما ختم المؤتمر جلساته بالعديد من التوصيات الهامة,أما أهم البنود التى تبلورت من إجتماعات مدراء عام أمن إفريقيا هو البند الذى نص على حظر التعامل مع أجهزة المخابرات من خارج القارة.
كل ما طرح فى أروقة المؤتمر الثامن للجنة أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية يشير إلى أن الصراعات والنزاعات التى تنتشر فى القارة الإفريقية معظمها إن لم يكن كلها ناتجة من التدخلات الخارجية فى شؤون القارة الإفريقية,إذن الكل يدرك أن الأوضاع الأمنية الحالية فى القارة الإفريقية أصبحت غير مستقرة وتنزع نحو عدم الإستقرار نتيجة لتنامى الصراعات داخل الوحدات السياسية المكونة للقارة الإفريقية,وهذا الوضع فى حقيقيته ناتج من عدة عوامل خارجية وداخلية ولكن أكثر هذه العوامل أثرا على القارة الإفريقية والذى يعمل على عدم إستقرار الأوضاع الأمنية داخلها هى التدخلات الخارجية الغربية التى تعمل أجنداتها على تفتيت وإنهيار الجسم الإفريقى عبر إشعال الصراعات داخل الدول الإفريقية وبين مكوناتها السياسية,والذى بعضها أصبح ظاهراً الآن أمام أعيننا،وبعضها تتراكم عوامل إنفجاره لكى ينفجر في أي وقت ,والمتابع لما يشهده مسرح القارة الإفريقية من أحداث فى هذه الآونة سوف يدرك هذه الحقيقة الماثلة أمامنا, منطقةالقرن الإفريقى فى حالة من التشكل ليس وفقاً لطموحات ورغبات المكونات الإجتماعية الداخلية المكونة للوحدات السياسية للقرن الإفريقيى,بل نتيجة لرغبات القادمين من وراء البحار الساعيين للنفوذ والهيمنة على الموارد الإفريقية,الولايات المتحدة عبر مشروع العولمة تقترح قرن إفريقى كبير يهدف لتغيير الخارطة الجيوسياسية لكل منطقة الشرق الإفريقى ومنطقة البحيرات لتحكم قبضتها على موارد المنطقة خاصة البترول الذى يشكل القوة الدافعة لسياستها الحالية فى المنطقة الإفريقية,كما شكل ظهور دول جديدة فى منطقة القرن الإفريقيى مثل ظهور الدولة الأرترية وبونت لاند ودولة السودان الجنوبى التى من المفترض الإعلان عنها فى التاسع من يوليو القادم نشؤ صراعات بين هذه الدول والدول المستقلة عنها كالنزاع الحدودى الدائر بين إثيوبيا وأرتريا منذ العام 1998 وحتى هذه الآونة,والصراع بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية حول أبيىالتى يوجد بها إحتياطى نفطى كبير تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية للسطرة عليه عبر كل والوسائل المتاحة لها,كما شهد الإقليم تدخلات عسكرية قامت بها دول إفريقية فى دول إفريقيا مجاورة بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية كالتدخل العسكرى الأثيوبى فى الصومال فى 24 ديسمبر 2006 لدحر قوات المحاكم الإسلامية الصومالية من الحكم,والتدخل اليوغندى العسكرى فى الأراضى الكنغولية,وقضية مياه النيل التى بدأت تعلو من دول المنبع الإفريقية من أجل تحقيق أهداف ربما لن تخدم قضايا دول المنبع فقط بل أطراف خارجية مستفيدة من هذا الصراع,ولعل التدخلات الخارجية أسهمت فى إعلاء النزعات القبلية وتقليص دور القومية فى منطقة القرن الإفريقيى بغية هزم جهود التوحد الإفريقيى,كما أن هنالك بوادر تحالف صينى فرنسى فى كل من شاد وإفريقيا ليقف فى وجه التمدد الأمريكى فى منطقة الغرب والذى ربما تكون له إنعكاسات مؤثرة على المنطقة,أما فى الغرب الإفريقى نجد أن الصراع فى المنطقة المغاربية والصحراوية والساحلية قد أخذ أبعادا لا يتصورها إلا الضليعين بالجيوستراتيجية والصراع بالمنطقة, فالدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تحاول نسف الإستقرار فى منطقة الساحل الإفريقي فى إطار تنافس هذه القوى على الاستحواذ على مواردها لتحقيق أهداف جيواستراتيجية تعمل على تصاعد وتيرة الصراع بالمنطقة, ويتوقع معظم الباحثين أن تكون منطقة غرب إفريقيا مرشحة للعديد من الصراعات القادمة نتيجة لإكتشاف إحتياطات نفطية ضخمة بها مما يؤدى لزيادة حدة التنافس الدولى على المنطقة الشىء الذى ربما يعمل على ترتيب الأمور فى المنطقة والذى حتما سوف يتعارض مع بعض مصالح حكومات المنطقة الإفريقية,ولا تزال منطقة البحيرات الإفريقية تشتعل فيها الصراعات الدموية حتى الآن,فجمهورية الكنغو الديمقراطية على سبيل المثال منذ إستقلالها فى 30 يونيو من العام 1960 م وحتى اليوم لا زالت تتعرض للتدخلات الخارجية والإقليمية فى شؤونها الداخلية ولم تنعم بالإستقرار السياسى إلا لسنوات قليلة وبالرغم من أنها قطر إفريقى غنى بثرواته إلا أنها الآن تعيش على المعونات الإنسانية ويعيش معظم شعبها الذى يبلغ تعداده حوالى 54 مليون نسمة تحت طائلة الفقر أما ثرواتها فهى تنهب بإستمرار من قبل الغرب نتيجة لعدم قدرة الدولة لفرض سيادتها بالكامل على كل أراضيها,وبالرغم من توقف الحرب الأهلية فى عام 2001 م وفوز جوزيف كابيلا فى الإنتخابات الرئاسية وتوجه الدولة نحو الإستقرار السياسى إلا أنه فى العام 2006 م إنطلقت من إقليم كيفو فى الشمال حركة تمرد أطلق عليها إسم (المؤتمر الوطنى للدفاع عن الشعب) بزعامة "لوران نكوندا" رئيس أركان الجيش الكنغولى فى حكومة جوزيف كابيلا ذو الأصل التوستى والذى كان ينتمى (لحركة الجبهة الوطنية الرواندية) فى السابق,وبالرغم من محاولة الحكومة الكنغولية إحتواء التمرد وتوقيع عدة إتفاقيات مع "نيكوندا" لوقف إطلاق النار إلا إن الوضع تأزم بعد أن هدد "نيكوندا" بالزحف نحو كنشاسا نتيجة للدعم الإقليمى الذى يتلقاه,فإذدادت الأوضاع سؤا وأصبح الصراع هنالك يحمل بين طياته الصراع بين التوستى والهوتو,فرواندا ويوغندا يدعمان "نيكوندا" ذو الأصول التوستية ويتهمان الكنغو بتوفير قواعد إنطلاق فى الشمال اليوغندى لحركات الهوتو المتمردة مثل (حركة القوى الديمقراطية لتحرير رواندا) وحركة (أنتراهاموى) و(قوات مليشيا راستا),وتشير معظم التقارير الواردة من المنطقة أن الصراع بين الهوتو والتوستى سوف ينفجر من جديد وأن كل من رواندا ويوغندا يشاركان بقوات عسكرية من أجل فرض سيطرة التوستى على إقليم البحيرات,أما فى يوغندا فلا زال الشمال اليوغندى ملتهب منذ إستقلال يوغندا 1962م,ولا زال سكان الشمال اليوغندى يعانون من سوء معاملة الحكومة اليوغندية لهم,كما لازال جيش الرب اليوغندى المتمرد يقوم بعمليات متفرقة داخل يوغندا بل إنتقل نشاطه إلى جنوب السودان وجمهورية الكنغو,وقد فشلت كل الجهود لتسوية الصراع بين جيش الرب والحكومة اليوغندية,وقد تزداد الأمور تعقيداً نتيجة لتدخل الولايات المتحدة فى الصراع بجانب الحكومة اليوغندية للقضاء على جيش الرب,وفى رواندا لا زالت آثار الصراع الدموى بين التوستى والهوتو على السلطة باقية حتى الآن ونتيجة لإرتباط كل فئة من القبيلتين بأطراف خارجية مثل دعم الفرنسيين للهوتو ومساندة الولايات المتحدة للتوتسى إندلعت الحرب الأهلية بين التوتسى والهوتو التى زادات من حدتها مصرع الرئيس الرواندى السابق "هايبا ريمانا" فى حادث تحطم طائرة فى 16 أبريل 1994 م, ولقى حوالى 80 ألف من التوتسى و 30 ألف من الهوتو مصرعهم فى إضطرابات عرقية دموية بين الطرفين,وبما أن الأزمة الرواندية إنتهت بإتفاق أروشا الموقع فى أغسطس من العام 1994 م والذى بموجبه تشكلت حكومة جديدة فى رواندا, إلا أن الصراع بين التوستى والهوتو لا زال كامنا ومرشح للإنفجار مرة أخرى وبالأخص من قبل الهوتو الذين يشكون من هضم حقوقهم وسيادة التوستى عليهم,أما بورندى بالرغم من سيطرة أقلية التوتسى على مقاليد الأمور فيها فلا زالت بوادر إنفجار الأوضاع فيها بين التوتسى والهوتو قائمة ومحتملة,و فى الجنوب الإفريقى فقد توالت الضغوط على زمبابوى ورئيسها "روبرت موجابى" الذى نصب رئيسا تنفيذيا لزمبابوى منذ 31 ديسمبر من العام 1987 م, ومنذ قيامه بإصلاح الدستور فى عام 2000 م والذى أنشأ فيه لجنة لإعادة توزيع الأراضى المملوك معظمها للأقلية البيضاءكما نص الدستور أيضا بأن المزارعين البيض المنزوعة أراضيهم عليهم المطالبة بحقوقهم من المستعمر القديم (بريطانيا),هذا الإصلاح الدستورى الذى لم يصب فى خانة المصالح البريطانية والأمريكية دفع برطانيا والولايات المتحدة للقيام بحملة إعلامية كبرى من أجل إسقاط الرئيس "موغابى" ودعم منافسه "تسفانجيرى" ليتولى مقاليد الحكم فى زمبابوى ,ولا زالت زمبابوى تتعرض لضغوط إقتصادية من قبل الغرب بالرغم من مشاركة المعارضة فى الحكم, ولكن لا زال الغرب غير راضى عن سياسات "موغابى" نظرا لتعاونه مع الصين المنافس القوى للغرب على الموارد الإفريقية,أما فى الشمال الإفريقى فمصر أصبحت تنفجر الأوضاع فيها اليوم تلو الآخر بعد الثورة الشعبية الت أزاحت نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك,وأصبح الأقباط بالفعل يشكلون هاجسا أمنيا للحكومة المصرية وربما أن هنالك أيادى تعمل لتفجير هذا الوضع من أجل خلق واقع جديد فى المنطقة وممارسة المزيد من الضغوط على مصر لحملها لتقديم تنازلات فى ملفات أخرى,وتفجر الوضع بين دول المنبع والمصب لا ينفصل عن تصاعد وتيرة أزمة الأقباط فى مصر وما يليها من أزمات أخرى قد تؤدى فى نهاية المطاف لتحجيم دور مصر الإقليمى فى المنطقة إن لم يتم تدارك الأمر,كل هذه الإضطرابات تدور فى المسرح الإفريقى والتدخلات الخارجية هى العامل المحرك لكل هذ النزاعات,كل هذه النزاعات كانت تحدث فى القارة الإفريقية و أجهزتها الأمنية كانت على الدوام مبعثرة الجهود وفى حالة من الإرهاق المستمر والعمل لصالح مصالح الغير نتيجة للمبادرات التى تطلقها الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية من أجل فرض ساسيات تقوم بإتباعها الأجهزة الأمنية لدول القارة الإفريقية حتى يتم صرفها عن القيام بواجباتها الوطنية والإقليمية والقارية وتكون أدآة فى تحقيق مصالحها فى المنطقة الإفريقية,عليه يجب أن تدرك السيسا أن حالة التخبط السياسي الإفريقيى ليست وليدة السياسات الإستعمارية القديمة فقط بل هى أيضا وليدة سياسات دولة ما بعد الإستعمار وما أعقبها من فشل تنموي وسياسي ظل ينمو بإضطراد نتيجة للتدخلات الخارجية وإرتباط بعض النخب الحاكمة بالمستعمر وسياساته الإقتصادية التى تهدف دوما لإعادة إستعمار القارة الإفريقية،والسؤال المطروح أمامنا الآن أنه إذا كانت أوضاع القارة الإفريقية على هذا القدر من التأزم والإشتعال نتيجة للتدخلات الخارجية فما هو المخرج؟ هل لجنة الأمن والمخابرات الإفريقية قادرة على إيجاد خيارت تتيح لها لعب دور إيجابى لوقف تدهور الأوضاع وعدم الإستقرار الذى تتعرض له المنطقة الإفريقية بكاملها؟ فى إعتقادى أن السيسا فعلاً يمكنها أن تعمل على تدارك هذا الوضع الإفريقيى الغير مستقر عبر إرساء موقف إفريقى موحد يدعوا للتخلى عن وهم الأمن المحلي,والتحرك في اتجاه صياغة رؤية إفريقية مشتركة تضع على رأس أولوياتها التخفيف من الأزمات فى القارة الإفريقية،والعمل على تمتين نسيج المصالح والروابط الإفريقية, هذا الأمر يفرض مسؤوليات على الدول الإفريقية تتمثل فى محاربة الفساد السياسى والمالى عبر إعادة ترميم الجسد الإفريقيى وإصلاح المجال السياسي الإفريقى المفكك لسد الفجوات التى تنفذ من خلاله القوى الدولية والإقليمية الطامحة فى تحقيق مصالحها القومية عبر إضعاف الترابط بين دول القارة الإفريقية بغية هزم مشروع التوحد الإفريقي وهزم فكرة الإتحاد الإفريقيى التى تهدف لتحقيق الرفاهية لإنسان القارة الإفريقية إسوة بنظرائه فى القارات الأوربية والأمريكية والأسيوية وتغيير واقعه المزرى الذى يعيش فيه الآن,لذا وجب علينا الإعتراف أن القارة الإفريقية تحتاج لمشاركة إفريقية فعالة من جميع أبنائها على كافة المجالات السياسية والأمنية والإجتماعية والثقافية من أجل ضمان وتحقيق أمن هذه القارة عبر الإنتقال من مفهوم الهوية القومية إلى الهوية القارية،ومن مفهوم الأمن المحلي إلى الأمن الإقليمي والأمن القارى من أجل تحقيق الوحدة الإفريقية التى طالما حلم بتحقيقها آبائنا المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية(الإتحاد الإفريقى حاليا)الذين ناهضوا الإستعمار وأدواته ولكنه قدر بهم مستخدماً أزياله المرتبطة بمصالحه الإقتصادية داخل القارة الإفريقية من أجل إخماد جزوة الثورة الإفريقية والحفاظ على مصالحه فيها.
عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
باحث وخبير إستراتيجى فى شؤن القارة الإفريقية و متخصص فى شؤن القرن الأفريقى
E-mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.