رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    السودان..وزير الشؤون الدينية والأوقاف يصدر قرارات    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    وصول محترفي سيد الأتيام والطاقم الفني المعاون إلى ودمدني إيذانا بمرحلة الحسم    المريخ يسعى لمواصلة انتصاراته أمام موهانجا عصر اليوم    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    رياض محرز يقود الجزائر لتخطي بوركينا فاسو والتأهل لثمن نهائي أمم أفريقيا 2025    القاهرة تحذر من بناء سدود جديدة على النيل: سنرد    ماذا يريد البرهان؟    فوز منتخبنا يعيد الثقة المفقودة في "كان المغرب 2025"    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    شاهد بالصور.. الرابر "سولجا" يقتحم مران المنتخب الوطني بالمغرب    المذيعة والصحفية ملاذ ناجي تتلقى التهانئ والتبريكات من نجوم السوشيال ميديا بمناسبة عقد قرانها    شاهد بالصور.. الرابر "سولجا" يقتحم مران المنتخب الوطني بالمغرب    بالصور.. المريخ يعلن رسمياً التعاقد مع نجمي التسجيلات    رفيدة ياسين تكتب: دروس عام اختصر عمراً    شاهد بالفيديو.. تحسن أم استقرار أم تدهور؟ خبيرة التاروت المصرية بسنت يوسف تكشف عن مستقبل السودان في العام 2026    السودان يهزم غينيا الاستوائية وينعش حظوظه في التأهل    شاهد بالصورة.. نجمة السوشيال ميديا الحسناء أمول المنير تترحم على زوجها الحرس الشخصي لقائد الدعم السريع بتدوينة مؤثرة: (في مثل هذا اليوم التقيت بحب حياتي وزوجي وفقيد قلبي)    عثمان ميرغني يكتب: مفاجأة.. أرض الصومال..    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    بنك السودان يدشن نظام الصادر والوارد الإلكتروني عبر منصة بلدنا في خطوة نحو التحول الرقمي    زيادة جديدة في الدولار الجمركي بالسودان    الصادق الرزيقي يكتب: البرهان وحديث انقرة    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنفجار الأوضاع الأمنية فى القارة الإفريقية .. بقلم: عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
نشر في سودانيل يوم 08 - 01 - 2011

إن الوضع الأمنى الراهن فى القارة الإفريقية أصبح غير مطمئن وينزع نحو الإشتعال والإنفجار نتيجة لتنامى الصراعات داخل الوحدات السياسية المكونة للقارة الإفريقية, وهذا الوضع فى حقيقيته ناتج من عدة عوامل خارجية وداخلية ولكن أكثر هذه العوامل أثرا على القارة الإفريقية والذى يعمل على سرعة إنفجار الأوضاع داخلها هى التدخلات الخارجية الغربية التى تعمل أجنداتها على تفتيت وإنهيار الجسم الإفريقى عبر إشعال الصراعات داخل الدول الإفريقية وبين مكوناتها السياسية, والذى بعضها أصبح ظاهرالآن أمام أعيننا، وبعضها تتراكم عوامل إنفجاره لكى ينفجر في أي وقت ,والمتابع لما تشهده القارة الإفريقية من أحداث فى هذه الآونة سوف يدرك هذه الحقيقة الماثلة أمامنا.

إذا نظرنا للأوضاع فى منطقةالقرن الإفريقى نجد أن الصومال في حالة انهيار منذ سقوط الرئيس السابق سياد برى منذ العام 1991 وقيام المحاكم الإسلامية فى جنوب مقديشو تحت رعاية الشيخ "محمد معلم حسن" ورفض "فرح عيديد" للمحاكم خوفا على نفوذه, ومن ثم تم التدخل الدولى فى الصومال تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية فى الفترة من العام 1992 حتى 1994 م، وقيام دولة أثيوبيا بتوجيه ضربة عسكرية للصومال فى عام 1996 من أجل القضاء على المحاكم الإسلامية وجماعات الإتحاد الإسلامى الصومالية بدعوى إرتباطهم بشن عمليات فى داخل العمق الأثيوبى وبالتالى تهديدهم للأمن القومى الأثيوبى ,مرورا بإنتخاب "عبد القاسم صلاد" الذى كان أحد الراعين لنظام المحاكم الإسلامية رئيسا للحكومة الإنتقالية الصومالية فى عام 2000 م وإنهيار حكومته الإنتقالية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ,وفى العام 2004 إندلع الصراع الداخلى فى مقديشو مجددا مما أدى إلى تفعيل المحاكم الإسلاميةوإنتخاب "شيخ حسن شريف" رئيسا تنفيذيا لها وشيخ "حسن طاهر عويس" رئيسا لمجلس المحاكم,وقدى أدى إعادة تفعيل المحاكم إلى تحقيق إستقرارا نسبيا فى جميع أنحاء الصومال الشىء الذى تعارض مع مصالح أمراء الحرب الذين قاموا بدورهم بالقيام بعمليات إختطاف لعناصر المحاكم وتسليمهم لأمريكا بدعوى إرتباطهم بالقاعدة, وفى 18 فبراير من العام 2006 قام "عبدالله يوسف" بتأسيس تحالف أطلق عليه تحالف إرساء السلام ومكافحة الإرهاب لمقاومة المحاكم الإسلامية بدعوى إنتمائها لتنظيم القاعدة, ونتيجة لدحر المحاكم الإسلامية لقوات التحالف قامت الحكومة الإنتقالية بطلب الدعم الإفريقيى, كما طلبت تدخل القوات الأثيوبية والذى رفضته المحاكم الإسلامية,ولكن قامت القوات الأثيوبية بالفعل بالتدخل فى العسكرى فى الصومال فى 24 ديسمبر 2006 ودحرت قوات المحاكم الإسلامية مما أدى إلى تهجير 750 ألف صومالى من مدنهم وقراهم, ولكن قوات المحاكم الإسلامية أعادة تنظيم صفوفها مرة أخرى مما أدى لإجبار القوات الأثيوبية للإنسحاب من الصومال ,ثم تأتى بعد ذلك نشر القوات الإفريقية فى الصومال أدى إنحيازها لجانب الحكومة الإنتقالية لفقد حيادها مما أسفر عن تبنى شباب المجاهدين لتفجيرات كمبالا ردا على مساندة القوات اليوغندية للحكومة الإنتقالية ضدهم ,كما ظهرت فى خلال العشرة سنوات الماضية عمليات القرصنة البحرية بشكل كبير على سواحل الصومال المطلة على خليج عدن والمحيط الهندى وبحر العرب الشىء الذى ترتب عليه زيادة نفقات التأمين ورسوم الشحن على السفن القادمة إلى القارة الإفريقية والمتوجهة عبر سواحلها إلى بلدان العالم الأخرى, والآن لا تسيطر حكومة الشيخ أحمد شريف سوى على قصر الرئاسة و أحياء في مقديشو ، في وقت تتمدد فيه الحركات المسلحة التي تقودها مجموعات شباب المجاهدين في سائر أرجاء الصومال,أماالنزاع الإثيوبي الأرترى الذى نشب بين الدولتين بين عامى 1998-2000م حول منطقتى زالمبسا وبادمبى،لقد كان نزاعاً دموياً مدمراً، قدرت خسائر الأرواح فيه بين الطرفين بحوالى 70ألف جندي بالإضافة لعشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين, أما عدد الأسرى من الطرفين فقد بحوالى 30000 أسير, ومئات الآلاف من اللاجئين والنازحين, وقد تم إنفاق ما يصل إلى 6 مليارات دولار أمريكي على هذه الحرب الحدودية, والآن لا زالت الأوضاع متوترة بين الطرفين ومرشحة للإنفجار مما يعني العودة إلي المربع الأول وهذا ليس فيه مصلحة للبلدين وسوف يؤثر سلبا على مجمل الأوضاع فى منطقة القرن الإفريقى,وفى السودان البلد الإفريقى الذى يمتلك أكبر مساحة في أفريقيا والعالم العربي سوف ينفصل الجنوب إلى غير رجعة فى إستفتاء 9 يناير 2011 في ظل تجاهل إفريقي تام لمآلات هذا الإنفصال الذى حتما سوف يؤجج النزعات الإنفصالية فى سائر الدول الإفريقية فيضيع أمل الإتحاد الإفريقى فى توحيد القارة الإفريقية وسط تعالى الأصوات الإنفصالية التى سوف يمهد لها إنفصال جنوب السودان الطريق لتحقيق مطالبها, أما أزمة دارفور المفتوحة منذ سنة 2003 ما زالت تتأرجح ما بين الحرب والسلم ,نتيجة للتدخلات الدولية والإقليمية فى أزمة هذا الإقليم الجريح الذى أصل مشكلته بين الراعى والزراعى بالإضافة لعدم تحقيق التنمية , هذه الأزمات فى السودان لن تكون حبيسة حدوده الجغرافية ولكنها سوف تتمدد منه لدول محيطه الإقليمى,أما فى كينيا فقد تعكرت الأجواء بعد إعلان فوزالرئيس "كيباكى" فى 30 ديسمبر 2007 بالإنتخابات الشىء الذى أدى إلى نزول مناصرى مرشح المعارضة "رايلا أودينكا" للتظاهر فى اليوم التالى لإعلان النتيجة ومن ثم أندلعت أعمال عنف راح ضحيتها حوالى أكثر من ألف شخص ونزوح حوالى 30 ألف شخص آخر وقام المتظاهرين بحرق الممتلكات التابعة لأنصار الحكومة فى نيفاشا وكيسومو وإلدوريت,وقد قام الإتحاد الإفريقى بمحاولة لإحتواء الأزمة ولكنه فشل إلا أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة "كوفى أنان" نجح فى جمع الطرفين وتم إنهاء الخلاف ولكن ليس هنالك من ضمان من عدم تجدد العنف مرة أخرى فى ظل عدم تحسين الإقتصاد وصياغة دستور يلبى كل مطامح الشعب الكينى.
أمافى الغرب الإفريقى نجد أن الصراع بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة المغاربية و الصحراوية و الساحلية قد أخذ أبعادا لا يتصورها إلا الضليعين بالجيوستراتيجية والصراع بالمنطقة,فالدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تحاول نسف الإستقرار فى منطقة الساحل الإفريقي فى إطار تنافس هذه القوى على الاستحواذ على مواردها لتحقيق أهداف جيواستراتيجية تعمل على تصاعد وتيرة الصراع بالمنطقة, وتتوجس الجزائر الآن من الإنتشار المكثف لأجهزة الأمن الغربية الأمريكية و الفرنسية,مما دفع الجزائر للقيام بإجراءات لمواجهة هذا الوضع الأمني لمراقبة الأوضاع بحدودها الجنوبية و اتخذت كل احتياطاتها أمام القوى الجديدة والتقليدية التي تريد الاستحواذ على منطقة الساحل الأفريقي ,مع العلم أن الجزائر هي اللاعب الوحيد بالمنطقة الذى له قدرات للحد من محاولات التوغل الغربي لأن مالي و النيجر و موريتانيا كلها دول تعتمد على الجزائر لحل أزماتها الداخلية,ولا زال الصراع بين المغرب وجبهة البوليساريو حول الصحراء الغربية قائم حتى الآن وليس فى تصورى أن يكون هنالك أى حل لهذا النزاع فى المستقبل القريب لتمسك المغرب وجبهة البوليساريو بموقفهما دون تقديم تنازلات,وفى نيجيريا لا زالت الصراعات الدينية تنفجر من وقت لآخر بين المسلمين والمسيحيين كما أن هنالك العديد من الحركات المسلحة التى تطالب بنصيبها من البترول النيجيرى وتقوم بعمليات من وقت لآخر لتعطيل عمليات تصدير البترول أو نهب الخام المتجه لموانى التصدير,هذا المشهد يوحى بأن الصراع فى نيجيريا سوف يزداد تعقيدا مالم تكون هنالك جهودا من أجل حلحلة المسائل الداخلية,كما أن الصراع الآن يتفجر فى ساحل العاج بعد الإنتخابات التى جرت هنالك بين الرئيس "لوران جباجبو" و"الحسن أوتارا" حيث شهدت ساحل العاج بعد يوم 28 نوفمبر 2011 م صراعات دامية بين أنصار أوتار وجباجبو أدت إلى مصرع حوالى 200 شخص ,الشىء الذى أدى لتوقع بعض الخبراء من تجدد الحرب الأهلية فى ساحل العاج,ويتوقع معظم الباحثين أن تكون منطقة غرب إفريقيا مرشحة للعديد من الصراعات القادمة نتيجة لإكتشاف إحتياطات نفطية ضخمة بها مما يؤدى لزيادة حدة التنافس الدولى على المنطقة الشىء الذى ربما يعمل على ترتيب الأمور فى المنطقة والذى حتما سوف يتعارض مع بعض مصالح حكومات المنطقة.
ولا تزال منطقة البحيرات الإفريقية تشتعل فيها الصراعات الدموية حتى الآن,فجمهورية الكنغو الديمقراطية على سبيل المثال منذ إستقلالها فى 30 يونيو من العام 1960 م وحتى اليوم لا زالت تتعرض للتدخلات الخارجية والإقليمية فى شؤونها الداخلية ولم تنعم بالإستقرار السياسى إلا لسنوات قليلة وبالرغم من أنها قطر إفريقى غنى بثرواته إلا أنها الآن تعيش على المعونات الإنسانية ويعيش معظم شعبها الذى يبلغ تعداده حوالى 54 مليون نسمة تحت طائلة الفقر أما ثرواتها فهى تنهب بإستمرار من قبل الغرب نتيجة لعدم قدرة الدولة لفرض سيادتها بالكامل على كل أراضيها,وبالرغم من توقف الحرب الأهلية فى عام 2001 م وفوز جوزيف كابيلا فى الإنتخابات الرئاسية وتوجه الدولة نحو الإستقرار السياسى إلا أنه فى العام 2006 م إنطلقت من إقليم كيفو فى الشمال حركة تمرد أطلق عليها إسم (المؤتمر الوطنى للدفاع عن الشعب) بزعامة "لوران نكوندا" رئيس أركان الجيش الكنغولى فى حكومة جوزيف كابيلا ذو الأصل التوستى والذى كان ينتمى (لحركة الجبهة الوطنية الرواندية) فى السابق,وبالرغم من محاولة الحكومة الكنغولية إحتواء التمرد وتوقيع عدة إتفاقيات مع "نيكوندا" لوقف إطلاق النار إلا إن الوضع تأزم بعد أن هدد "نيكوندا" بالزحف نحو كنشاسا نتيجة للدعم الإقليمى الذى يتلقاه, فإذدادت الأوضاع سؤا وأصبح الصراع هنالك يحمل بين طياته الصراع بين التوستى والهوتو,فرواندا ويوغندا يدعمان "نيكوندا" ذو الأصول التوستية ويتهمان الكنغو بتوفير قواعد إنطلاق فى الشمال اليوغندى لحركات الهوتو المتمردة مثل (حركة القوى الديمقراطية لتحرير رواندا) وحركة (أنتراهاموى) و(قوات مليشيا راستا),وتشير معظم التقارير الواردة من المنطقة أن الصراع بين الهوتو والتوستى سوف ينفجر من جديد وأن كل من رواندا ويوغندا يشاركان بقوات عسكرية من أجل فرض سيطرة التوستى على إقليم البحيرات,أما فى يوغندا فلا زال الشمال اليوغندى ملتهب منذ إستقلال يوغندا 1962م, ولا زال سكان الشمال اليوغندى يعانون من بطش الحكومة اليوغندية بهم,كما لازال جيش الرب اليوغندى المتمرد يقوم بعمليات متفرقة داخل يوغندا بل إنتقل نشاطه إلى جنوب السودان وجمهورية الكنغو ,وقد فشلت كل الجهود لتسوية الصراع بين جيش الرب والحكومة اليوغندية, وقد تزداد الأمور تعقيداً نتيجة لتدخل الولايات المتحدة فى الصراع بجانب الحكومة اليوغندية للقضاء على جيش الرب,وفى رواندا لا زالت آثار الصراع الدموى بين التوستى والهوتو على السلطة باقية حتى الآن ونتيجة لإرتباط كل فئة من القبيلتين بأطراف خارجية مثل دعم الفرنسيين للهوتو ومساندة الولايات المتحدة للتوتسى إندلعت الحرب الأهلية بين التوتسى والهوتو التى زادات من حدتها مصرع الرئيس الرواندى السابق "هايبا ريمانا" فى حادث تحطم طائرة فى 16 أبريل 1994 م, ولقى حوالى 80 ألف من التوتسى و 30 ألف من الهوتو مصرعهم فى مذابح دموية بين الطرفين,وبما أن الأزمة الرواندية إنتهت بإتفاق أروشا الموقع فى أغسطس من العام 1994 م والذى بموجبه تشكلت حكومة جديدة فى رواندا, إلا أن الصراع بين التوستى والهوتو لا زال كامنا ومرشح للإنفجار مرة أخرى وبالأخص من قبل الهوتو الذين يشكون من هضم حقوقهم وسيادة التوستى عليهم,أما بورندى بالرغم من سيطرة أقلية التوتسى على مقاليد الأمور فيها فلا زالت بوادر إنفجار الأوضاع فيها بين التوتسى والهوتو قائمة ومحتملة.
و فى الجنوب الإفريقى فقد توالت الضغوط على زمبابوى ورئيسها "روبرت موجابى" الذى نصب رئيسا تنفيذيا لزمبابوى منذ 31 ديسمبر من العام 1987 م, ومنذ قيامه بإصلاح الدستور فى عام 2000 م والذى أنشأ فيه لجنة لإعادة توزيع الأراضى المملوك معظمها للأقلية البيضاءكما نص الدستور أيضا بأن المزارعين البيض المنزوعة أراضيهم عليهم المطالبة بحقوقهم من المستعمر القديم (بريطانيا),هذا الإصلاح الدستورى الذى لم يصب فى خانة المصالح البريطانية والأمريكية دفع برطانيا والولايات المتحدة للقيام بحملة إعلامية كبرى من أجل إسقاط الرئيس "موغابى" ودعم منافسه "تسفانجيرى" ليتولى مقاليد الحكم فى زمبابوى ,ولا زالت زمبابوى تتعرض لضغوط إقتصادية من قبل الغرب بالرغم من مشاركة المعارضة فى الحكم, ولكن لا زال الغرب غير راضى عن سياسات "موغابى" نظرا لتعاونه مع الصين المنافس القوى للغرب على الموارد الإفريقية.
أما فى الشمال الإفريقى فمصر أصبحت تنفجر الأوضاع فيها اليوم تلو الآخر ,وأصبح الأقباط بالفعل يشكلون هاجسا أمنيا للحكومة المصرية وربما أن هنالك أيادى تعمل لتفجير هذا الوضع من أجل خلق واقع جديد فى المنطقة وممارسة المزيد من الضغوط على مصر لحملها لتقديم تنازلات فى ملفات أخرى ,وتفجر الوضع بين دول المنبع والمصب لا ينفصل عن تصاعد وتيرة أزمة الأقباط فى مصر وما يليها من أزمات أخرى قد تؤدى فى نهاية المطاف لتحجيم دور مصر الإقليمى فى المنطقة إن لم يتم تدارك الأمر.
من المؤكد أن حالة التخبط السياسي الإفريقيى، وليدة سياسات قديمة، تعود إلى ولادة دولة ما بعد الإستعمار وما أعقبها من فشل تنموي وسياسي ظل يكبر على الدوام نتيجة للعوامل الخارجية والنخب الحاكمة التى إرتبطت بالمستعمر وسياساته الإقتصادية التى تهدف دوما لإعادة إستعمار القارة الإفريقية،ولكن السؤال المطروح الآن أمامنا أنه إذا كانت أوضاع القارة الإفريقية على هذا القدر من التأزم والإشتعال فما هو المخرج؟ وما هى الخيارات المتاحة أمامنا لمنع هذا الإنفجار؟ فى إعتقادى لا توجد تصورات لمعالجة جميع هذه الأزمات في عالم السياسة فى آن واحد، خاصة في قارة أفريقيا المحاطة بكم هائل ومتلاحق من الإخفاقات والأزمات ,ولكن هنالك حلول يمكن أن تعمل على إنقاذ هذا الوضع الإفريقيى المأزوم تتمثل أولاً فى إتباع منهج التخلى عن وهم الأمن المحلي، أي تصور أن أمن أي من الدول الإفريقية يتم بمعزل عن الأخرى، ثانيا التحرك في اتجاه صياغة رؤية إفريقية مشتركة تضع على رأس أولوياتها التخفيف من الأزمات وإطفاء الحرائق الملتهبة فى القارة الإفريقية،وثالثاً تمتين نسيج المصالح والروابط الإفريقية, هذا الأمر يفرض مسؤوليات على الدول الإفريقية تتمثل فى إعادة ترميم الجسد الإفريقيى وإصلاح المجال السياسي الإفريقى المفكك لسد الفجوات التى تنفذ من خلاله القوى الدولية والإقليمية الطامحة فى تحقيق مصالحها القومية عبر إضعاف القارة الإفريقية ,إن الحقيقة الماثلة أمامنا الآن هى أن القارة الإفريقية أمام خيارين، إما التوجه نحو الإنهيار الجماعي لمكوناتها السياسية، وإما التوجه نحو إنقاذ القارة الإفريقية عبر مشاركة إفريقية واسعة من أجل ضمان أمن هذه القارة عبر الإنتقال من مفهوم الهوية القومية إلى الهوية القارية، ومن مفهوم الأمن المحلي إلى الأمن الإقليمي والأمن القارى وما هو أوسع من ذلك.
عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
باحث وخبير إستراتيجى فى شؤن القارة الإفريقية و متخصص فى شؤن القرن الأفريقى
E-mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.