لم تدر المسكينة بأنها آخر دعوة عشاء ستلبيها في الدنيا. وبعدها اختفت.. ظن الناس أنها هربت.. وكان الناس يهمسون لبعضهم. انها ربما هربت مع رجل اخر. وفي ذات مساء جاء أحد الصيادين بخبر وجود جثة طافية على النهر ولكنها ملفوفة ب (تمساح): وهي لفة ضخمة من القش تسمى «التمساح» باللغة النوبية. أسرع أهل القرية لاخراجها من النهر وكشف هويتها خاصة في ظروف اختفاء «ف» منذ أسبوع.. كانت الجثة منتفخة وبها تشوهات ربما من أثر جروح بآلة حادة.. اتصلت نقطة القرية ببوليس المركز الذي جاء باسعاف لنقل الجثة الى المشرحة ووفد من أهل المرأة المختفية «ف». ليعلن الطبيب بأن الجثة لشخص المختفية «ف». وانها قُتلت بعد تخديرها. وبدأت المباحث في تجميع الخيوط للوصول للجاني. أهلها أكدوا بأنها خرجت صوب منزل شقيق زوجها لتناول العشاء معهم قبل سفرها الى الخارج في اليوم التالي، شقيق زوجها وزوجته أكدا ايضاً بأنهما قدما دعوة عشاء للمرحومة ولكنها لم تأت في المواعيد وأثبت الواقعة سائق شقيق زوجها لتضيع الفرصة الأولى من تحت ايدي المباحث. مر شهران واستمر الغموض يكتنف القضية ليتفاجأ أهالي القرية بعربة الشرطة تقف أمام منزل «ن» شقيق زوج المرحومة «ف» ويقبض عليه وعلى زوجته وسائقه والكمساري الذي يعمل في عربته، وفي البداية استبعد شقيق زوجها وجود شبهة جنائية ومشاركته وأسرته في الجريمة، خاصة وان المرحومة لم تأت للعشاء، ولكن شهادة صاحب الكارو الذي حمل الجثة الى النهر جعل «ن» ينهار ويعترف بجريمة قتله لزوجة شقيقه بالاشتراك مع زوجته وسائق عربته اللوري والكمساري، وجاءت شهادة صاحب الكارو بعد شكه في ان التمساح الذي ذهبوا به الى النهر لم يكن قشاً فحسب خاصة بعد ان وجدت الجثة ملفوفة ب (التمساح) وانه كان لتمويهه، وجاء الاعتراف القضائي على لسان المتهم الأول «ن» الذي أقر بقتله لزوجة شقيقه بدافع الحقد بعد ارسال شقيقه لزوجته تصريح اقامة في السعودية لم يرسله له، وساعدته في تدبير الجريمة زوجته، ووجها لها الدعوة لتناول العشاء معهم قبل سفرها والذي كان من المقرر في اليوم التالي، وقدما لها عصيراً به مخدر، وبعد ان فقدت وعيها ضرباها حتى فارقت الحياة، وأسرعا في لفها في تمساح ورميها بمساعدة سائقه والكمساري اللذين كانا يعرفان سر الجريمة وحملاها على الكارو وطلبا من سائقه رمي التمساح بجوار النهر فنفذ صاحب الكارو دون ان يسألهما، وبعد غروب الشمس ذهب السائق والكمساري والقيا الجثة في النهر، وبعد استماع المحكمة لافادات المتهمين واعترافهم حكمت على المتهم الأول بالاعدام شنقاً وبالسجن (10) سنوات للمتهم الثاني زوجة القاتل، وثلاث سنوات لكل من السائق، والكمساري ورفض أهل الدم الدية وتمسكوا بالقصاص ليعدم القاتل أمام أخيه وأهل المرحومة الذين تنفسوا الصعداء بعد اعدام القاتل.