لماذا نَتَجَاهَل تصريحات قيادات عليا في الحركة الشعبية وفي حكومة الجنوب وفي الحكومة المركزية، التي تؤكد أن «90%» من أبناء الجنوب سيصوِّتون للإنفصال..؟ ألا تلاحظون أن كل القادة الجنوبيين الذين يشغلون وظائف عليا في الدولة والحكومة المركزية لا يمارسون أعمالاً إلاّ إذا كانت في شأن يخص الجنوب. انظروا لحركة الوزراء في الحكومة الإتحادية من أبناء الجنوب، بل وفي برامج واستقبالات السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول سلفا كير ميارديت. تبقت مائة وخمسة أيام على الإستفتاء ونحن نسير بلا نظر إلى ترتيبات الوحدة الجاذبة وهم يسيرون ببصر وتبصر في ترتيبات الإنفصال الحقيقي. العديد من الإعلانات الصحفية تنشر وتعلن عن وظائف شاغرة في الحكومة الإتحادية والشركات القومية عن وظائف شاغرة لأبناء الجنوب، وليس من وقت حتى تكتمل هذه العملية، التي لم يعد لها من عمر في مناخ الإنفصال الذي أسّسته الحركة الشعبية وحكومة الجنوب. مائة وستة أيام لا تكفي للإستيعاب في هذه الوظائف، أنها تحتاج لأيام حتى تنتهي الحملة الصحفية وأيام ليتقدم المتقدمون ثم تنعقد اللجان وتختار من المرشحين ومن بعد ترسل الكشوفات لجهات التعيين ويبدأ التسكين في الوظائف. مهما بلغت سرعة اللجان والمؤسسات، فإنّ غاية ما يمكن أن تبلغه قبل الإستفتاء أن تختار المرشحين أو تصدر خطابات التعيين وتكون عندها خطابات لتعيين أجانب. وفروا الجهد والمال والزمن وأخرجوا من الخداع والأوهام أخروا هذه الإجراءات حتى ينجلي الأمر القريب المبشر به من قبل قادة الجنوب. كثير من أبناء الجنوب توجهوا إلى مكاتب وزارة الداخلية لإستخراج الجنسية وغيرها من الأوراق الثبوتية وهم لا يدركون أن هذا العمل لن يفيد. المواطنة في الدولة الجديدة في السودان الشمالي ستكون بالإنتماء الإثني وأيما مواطن في السودان بعد الإنفصال أصوله أو ينتمي لأبوين أو والده من جنوب السودان سيصبح من أبناء الجنوب ولن يكون مواطناً في الشمال حتى إذا صوّت للوحدة وامتلك جنسية وجوازاً و بطاقة شخصية وجواز سفر أو كان مولوداً هو أو حتى والديه في الشمال. الخيار الأوحد أمام أبناء الجنوب في الشمال أن يعملوا لتحقيق الوحدة إذا أرادوا التمتع بالجنسية الحالية عليهم أن يجتهدوا وسط أهلهم في الشمال والجنوب لتحقيق الوحدة وهذا هو طريقهم الوحيد للجنسية في الدولة السودانية الشمالية. أما أهلنا في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق فعليهم أن يعلموا أن المشورة الشعبية ما هي إلاّ مماطلة من الحركة الشعبية ومحاولة منها للإعتذار لهم بأنها تخَلّت عنهم في مرحلة السلام بعد أن كانوا عوناً لها في مرحلة الحرب. المشورة الشعبية لن تنتج لهم نظام حكم يختلف عن بقية السودان الشمالي ولن تضمهم للجنوب ولن تفرد لهم دستوراً ولائياً ولا قوانين مختلفة. أبناء النيل الأزرق الذين قاتلوا في أوحال أعالي النيل.. وأبناء النوبة الذين حملوا صناديق الذخيرة في قتال الجنوب، باعتهم الحركة الشعبية كما باعت قطاع الشمال في البيعة الكبرى التي باعت بها مشروع السودان الجديد لا سودان جديد.. إما سودانيون في دولتين وإما السودان الذي نعرف اليوم. السودان الجديد سودان الوهم سيكون عند سلفا وباقان..أما سوداننا فهو باق في الخرطوم والشمال. لا عزاء لكم في الجنوب والحركة الشعبية إذا قرروا الإنفصال، ويبقى عندكم باب السودان الكبير وأرضه البكر مواطنين أكارم شرفاء أصلاء في بلدهم لهم كل الحقوق وعليهم ما على أبناء الوطن من واجبات.